الملمح الأبرز في الحكومة الروسية الجديدة هو إبعاد "سيرغي شويغو" من منصب وزير الدفاع

دلالات التشكيل الحكومي الجديد في روسيا

الرئيسية مقالات
مركز تريندز للبحوث والاستشارات

اتجاهات مستقبلية

دلالات التشكيل الحكومي الجديد في روسيا

 

 

 

في السابع من مايو الجاري تولى الرئيس فلاديمير بوتين منصبه رسميًّا لولاية جديدة، لتستقيل الحكومة القديمة على الفور بموجب القانون الروسي الذي استُحدث بموجب تعديل الدستور في عام 2020، وتواصل عملها بالنيابة حتى يوافق مجلس الدوما على الحكومة الجديدة.

وتتمايز آلية تشكيل الحكومة الروسية وفقًا للتعديل الأخير ضمن مسارين؛ أولهما مسار ترشيحات الرئيس المُزدوج، إذ يقوم بترشيح رئيس الوزراء كمرحلة أولى، وعند الموافقة عليه من قبل مجلس الدوما، تأتي ترشيحات المرحلة الثانية لما يُعرف باسم ترشيحات “وزراء مجموعة السيادة” وتشمل “الدفاع، والداخلية، والعدل، ووزارة الطوارئ، ووزارة الخارجية”، ومسار ترشيحات نواب رئيس الوزراء وباقي الوزراء، التي تتطلب موافقة مجلس الدوما على الترشيحات كافة بصرف النظر عن مسارها.

وبناء على ذلك، وقّع الرئيس بوتين مرسومًا رئاسيًّا بالموافقة على تشكيل الحكومة الجديدة الذي قدمه رئيس الوزراء المُعاد تعيينه “ميخائيل ميشوستين”، وهي المرة الأولى التي تُشكّل فيها الحكومة وفقًا للأنظمة الدستورية والقانونية المقررة في عام 2020، هذا وتتشكل الحكومة الجديدة من نائب أول لرئيس الوزراء على رأس تسعة نواب آخرين له، وإحدى وعشرين حقيبة وزارية، وهو العدد ذاته في الحكومة المستقيلة، ولا تُعد الضوابط الإجرائية المستحدثة خاصة في حالة رفض مجلس الدوما الترشيحاتِ الوزارية هي الملمح الأهم في هذا الشأن، ولكن التغير النوعي المؤثر في درجته، والمحدود في نطاقه في التشكيل الحكومي، ودلالاته السياسية والعسكرية في ضوء استمرار الأزمة الأوكرانية.

يُعدّ الملمح الأبرز في الحكومة الروسية الجديدة هو إبعاد “سيرغي شويغو” من منصب وزير الدفاع، وهو المنصب الذي تولاه في نوفمبر 2012 بعد أن تولى منصب وزير حالات الطوارئ منذ يناير 1994 وحتى مايو 2012، ليُعّين سكرتيرًا لمجلس الأمن القومي الروسي.

وقد أثار تعيين “أندريه بيلوسوف” النائب الأول لرئيس الوزراء في الحكومة المستقيلة وزيرًا للدفاع؛ تساؤلات عديدة بشأن خلفيته المدنية وتخصصه المهني؛ خاصة في ضوء ما ورد في بيان المتحدث باسم الكرملين “ديمتري بيسكوف” في مؤتمر صحفي عبر الهاتف الأحد 12 مايو، من تأكيده على “الابتكار” بقوله “اليوم في ساحة المعركة، الفائز هو من كان أكثر انفتاحًا على الابتكار، ومن ثَمّ فإنه من الطبيعي أن يقرر الرئيس في المرحلة الحالية أن يرأس وزارة الدفاع مدني”.

ولعل أهم دلالات هذا التغيير هو التأكيد الروسي اتساقَ اختيار وزير مدني مع المرحلة الراهنة من “معركة” أوكرانيا، وذلك على الرغم من كون “سيرغي شيوغو” ذاته؛ وإن حمل رتبة عسكرية وخدم طويلًا في فِرق الطوارئ والكوارث، فإنه لم يتخرج في كلية عسكرية؛ وإنما تخرج في تخصص الهندسة المدنية من معهد كراسينويارسك للفنون التطبيقية في عام 1977.

وبناء على ذلك، فإن الدلالة الأهم في التغيير الأخير هو الخلفية التعليمية والمهنية لوزير الدفاع الجديد نسل عائلة اقتصادية شهيرة، والذي درس الاقتصاد وشغل مناصب اقتصادية محلية ودولية منها: المدير الروسي بالبنك الأوروبي للإنشاء والتعمير، ونائب مدير عن روسيا بالبنك الدولي للإنشاء والتعمير.

وفي ضوء ارتفاع الإنفاق العسكري الروسي إلى مستوى قياسي بلغ 6.7% مقتربًا من المستوى القياسي الأعلى في منتصف الثمانينيات البالغ 7.4%، تتكشف حاجة روسيا إلى ترشيد الإنفاق العسكري للعمليات العسكرية الممتدة في أوكرانيا، ليُعدّ اعترافًا ضمنيًّا بعدم القدرة على حسم الأزمة في أوكرانيا قريبًا، وإعادة ترتيب الأوراق لإدارة الخسائر الاقتصادية المستمرة والمتفاقمة للمعارك في أوكرانيا.


تعليقات الموقع