جماعة الإخوان الإرهابية نموذج لإدمان الفشل وإنكار الواقع

مقالات
حازم منير: كاتب عربي

مشكلة جماعة الإخوان الإرهابية إصرارها على عدم الاعتراف بهزيمتها ورفض الشعب المصرى لها، وانحسار شعبيتها وانحصارها فى الأهل والعشيرة فقط، دون عشرات الملايين من المصريين الذين أصبحوا مناهضين للجماعة وليسوا رافضين لها فقط.
الحقيقة أن أزمة رفض الجماعة الاعتراف بالهزيمة ليست جديدة على أهل الشر، بعد أن أصابهم مرض الإنكار للواقع وقت حكم المرشد، وفقدوا القدرة على رصد مساحة الرفض الكامل لاستمرارهم فى الحكم.
لا ترغب الجماعة الإرهابية ولا قادتها ولا قواعدها فى الاعتراف بأنها لم تعد موجودة فى المعادلة السياسية المصرية، وأن كل الفعاليات السياسية الوطنية ترفض التعاطى معها، أو إدماجها فى أى تحالف سياسى، بعد أن وضح التزام كل هذه القوى بمعادلة الدولة الأساسية، وهى أن الدستور مرجعية، والقانون حكَم، ولا إدارة للخلافات السياسية إلا من خلال المرجعية والحكم، وأن أى خلاف على قانون أو نص تدار النقاشات عليه والمطالبات بتغييره من خلال المعادلة الشرعية، وليس من خلال الفوضى والحض على التدمير.
مشكلة الجماعة الإرهابية أنها تتصور القدرة والإمكانية على إعادة عجلة التاريخ، حين كانت تتآمر على الفعاليات السياسية المصرية، تتحالف معها وتدخل فى ائتلافات بالمؤتمرات الصحفية، ثم تنفض يدها فى أول احتكاك شعبى، أو تذهب من خلف الستائر للحوار مع الدولة، فتبيع حلفاءها الذين يكتشفون الخديعة بعد فوات الأوان.
تعتقد الجماعة الإرهابية وأعضاؤها أن درس يناير قد غاب عن أذهان المصريين، وأن الخدعة الكبرى التى رسموها، بالترتيب مع حلفائهم الدوليين، لخطف إرادة الناس، وتولى الحكم بالخديعة والإقصاء والقوة والنصب السياسى، يمكن أن تختفى من أذهان المصريين، ليعيدوا إنتاج الأمر مجدداً.
جوهر الفكرة التى أطاحت بحكم المرشد من قبل هى نفسها التى تحكم الجماعة الإرهابية وأذنابها الآن، عدم فهم الشعب المصرى، وعدم الوعى بالثقافة الوطنية التى تحكم هذا الوطن، لذلك فشلوا من قبل، وفشلوا الآن، وفقدوا ثقة الناس الذين اختاروهم عام 2012، ثم فقدوا ثقة الشعب كله حين ثار عليهم فى 2013.
الحاصل أن إعلام أهل الشر وكتائبه الإلكترونية، والعصابات المنتشرة على السوشيال ميديا، يتصورون أن الهجوم على الدولة المصرية، أو انتقاد السياسات والقرارات الرسمية، كفيل بأن يعيد لهم ما انقطع من تواصل أو وصال مع الشعب، وهم لا يستوعبون، بل هم لا يريدون أن يستوعبوا أنهم لم يعد لهم دور فى مصر، وهم ليسوا أكثر من ميكروفونات تطلق حناجرها لصالح من يدفع أكثر.
والشاهد أنهم يبحثون يومياً عن الإنجازات التى تحدث فى البلاد لمهاجمتها ليل نهار دون روية أو تفكير، وإنما فقط يُطلقون نعيق البوم من أفواههم، وهم لا يعلمون ماذا يقولون، أو ماذا ينتقدون، وكيف يتحدثون.
واللافت أن غربان أبواق أنقرة والدوحة، ومَن خلفهم مِن جماعات الشر والفشل، لا يملكون تصوراً واضحاً يتحدثون عنه مع المصريين، قدر ما جل اهتمامهم الهجوم تلو الآخر، والترويج لأكاذيب وشائعات، والتحريض على العنف والفوضى وسفك الدماء، ويجلسون ليلاً للهجوم عل كل ما تنجزه الدولة المصرية نهاراً، واختلاق الأكاذيب بعكس ما يحدث فعلاً على أرض الواقع.
خذ مثالاً ما جرى فى موضوع ملف «مخالفات البناء»، ومحاولات التوظيف السياسى لقضية اجتماعية وقانونية بالدرجة الأولى، ومحاولتهم حرف الأنظار عن جوهر المسألة، وهى إعادة الهيبة للقانون واحترامه، وتحويلها إلى صراع اجتماعى طبقى سياسى بامتياز، رغم أن الأمر لا يخرج عن كونه، وببساطة شديدة، تطبيق القانون الذى غاب لسنوات طويلة، فى قضية يشكو منها المصريون من دون استثناء، وهى ضعف الخدمات بسبب المخالفات، وإهدار موارد الدولة على مشروعات تفشل أهدافها بسبب عشوائيات البناء ومخالفات القانون وبلطجة حيتان الفساد.

