احتفالا باليوم العالمي للشعر

وزارة الثقافة والشباب تنظم الندوة الحوارية “صورة الوطن في قصائد شعراء الإمارات”

الإمارات

 

دبي: الوطن

احتفالا باليوم العالمي للشعر، نظّمت وزارة الثقافة والشباب، ضمن فعالياتها لشهر القراءة الوطني الجلسة الحوارية “صورة الوطن في قصائد شعراء الإمارات” بمشاركة كل من الشعراء كريم معتوق، وأحمد العسم، والدكتور طلال الجنيبي، والتي أدارتها الشاعرة أمل السهلاوي، عبر قناة اليوتيوب الخاصة بالوزارة.
وتناولت الندوة الشعرية وهي الثالثة ضمن جلسات وزارة الثقافة والشباب في إطار شهر القراءة 2021، معاني حب الوطن وصورته في قصائد شعراء الإمارات التي احتضنت الهوية والثقافة والتجارب الإنسانية في مقام الوطن لتجود قرائحهم بأجمل القصائد وأصدقها.
كما واختتمت الندوة بتوجيه الشكر والتقدير لدور وزارة الثقافة والشباب في رعاية الشعر والاحتفاء برموزه، ودفعه إلى الأمام في ظل المنافسة بين الأجناس الأدبية، وتوصية بخلق منابر شعبية للشعر عبر الإمارات برعاية ومتابعة الوزارة، وقراءة أبيات كتبها الشعراء خصيصاً احتفاءً باليوم العالمي للشعر وقصيدة ألقتها مديرة الندوة الشاعرة أمل السهلاوي في الوفاء لنهج المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “طيب الله ثراه”.
واستهل الشاعر كريم معتوق مشاركته بإبراز دور الشعراء في التوعية بحب الوطن وأهمية منظومة الولاء والانتماء في ترسيخ الهوية الوطنية والنزوع الوطني، قائلاً إنّ دور الشاعر أن يوصل حب الوطن بدون تصنع وبدون انتظار مناسبة، وإنّ الولاء هو الأهم في العلاقة بالوطن، مشيراً إلى أنّ هناك موضوعين لا يشعر الشاعر فيهما بالرضا عن قصيدته، بل يشعر بأن هناك شيئاً ناقصاً ومعنى مفقود وقصيدة غير مكتملة، هما موضوعا الوطن والأم. وتابع معتوق استناداً إلى تجربته الشعرية الطويلة أنّ ما يميز الشعر في الإمارات والخليج بأن موضوع الوطن لا يأتي مقحما في النص ولا مفردا، بل مرتبطا بالقيادة الحاضرة دوما في قصائد الشعراء، كاشفاً عن أنّه نظم قصيدة في التعريف بالولاء والانتماء مستلهما موقفاً لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، يقول في هذا النص الشعري:
” أوَ كــلما نــاديـتُ باسـمك كـلما لـباكَ حـرفٌ كان قـبلكَ مُحْرما
يـا سيـدي أنـتَ القصيدةُ في فمي ما قلتُ إلا مُـذ زرعتَ بيَ الفـما
جـنَّ القريـضُ وقامَ يطلبُ نخوتي حـين استجرتُ به عليكَ كأنـما
أحرجتُ هذا الحرفَ إذ أدخـلـته لـغـةً تـخـطُّ بـكبريائـكَ مَعْـلما”.
وأشار الشاعر كريم معتوق إلى أنّ دافع الشاعر لإنتاج نصه الجميل المتفرد هو حالات المخزون الثقافي وما يأتي من الغيب على مشارف اللاوعي، مقارناً بين الوعي الوطني لدى الشعراء في الماضي واقتران حب الوطن لديهم بالرومانسية وحب الطبيعة، أما اليوم فقد بات للشعراء دور محوري في الذود عن الوطن ورد العدوان عنه وتأكيد قوته والاعتزاز بالانتماء له والفخر به، مؤكداً على أنّ ما يميّز الشاعر الإماراتي انتماءه للإمارات لا للإمارة أو القبيلة تحت شعار “الدار متوحدة”، فالشعراء هم الحصن للوطن والمدافعون عنه في وجه كل معتدٍ على الإمارات في وحدتها كأرض وتاريخ وشعب وحكام، والتي تحمل السيف ضد العدو والورد لكفّ الصديق، وقرأ من نصه “في وحدة الدار”:
“راياتكِ الحبُّ يا أرضي إذا احتكموا ومنه فـوق الـذرى حطَّـت لنـا قــدمُ
لا داحسَ اليـومَ لا غبـراءَ في لغـتي إني أتــيـتُ بحـبِ الــدارِ أعـتــصـمُ
