“المؤثرين” قادة الرأي العام الجدد

الرئيسية مقالات
محمد خلفان الصوافي : كاتب إماراتي
“المؤثرين” قادة الرأي العام الجدد

 

“المؤثرين” قادة الرأي العام الجدد

 

 

 

 

 

الإعلام وأدائه في العالم كله لا يمكن أن يستمر بوتيرته الحالية حتى لو أراد ذلك نتيجة للمطالب الداعية لتطوير دوره ومواكبة الثورة الإعلامية دول بعد دخول “المؤثرين” الذين يقودون الرأي العام وبعد تنوع تطبيقات نشر الأخبار وسرعة تداولها.

التحدي الأساسي للإعلام في وقتنا ينقسم إلى تحديين اثنين. التحدي الأول: أن مصادر الحصول على المعلومة قسمت شرائح المجتمع. اهتمام كل وسيلة وفق الأعمار. فحسب تقرير لمعهد رويترز لدراسة الصحافة نشر مؤخراً وتم مناقشته في العديد من وسائل الإعلام العالمية؛ أن 22% فقط من الجمهور يفضل الحصول على الأخبار من المصادر التقليدية في حين أن الفئات العمرية الأصغر سناً تفضل الاطلاع على الأخبار من خلال وسائل الإعلام الاجتماعي حيث يقوم المؤثرين بتجميعها وإعادة نشرها وفي كثير من الأحيان صياغتها وبالتأكيد فإن إعادة صياغتها ستكون بما تتناسب وفكره وقناعاته.

عينة التقرير ركزت على المجتمعات الغربية ولكن بعض القنوات العربية التي أجرت مقابلات ميدانية من مجتمعات عربية مختلفة للتعليق على ما جاء في تقرير رويترز وتقريباً هناك اتفاق في متغير العمر.

التحدي الثاني: وربما هذا التحدي أغلبه في إقليمنا العربي والخليجي تحديداً حيث بدأ التأكيد بقوة على ضرورة تطوير آليات العمل الإعلامي الوطني وقد انتشر مؤخراً بعض الأصوات تطالب الحكومات الخليجية بالاهتمام بالإعلاميين الخليجيين عموماً. من منطلق أن الحروب الموجهة إلى هذه المنطقة إعلامية وتمس تفاصيل المجتمع لخلخلة قيمه الأصيلة وهو ما يتطلب معه التركيز على الإعلام المعلوماتي الذي يستطيع أن يواجه بقوة على الهجوم القادم. وكذلك، لأن الإعلامي الوطني كشخص هو الأقدر والأنسب على إدارة المعارك الإعلامية بل إن رسالته ستكون الأكثر صدقاً وقبولاً لهذا فإيجاد إعلامي متخصص في كل مجال من المجالات الحياتية أمر آخر مهم وضروري.

الملفت أن هذا القطاع الإعلامي هو الوحيد الأكثر اتفاقاً في أراء الناس بأنه بحاجة إلى تطوير ربما أنه القطاع الذي يتعامل الناس معه بشكل يومي ووقتي ولكنه في الوقت نفسه لأهميته للناس وللحكومات فهو إلى حد قريب كان يُسمى بالسلطة الرابعة نتيجة لما يمارسه من دور رقابي خاصة الإعلام الاستقصائي ولكن اليوم وفي ظل حالة الانتشاء إلى درجة الانفلات يكاد يكون السلطة الأولى لأنه في حالة انتشار أو تسرب معلومة إعلامية خاطئة فإن تأثيرها المجتمعي كبير ومن هنا صار الدعوات تصب نحو تجديد الرسالة الإعلامية الوطنية بما يتوافق وحداثة التحديات، كما أن التجديد لا بد يشمل المحتوى بما يتواكب والفئات العمرية لأنها الأغلبية والأكثر فعالية في المجتمع، كما أن اختيار الوسيلة الإعلامية أو مواكبة الجديد فيها هو أمر في غاية الأهمية وإلا سيبقى الحال على ما هو عليه.

الإعلام الرسمي العربي والخليجي بشكل أخص حتى الآن هو الأكثر موضوعية ومصداقية وربما هذا يرجع إلى أن الحكومات تدرك أبعاد تأثير المعلومة ولذلك تتبع الشفافية والوضوح مع الرصد المتواصل لما ينشر عنها وقد نجح الإعلام الخليجي في أكثر من تحد من السيطرة على الوضع إلا الأمر يحتاج إلى المحافظة عليه وتطوير بشكل مستمر.

لكن التأثير الإعلامي هو الجانب الأكثر تركيزاً اليوم بل إن التقديرات الإيجابية والسلبية أو أهمية الخبر (في نظر البعض) يمكن تأجيلها من منطلق تأثير انتشار الأخبار الكاذبة والمعلومات المضللة كبير جداً. فانتشار خبر واحد مفبرك من شخص مؤثر قد يكون إلى نتائج كارثية فأراء المؤثرين الذي لديهم أعداد كبيرة من المتابعين يدفع إلى تداولها بشكل كبير ويكون الخطر أكبر عندما يكون المؤثر خارج الدولة وبالتالي فالاستعداد لهكذا سيناريو بات أمر مهم وبالتالي يكون الحديث عن وجود شخصية إعلامية ذات تأثير كبير في قطاع أمر لا يقل أهمية عن الأسلحة الدفاعية عالية القدرة.

ربما قائل إن التطبيقات الإعلامية أو وسائل التواصل الاجتماعي لديها رقابة للمحتوى المنشور إلا أن التجارب وضحت أن المسألة نسبية أو تقديرية وفق للثقافة المجتمعية لكل دولة ووفق البعد الاقتصادي أو المالي يعني أن بعض ما ينشره المؤثرون لا يتوافق وقيمنا ولكن لا يتم منعه والسبب معيار الرقابة وهنا يأتي أهمية دور صناعة المؤثر الوطني الذي كان يطلق عليه في السابق قادة الرأي العام.