تتصدّى الأسواق الناشئة لعوامل سلبيّة كبيرة، حيث أنّ 2015 ستكون خامس سنة على التوالي تختبر فيها تباطؤاً اقتصاديّاً. وقد ولّت أيّام النمو السريع إلى غير رجعة في الصين. ويتسبّب عدم الاستقرار العالمي – مرفقاً بتزايد قوّة اقتصاد الولايات المتّحدة – بتهافت نحو الملاذ الآمن الذي يوفّره الدولار الأميركي. وبالنتيجة، تراجعت قيمة عملات الأسواق الناشئة. وستكون هذه أوّل سنة، منذ ثمانينيّات القرن العشرين، تكون فيها تدفّقات رؤوس الأموال الخارجة من الأسواق الناشئة أكبر حجماً من التدفقات الداخلة إليها.
إلاّ أنّ أحداث اليوم ليست بالضرورة أفضل دليل على توجّهات السوق على الأمد الأطول.
أوّلاً، لا بدّ من النظر إلى ما شهده الاقتصاد العالمي من تطوّرات. فمع أنّ أداء الولايات المتّحدة يبقى قوياً، تُعتَبر آفاق أوروبا واليابان متواضعة في أفضل الأحوال. والواقع أنّ تراجع أسعار النفط والسلع الأساسية الأخرى يأتي بالفائدة على الصين والهند، اللتين تضمّان معاً نسبة 40 في المئة تقريباً من سكّان العالم.
ويعني هذا الوضع أنّ الأسواق الناشئة سجلت نموّاً يفوق بمرّتين وتيرة نموّ الأسواق المتقدّمة. وحتّى بعد احتساب تراجع قيمة العملة، تستمرّ حصّة الأسواق الناشئة في الاقتصاد العالمي بالارتفاع. وتشير حسابات صندوق النقد الدولي إلى أنّ هذه الحصّة وصلت إلى 21 في المئة في العام 2000. وخلال السنة الجارية، ستزيد هذه الأخيرة بواقع الضعف تقريباً – وتبلغ 40 في المئة، لتصل إلى 44 في المئة بحلول العام 2020، وتناهز 50 في المئة في العام 2025. وبالتالي، إن أردت النمو، لن يكون لديك أيّ خيار غير التعامل مع الأسواق الناشئة.
ثمّة سبب كبير آخر للتفاؤل، يتمثّل بالتغيّرات البنيويّة الكبيرة التي تطرأ على الأسواق الناشئة. فاليوم، بات سكّان العالم بعمر أصغر، وبات سكّان أفريقيا بعشر سنوات أصغر ممّا تبقّى من سكّان العالم، في حين أنّ سكّان الهند يصغرون أوروبا أو اليابان بواقع 20 عاماً تقريباً، وسكّان الولايات المتّحدة بنحو عشر سنوات. ويُلحَظ أنّ هؤلاء السكان اليافعين باتوا أكثر تعلّماً، واطّلاعاً، وطموحاً، وحبّاً للمبادرة، فضلاً عن كونهم أكثر ميلاً للعيش في المدن. ومن الجوانب كافّة، يلحظ على جميع القارّات أنّ نوعيّة الحكم والبنية التحتيّة باتت أفضل ممّا كانت عليه منذ عشر سنوات، وهي تستمرّ في التحسّن.
بالنظر إلى هذا التحليل، لا بدّ أن نسدي بنصائح لأصحاب الشركات في الاقتصادّيات المتقدّمة: أوّلاً، دافعوا عن مواطن قوّتكم في أسواق منشأكم، لأنّكم ستحتاجون إلى الدفق النقدي ومواطن القوّة التكنولوجيّة التي تمنحكم إيّاها. وثانياً، وزّعوا رهاناتكم على عدد من الأسواق الناشئة الأكبر حجماً. وثالثاً، طوّروا معرفة عميقة بالأسواق الناشئة الرئيسيّة. ورابعاً، واصلوا مراقبة الشركات التي تبرز من هذه الأسواق، لأنّها قد تكون منافستكم المقبلة – أو ربّما شريكة قيّمة لكم.
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.