“الأمومة والطفولة” ينظم جلسة حوارية عن متلازمة “بيبي بلوز”

الإمارات

 

 

 

 

أكد مشاركون في جلسة حوارية بعنوان “الصحة النفسية للأم ما بعد الولادة” أهمية الوعي بالحالة النفسية للمرأة بعد الولادة ومتابعتها بشكل دقيق وتقديم الدعم اللازم والكافي لها من جميع الأطراف المعنية بما يضمن سلامتها وسلامة مولودها ويجنبهما أية أثار سلبية قد تنجم عن تعرضها لمتلازمة الاكتئاب الذي تصاب به الكثير من النساء حول العالم في هذه المرحلة الحساسة.

ودعت الجلسة التي نظمها المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، في إطار البرنامج التمهيدي لمنتدى فاطمة بنت مبارك للامومة والطفولة حول الصحة النفسية للأم والطفل واليافع والأسرة، الذي ستعقد فعالياته في أبوظبي يوم 10 أكتوبر المقبل، واستضافها مجلس المرحوم ماجد خلفان بن ثنية في دبي.. إلى إيلاء الجانب النفسي للأم في مرحلة الولادة وما بعدها الاهتمام الكافي وبما يوازي الاهتمام بصحتها الجسدية، خصوصا وأن انعكاسات وتبعات وخطورة هذا الجانب قد تتعدى أثار الأمراض الفسيولوجية.

وأدارت الجلسة الحوارية، الدكتورة حصة المزروعي، المدير الطبي لشؤون المرضى ومدير برنامج الامتياز في مدينة الشيخ شخبوط الطبية، بحضور معالي حصة بوحميد، مدير عام هيئة تنمية المجتمع في دبي، وسعادة مريم ماجد بن ثنية النائب الثاني لرئيس المجلس الوطني الاتحادي، وحشد من الأهالي والمهتمين.

ووجهت الدكتورة حصة المزروعي في بداية الجلسة الشكر والتقدير إلى سعادة الريم بنت عبدالله الفلاسي الأمين العام للمجلس الأعلى للأمومة والطفولة، على دعمها ومتابعتها للفعاليات المختلفة التي تنظم في إطار التحضير للمنتدى وإلى الحضور جميعا على اهتمامهم بموضوع الحوار الذي يستهدف نشر المعرفة والوعي لدى فئات المجتمع كافة حول أهمية الصحة النفسية للام ومدى انعكاس ذلك على استقرار المجتمع وسعادته وتوفير البيئة الأمثل لتنشئة الأبناء ورعايتهم.

وتحدثت في الجلسة، الدكتورة منى تهلك، استشارية أمراض النساء والولادة والمديرة التنفيذية لمستشفى لطيفة للنساء والأطفال ورئيسة الاتحاد الدولي للمستشفيات، التي أكدت أهمية هذا الحوار في زيادة الوعي المجتمعي حول حالات اكتئاب ما بعد الولادة وتمكين أفراد المجتمع من التمييز ما بين مسألة التعب والإرهاق الذي تشعر به الأم في هذه المرحلة وتداعياته الجسمانية، والإرهاصات والأثار النفسية التي قد تنجم عن تعرض المرأة لحالة اكتئاب نفسي قد تتطور في حالة عدم إيلائها الاهتمام اللازم والرعاية المناسبة إلى مرض خطير قد يهدد سلامة الأم وطفلها.

وقالت إن الأم قد تتعرض خلال المراحل الأولى بعد وضع وليدها إلى أعراض نفسية بسيطة يمكن أن تتطور لاحقا إلى وضع الاكتئاب الذي يقود إذا لم تتم متابعته وعلاجه إلى حالة أخطر قد تسعى فيها إلى إلحاق الأذى بنفسها أو بطفلها وهو ما يطلق عليه في المفاهيم الطبية العلمية “بيبي بلوز”، موضحة أن العوامل المسببة لحالة الاكتئاب الأولية متعددة ومتشعبة من أهمها تراجع الهرمونات التي يفرزها الجسم خلال مرحلة الحمل والتي عادة ما تسهم في شعورها بالسعادة وانخفاض معدلاتها بشكل حاد خلال فترة قصيرة لا تتجاوز عدة أيام، الأمر الذي يحدث نقصا في هذه الهرمونات تظهر أثاره بشكل واضح على الأم.

وأوضحت الدكتورة تهلك، أن الاكتئاب البسيط والمحدود الذي ينتاب الأم بعد الولادة يصاحبها عادة لمدة لا تتجاوز أسبوعين في حدها الأقصى، منبهة إلى أن عوامل الاخطار تبدأ في حال استمرار أعراضه وتطورها والتي تظهر في شكل فقدان الشهية وانخفاض أو زيادة ملحوظين في الوزن، بجانب الأرق وصعوبات النوم والميل إلى الانعزال وعدم مخالطة الناس وهي حالة قد تمتد وتلازمها ما لم تتم معالجتها إلى سنة أو تزيد، تتطور خلالها لتدفعها إلى تخيل أمور غير واقعية وسلوكيات قد تتسم بالعدوانية والتطرف في بعض الأحيان.