وحين تعاملت الدولة بحكمة واهتمام بالغين مع الرأى العام، وخرجت على الناس وتواصلت معهم، وطرحت عليهم المشكلة بكل شفافية من كل جوانبها، ومخاطرها على مستقبل الوطن وأجياله المقبلة، انطلق الغربان ينعقون بالأكاذيب والتحريض، رغم أن الأمر، مرة ثانية، وبمنتهى البساطة، هو إنقاذ الثروة الزراعية لهذا الوطن.
البادى إذاً أننا أمام جماعة إرهابية، لا يحكمها سوى منطق الانتقام والقتل والدمار، ولا يسعون إلا إلى العودة للحكم، لا يهتمون بمصالح وطن، ولا مصالح شعب، ولا يهتمون بالحفاظ على ثروات هذه البلاد، قدر ما يهتمون بالدعوة إلى الفوضى والتدمير، من أجل وهم اسمه إعادة المرشد إلى حكم مصر بدعم من أهله وعشيرته.
جماعة الإخوان الإرهابية ما زالت حتى الآن تحلم بالعودة إلى حكم المصريين، وإعادة مخطط تحويل الدولة المصرية إلى ولاية تابعة للعثمانلى، الذى تحالف معهم ويدعمهم من أجل دعمهم له ومساندته لاستعادة حلم الدولة العثمانية، التى تحولت إلى وهم كبير فى عقول أنصار الفكرة.
لم تستوعب الجماعة الإرهابية حتى الآن مناهضة المصريين لهم ورفضهم، ورفض الإنصات لهم، أو الاستجابة لدعواتهم التحريضية، كما لم تستوعب الجماعة أن الانقسامات والانشقاقات والصراعات التى ضربت جسدها المترنح تفعل فعلها الآن فى إذابة التنظيم وتحويله إلى جزء من التاريخ، أو مجرد ورثة يعيشون على الماضى وأوهامه.
مشكلة هذه الجماعة الإرهابية أنها لم تتعلم من دروس التاريخ شيئاً، فكل من خرج على الوطن، وغادر البلاد، وتحول إلى ميكروفون، وجاب العواصم يستجدى الدعم من هنا وهناك، وتحول إلى أداة فى يد من يدعمه، وأهمل الشعب، وغاب عنه، وخرج من حساباته، وقرر استخدامه لصالح أهدافه ومصالحه الحزبية الضيقة، وذهب بعيداً عن معادلة الوطن، كل هؤلاء تاهوا وضاعت أوهامهم، ودخلوا فى دوائر النسيان.
رفعت جماعة الإخوان الإرهابية من قبل شعار «يا نحكمكم يا نموّتكم»، والآن يرفعون شعار «يا نحكمكم يا نهدها على رؤوسكم”. عن “الوطن” المصرية

تعليقات الموقع