أول قمة خليجية-أوروبية

الرئيسية مقالات
محمد خلفان الصوافي

 

القمة الخليجية- الأوروبية التي تُعقد اليوم الأربعاء في العاصمة البلجيكية بروكسل على مستوى رؤساء الدول والحكومات ويترأسها من الجانب الخليجي صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر، إنما هي محطة خليجية جديدة تكشف عن مدى مستوى النضج السياسي الخليجي الذي له العمل التعاوني بين هذه الدول والذي تراكم على مدى أكثر من أربعة عقود؛ حيث تم تأسيس مجلس التعاون لدول الخليجي العربي في 25 مايو عام 1981 في العاصمة الإماراتية أبوظبي.

النقطة الجديدة التي ينطلق منها “المجلس الخليجي” يؤكد صلابة هذا الكيان بعد أن مر بعدة اختبارات استراتيجية، وصدامات، ولكن استطاع أن يقف أمامها واليوم هو يتحرك بخطوات ثابتة أكدت صحة رؤية قادته المؤسسون وحكمتهم بأن البيت الخليجي متماسك.

من شأن الانتقال الخليجي ككتلة سياسية موحدة للعمل مع الإقليم الأوروبي بعد مرور أكثر من ثلاثين عاماً على تأسيس العلاقات بينهما حيث دشنت العلاقات بين الكتلة الأوروبية والخليجية في العام 1989، أن يعزز التعاون المشترك بين الكيانين الإقليميين الأنشط سياسياً واقتصاديا في العالم. خاصة أن هذه القمة ستناقش قضايا أمنية وقضايا سياسية مع التركيز على ما يحدث في منطقة الشرق الأوسط وفي مقدمتها حرب غزة والاعتداء على لبنان كما ستكون على الطاولة قضايا اقتصادية واستثمارية وهو ما يفتح آفاقا أوسع ليس فقط للنقاش حول تلك القضايا وإنما أيضا لتوحيد الرؤية بين الكيانين أو الكتلتين الجغرافيتين.

يبدو للمراقب أن هناك أساس أو إطار نظري لنوعية جديدة من العمل أو المقاربات الدولية في تحقيق الاستقرار والأمن الدوليين سترسخه الدبلوماسية الخليجية والأوروبية وهو العمل وفق الأقاليم، وهذا أحد الأطروحات التي تتبناها الأمم المتحدة بعد أن زادت الأعباء عليها.

وعليه فإذا كانت الدول الخليجية تنطلق من كونها الشريك الاستراتيجي الإقليمي الأقدم لأوروبا، حيث تعود العلاقات الشراكة الخليجية-الأوروبية إلى العام 1987 فإن الحضور الأوروبي الاستراتيجي في قضايا المنطقة قوي كما هو قديم. فلأوروبا أدوار تاريخية مهمة سواءً في لبنان أو ليبيا أو اليمن، وحتى في الأزمة الإيرانية- الغربية. وبالتالي مجيء هذه القمة في هذه اللحظة التي يتصاعد فيه الدور الدبلوماسي الخليجي سينعكس إيجاباً على الجميع، بل هي حاجة عالمية في تهدئة المنطقة التي لا يعرف أحداً إلى أين تسير في ظل تعنت حكومة نتنياهو.

القمة الخليجية-الأوروبية هي باكورة أعمال الشراكة الاستراتيجية بينهما التي أعلنت في مايو عام 2022 وبالتالي من المتوقع أن نشهد مجموعة من أشكال التعاون الثنائي بينهما لسبب بسيط وهو أن هذين التكتلين السياسيين هما الأنجح على مستوى العالم من حيث الاستمرارية في العمل الثنائي، ومن حيث التركيز على الاهتمام بشعوبها ومواطنيها، وكذلك من حيث التفاهم والالتزام بين أعضائه بالعمل التعاوني لمصلحة الجميع. وهما كذلك الأكثر تركيزاً على الجوانب الدبلوماسية والحوار والتفاوض كأسلوب في معالجة الخلافات بين الدول وعليه المتوقع هو: تعزيز المقاربة الخليجية في التعامل مع باقي دول العالم خاصة وأن هناك أرضية خليجية مشتركة بدأت تتشكل من خلال عدد من اللقاءات الخليجية مع تكتلات إقليمية أخرى في العالم.

وفق ذلك، تُعد هذه القمة واحدة من الآليات الجديدة التي بدأت دول مجلس التعاون الخليجي تفعيلها مع شركائها الدوليين لترسيخ رؤيتها العالمية في الحفاظ على الأمن والاستقرار الدوليين. فهناك اعتقاد بين الاستراتيجيين في العالم بأن الخليجيين لديهم رؤيتهم العالمية في استقرار العالم منطقه التركيز على الجوانب الاقتصادية التعاونية لأنها الحل الوحيد لكل الأزمات.

 

 

 

 


تعليقات الموقع