يا مـوطنَ الجـودِ في زوادتي فـرحٌ مـن أيـن أبـدأ أو قـلْ كـيـف أختـتــمُ
هذي الامـاراتُ شمسٌ في توحدها لا يسمـعُ الـنورَ مـن في عينهِ صممُ”.
وكشف معتوق أن مناسبات قدوم الربيع والأم ثم الشعر في يوم واحد هو الحادي والعشرون من مارس من كل عام، تفرض على الشاعر التزاما على مدار السنة بالعطاء الشعري دون حرصه في يوم واحد كحالة رمزية تساهم في التوثيق، قارئاً قصيدته في حب الأم والسعادة احتفاءً بهذه الأيام التي اجتمعت في التاريخ نفسه. كما خلص إلى أن الشاعر الكبير يكتب من ثقافته ومعارفه بمفرداته الخاصة التي تميزه فكلما اتسعت ثقافته توسعت مداركه واجاد وتطرق إلى مواضيع أخرى.
أما الشاعر أحمد العسم فرأى أنّ الحرص على الوطن من القلب يكون من خلال التضحية والتعبير الشعري عن هذا الحرص في كل ما يمكن أن يقدمه الشاعر من نصيحة وشغف ورغبة وغيرها، ليكون الوطن خطا أحمر لا يُسمح لأحد بأن يتجاوزه، وخاصة في انعكاس السنع الإماراتي في أخلاقيات كل شاعر ومواطن، فالوطن عشق وأمنيات يجسّد الشعراء حرصهم عليهم في كثير من الجهود، حتى لو كان زراعة نخلة أو كتابة قصيدة. وتابع الشاعر العسم مؤكدا رمزية العلم الوطني في ارتباطه بالإنسان الذي يرفعه في قلبه، مستجيباً لدعوة رفع العلم فوق البيوت وقسم الولاء للوطن والانتماء لأرضه، بل لمدينته التي يعتبرها وطنه الصغير في مقابل حبه للوطن الكبير الإمارات، فالمدينة بالنسبة للعسم تعني له الوجدان والسكن والقوة والأصدقاء والأسرة والتفاصيل الصغيرة في كل أوقات النهار كأنها تمتد كالنهر وتلمع مثل خاتم، مردِّدا:
“أحببتك حتى صرت مثلاً
لطالما فتحتُ نوافذي
وانتظرت عالقاً بي
ناسياً العشاء على الطاولة
حالماً بأن تضيئي
إلى صدرك
عن الكلام عاطلاً
أمتدُ مثل نهر
وتلمعين مثل خاتم”.
وختم الشاعر العسم باعتبار أن هناك علاقة وثيقة بين مفاهيم السعادة والأمومة والشعر خاصة في ظلِّ الإمارات وقيادتها الرشيدة حيث يتبع الشعراء قيادتهم مستمتعين بالأمن والأمان، يكتبون الشعر في حب بلادهم بسعادة تميّزهم بين شعراء العالم وناسه، كما يميزهم ارتباطهم بالبيئات المختلفة في الإمارات بين ساحل وجبل وداخل حيث النخيل والمزارع وسماع الأمهات في حدثيهن عن خيرات البيئة والنخل وكرمها.
بينما اعتبر الدكتور طلال الجنيبي أن الوطن قاسم مشترك بين الإنسان والشاعر صاحب الحساسية العالية في التعبير عن حب الوطن، وهو الأولى بترجمة توجيهات القيادة الرشيدة في الاعتزاز الدائم بماضي وحاضر الوطن والانتماء والولاء له، والعمل لأجل مستقبله البهي. وفي تناوله لنصه الشعري أكّد الجنيبي أنّه كتب نص “فضاء زايد” كأول نص شعري في التاريخ يتجاوز مدار الكرة الأرضية في موضوعه ليصل إلى المريخ، قارئاً منه:
” إلى الفضاء ستنقل الأحلاما أإلى ارتيادٍ يقتضيك لزاما
أإلى إرتقاءٍ لا يقاس بغيره حتى يزيدك رفعة ومقاما
الكون سطر قصة ممشوقةً وسباقهُ ألقى عليك سلاما
فأجبته يا أيها الوطن الذي بالمجد ارخى ساترا ولثاما
لا حد يمنعنا ففي تاريخنا فكرٌ أسال الحبر والأقلاما”.
وقد ربط الشاعر الجنيبي بين الشعر والأم والسعادة معبراً عن عجز الشعراء على استحضار المعنى الأجمل لوصف إحدى المفردات الثلاث التي اجتمعت اليوم لتخلق من اتحادها في هذا التاريخ بالذات ما لا يستطيع الإنسان أن يحصره في معنى، ولكنها تحضر بالجمال الذي يخرجنا من العالم الضيق إلى عوالم فسيحة من الدلال والروعة والرقة.

 

 


تعليقات الموقع