اتجاهات مستقبلية
الهدنة التجارية الصينية – الأمريكية: تهدئة للتوترات أم تحوّل هيكليّ في العلاقات
تتنفس الأسواق الدولية الصعداء إثر اتفاق القوتين الدوليتين الرئيسيتين، الولايات المتحدة والصين، على إرجاء قيود الصادرات والبحث عن آليات جديدة للتعامل مع ملفات اقتصادية كادت توقد الحرب التجارية بين الاقتصادين الأكبر بالعالم، وكأننا في مرحلة هدنة قد يأتي بعدها آمال تنعش التعاون والشراكة والعولمة على حساب الانعزالية.
وقد توصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ونظيره الصيني شي جين بينغ، في مدينة بوسان بكوريا الجنوبية، بعد محادثات على هامش قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي “أبيك”، إلى اتفاق لتمديد الهدنة التجارية لمدة عام آخر، إذ تُعلق قيود الصادرات للولايات المتحدة المعلنة في أكتوبر 2025، وكذلك إجراءات الصين المتعلقة بالصادرات والشحن، وبما يشمل توسيع تجارة المنتجات الزراعية، وحل القضايا العالقة بشأن “تيك توك”، ولم يُغفل عن البحث عن آليات جديدة للتعامل مع قيود المعادن النادرة.
ويمثل الاتفاق نوعًا من الهدنة للبلدين، إذ إنه صالح لمدة عام واحد فقط، وبموجبه تُخفض الرسوم الجمركية على السلع الصينية من 57% إلى 47%، والتراجع عن التهديد بفرض رسوم بنسبة 100%، وتخفيف الرسوم الجمركية المرتبطة بالفنتانيل من 20% إلى 10%، وستعلق أيضًا رسوم الموانئ على السفن الصينية العاملة في مفعول مؤثر بعد تقييد صادراتها، ما تسبب باضطرابات في الصناعات الأمريكية الحساسة، وأعاد واشنطن إلى طاولة المفاوضات، وكذلك ورقة الرقائق الإلكترونية، عقب تحرك الصين في الاتجاه التصنيعي المحلي، ما قلل من القيود الأمريكية على تصدير الرقائق للصين.
جاءت هذه الخطوة بعد خلافات واضحة، والمعادلة لم تعد في اتجاه واحد، بل يتعامل الجانبان بندية وتنافسية، ما قد يُحدث ضررًا بالاقتصاد العالمي، لكننا اليوم في الطريق إلى تهدئة، وربما خلالها يمكننا الوصول إلى حلول جذرية، أو نؤجل الانفجار إلى وقت يتلاشى التوازن وتتشابك المصالح، والتحدي في التحول من الهدوء التكتيكي إلى الحل عبر التفاوض، وليس بطريقة الهدن المؤقتة، وصعوبة التحدي أن لكل طرف عناصر قوة مؤثرة في كل قطاعات الاقتصاد العالمي، وعلى أية حال، سيتضح المسار خلال تلك السنة إن كنا نذهب إلى تخفيف حدة النزاع التجاري بشكل مؤقت، أم إلى فتح الباب أمام اتفاق أوسع في المستقبل.
اترك تعليقاً
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.