ودعت الدكتورة منى تهلك الأهالي والأسر إلى عدم تجاهل مثل هذه الأعراض أو محاولة إنكارها، والتعامل معها بمنتهى الجدية والاهتمام للحد من تدهور حالة الأم ومراجعة الجهات الصحية والطبية المعنية والمتخصصة لتقديم الدعم اللازم الذي يضمن تعافيها بشكل تام.

وأشارت إلى أن العوامل التي تزيد من قابلية الأم للتعرض إلى إكتئاب ما بعد الولادة تتلخص في وجود تاريخ مرضي نفسي لديها قبل الزواج أو قبل الحمل، وتوقفها عن تناول الأدوية في حالة وجود هذا التاريخ خوفا على جنينها، محذرة في هذا المجال من مثل هذا التوقف الذي قد يقود إلى تدهور حالتها النفسية، مؤكدة وجود بدائل علاجية آمنة لا تؤثر على صحة الجنين وسلامته، وكذلك وجود سجل مرضي في العائلة التي تنتمي لها الأم، فضلا عن ضغوط الحمل أو ظهور مشكلات طبية لدى الجنين قد تهدد سلامته أو ولادته بشكل طبيعي.

وبالنسبة للإجراءات التي يعتمد عليها المختصون في مجال طب الأمراض النسائية والولادة في تشخيص حالات الاكتئاب لدى النساء في مرحلة الحمل وما بعد الولادة، بشكل مبكر قالت : هناك أسئلة محددة ومقاييس علمية عالمية معتمدة في هذا المجال، وبروتوكول يتم اتباعه لاكتشاف وتشخيص مثل هذه الحالات، يتيح للطبيب اكتشاف وتحديد المرحلة التي وصلت إليها الحالة، وذلك خلال مراحل مراجعة الأم لعيادته قبل الولادة وبعدها، يتم وفق نتائجها اتخاذ الإجراءات العلاجية التي تناسب الحالة ومن بينها الاستعانة بالطب النفسي للوصول إلى النتائج المرغوبة.

وبدورها تحدثت مجد النعيمي، أخصائية نفسية في مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال، حول دور المؤسسة في مجال التعامل مع حالات اكتئاب ما بعد الولادة والتوعية بها، وقالت إن هذا الدور يشمل تقديم خدمات العلاج والحماية والدعم الفوري للنساء والأطفال كذلك، بما يشمل الجوانب النفسية والاجتماعية والاستشارات القانونية.

وقالت إن هذه الحالات تظهر في بعض الأحيان، في شكل رغبة الأم بالتخلص من الطفل وعدم الاحتفاظ به، وإهماله وتعنيفه، وهو ما ينعكس على الأطفال سواء المولود أو إشقائه في حالة وجودهم، من حيث صحتهم الجسدية وسلوكياتهم ونظافتهم وتعليمهم وغير ذلك من جوانب حياتهم المختلفة.

وحول تشخيص حالات اكتئاب ما بعد الولادة، أوضحت النعيمي، أن المؤسسة تقوم بتقييم الحالة في حالة وجود أعراض قلق وعدم توازن وميول نحو الانطواء، ومن ثم إحالتها إلى الطب النفسي لمباشرة الإجراءات العلاجية للأم والأطفال على حد سواء، بما في ذلك إعادة بناء شخصية الطفل باتباع الأساليب العلاجية الحديثة والمتطورة ومن بينها العلاج باستخدام الحيوانات وتدريبهم على الرفق والاعتناء بها.

ودعت السيدات اللاتي في مرحلة الحمل وكذلك حديثات الولادة، إلى التواصل مع المؤسسة والاستفادة من خدماتها وعدم التردد في عرض أية مشكلات أو سلبيات قد يشعرن بها والتي تعامل بسرية مطلقة، وكذلك المتزوجات حديثا للحصول على التوعية في مجال الحياة الزوجية ومتطلباتها، وبشأن كيفة اهتمام الحامل بجنينها وبنفسها وصحتها الجسدية والنفسية، رعاية طفلها بعد الولادة.

وبيّنت النعيمي، أن المؤسسة تنظم حملات توعوية دورية في هذا المجال، من خلال المدارس والمؤسسات المجتمعية المختلفة، فضلا عن ما تنشره من دوريات في هذا المجال عبر موقعها الإلكتروني ومن خلال صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي.

وأوضحت حول إجراءات التعامل مع حالات إكتئاب ما بعد الولادة، أن علاج هذه الحالات يمر بمراحل عدة، تبدأ بالعلاج السلوكي المعرفي لتخليص الأم من حالة الخوف والقلق والأفكار السلبية التي قد تنتابها، ثم العلاج بين الأشخاص وهي مرحلة تعتمد بشكل كبير على دور الأسرة والبيئة المحيطة وفي المقدمة منه الزوج، يلي ذلك جلسات العلاج النفسي والعلاج باستخدام الحيوانات وهي مرحلة مهمة وفاعلة وتؤتي نتائج متميزة، ثم متابعة الحالة حتى التعافي التام بالتواصل مع المريضة نفسها، أو مع أهلها وأسرتها، وكذلك القيام بزيارات منزلية لها في حالة عدم رغبتها في مراجعة المنشأة الطبية أو عدم قدرتها على المتابعة بشكل دوري مع المختصين في المؤسسة.وام


تعليقات الموقع