وفقاً للتقديرات الدولية الرسمية، فإن إعادة إعمار أوكرانيا بعد الحرب مع روسيا سوف تستغرق وقتًا طويلًا، وتتطلب استثمارات ضخمة

اتجاهات مستقبلية

الرئيسية مقالات
مركز تريندز للبحوث والاستشارات

اتجاهات مستقبلية
هل يكون عام 2025 عام انتهاء الأزمة الأوكرانية؟

 

 

اندلعت الحرب في أوكرانيا في فبراير 2022، عندما بدأت روسيا عملية عسكرية واسعة النطاق، وغير مسبوقة منذ عقود، على الأراضي الأوكرانية. ومع اقتراب دخول الحرب عامها الرابع، اتسعت الخسائر المباشرة وغير المباشرة للحرب من كلا الجانبين.
اقتصاديًّا، تحملت أوكرانيا خسائر مباشرة تجاوزت 150 مليار دولار نتيجة تدمير المدن والمرافق العامة وتعطل النشاط الاقتصادي. وعلى الجانب الروسي، فرضت العقوبات الغربية أعباء ثقيلة على الاقتصاد، إذ يُقَدَّر أنها أدت إلى خسائر بمليارات الدولارات سنويًّا في قطاع الطاقة وحده، مما أثر على عائدات النفط والغاز التي تشكل جزءًا كبيرًا من الإيرادات الروسية.
ووفقًا للتقديرات الدولية الرسمية، فإن إعادة إعمار أوكرانيا بعد الحرب مع روسيا سوف تستغرق وقتًا طويلًا، وتتطلب استثمارات ضخمة؛ إذ قد يستغرق الأمر حوالي 10 إلى 20 عامًا لإعادة إعمار البنية التحتية في أوكرانيا بشكل كامل. ففي عام 2022، وتحديدًا في سبتمبر، وفقًا لتقديرات البنك الدولي، كانت تكلفة إعادة إعمار أوكرانيا تبلغ حوالي 349 مليار دولار أمريكي، فيما قدرت لجنة من الخبراء الدوليين أن تكلفة إعادة الإعمار قد تتراوح بين 350 إلى 750 مليار دولار أمريكي، مع التركيز على إعادة بناء البنية التحتية الحيوية، مثل الطرق والجسور والمنازل والمرافق العامة. غير أن هذه التقديرات باتت تختلف كلية بعد استمرار الاستنزاف المتبادل للطرفين؛ إذ تختلف التقديرات بناءً على تطور الوضع السياسي والاقتصادي في أوكرانيا، وكذلك على التعاون الدولي والمساعدات المالية التي يمكن أن تقدمها الدول والمنظمات الدولية، والتوقيت المحتمل لانتهاء الحرب.
ومع دخول الحرب عامها الثالث، واقتراب عام 2025، تتزايد التكهنات حول فرص التوصل إلى تسوية سياسية. فالتطورات الأخيرة، بما في ذلك التغيُّرات في القيادة السياسية العالمية، قد تلعب دورًا مهمًّا؛ لاسيّما أن عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض قد تؤدي إلى تغيُّرات في النهج الأمريكي تجاه النزاع، مع توقعات بالتركيز على المفاوضات الثنائية وتخفيف الدعم العسكري لأوكرانيا، مما قد يفتح المجال أمام تهدئة الصراع. وفي الوقت نفسه، فإن النفوذ الروسي في الشرق الأوسط أخذ يتراجع بعد سقوط نظام الأسد في سوريا، مما يضعف قدرتها على استخدام تلك المنطقة كأداة ضغط دولية.
وعلى مستوى الجهود الدولية لحل النزاع فقد شهدت محاولات متكررة، منها قيام كل من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي بمواصلة الضغط لإحياء المفاوضات، بينما تسعى دول مثل تركيا والصين والإمارات إلى لعب دور الوسيط. في هذا السياق، أكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أن الأولوية يجب أن تكون لوقف إطلاق النار، وبدء حوار جاد يعتمد على مبادئ القانون الدولي واحترام السيادة الوطنية.
إن التداعيات الاقتصادية العالمية للحرب، بما في ذلك أزمة الطاقة وارتفاع أسعار الغذاء، دفعت الدول الأوروبية إلى تسريع خططها للتخلص من الاعتماد على النفط والغاز الروسيين، مما قد يعيد تشكيل المشهد الاقتصادي والجيوسياسي على المدى البعيد.
في النهاية يبقى تحقيق السلام في أوكرانيا بحلول عام 2025 تحديًا كبيرًا، لكنه ليس مستحيلًا. بيد أن تحقيق هذا الهدف يتطلب إرادة حقيقية من الأطراف المتنازعة، بالإضافة إلى دعم دولي جاد، يضمن خلق صيغة للتوازن، تلبي مصالح الجميع، وتُنهي واحدة من أكبر المآسي الإنسانية في العصر الحديث.


تعليقات الموقع