زاد الحياة وسر القوة

الإفتتاحية

زاد الحياة وسر القوة

جميع الأمم التي رسخت قيمة الإنسان فوق كل الاعتبارات، وساوت بين الجميع في الحقوق والواجبات، نهضت وتطورت وبعضها استهجنت حتى محطات في تاريخها الذي شهد آلاماً وأوجاعاً مريرة عندما كان التمييز والتفرقة والعنصرية وغيرها من النظريات البالية مثل “تفوق الأعراق”، وما شابه سبباً للكثير من الفواجع. فالجميع عندما يُمنحون الفرص المتساوية وتتأمن لهم الظروف التي تدعم تفجير طاقاتاتهم الكامنة سوف ينجحون، لأن الإنسان المنفتح والواعي والمتسامح الذي يمد يده للآخر المختلف أياً كان هذا الاختلاف، ذو عقل متحرر ولا يمكن لأي شيء أن يقف أمام إبداعه ونبوغه وتقدمه.. فالقيم أساس الحضارة والمحبة عنوان الانفتاح والتسامح رافعة للنهضة وطارد للأحقاد.
في وطننا ننعم أن دولتنا رسخت القيم أساساً ثابتاً منذ قيامها على يد الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “طيب الله ثراه”، وكانت منذ أن بزغ فجر اتحادنا المبارك منهج حياة راسخ، وجعلت منها القيادة الرشيدة جسراً للتلاقي مع جميع أمم وشعوب الأرض، وباتت مدعاة فخر لمجتمع الدولة المتعدد الذي قدم الدليل الأكبر على أن الإنسانية ومثلها وخصالها مظلة تسع الجميع بغض النظر عن أي اختلافات سواء كانت دينية أو عرقية أو ثقافية، ولاشك أن تنوع المجتمع في دولة الإمارات عبر احتضان أكثر من 200 جنسية تعيش بمنتهى التآلف والمحبة والانفتاح أكسبه ثراء وعزز روافد النهضة الحضارية وضاعف من نجاحاتها ومكتسباتها، ولا شك أن تحول الإمارات إلى قبلة لكل الباحثين عن السعادة لم يكن فقط لأنها أرض تحقيق الأحلام، بل لأنها وطن الإنسانية وقيمها.. حيث الملحمة الأنقى في بناء الإنسان.
صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، قائد قدم للإنسانية الكثير من الإنجازات التي شكلت مراحل مفصلية في رحلة البشرية وبحثها الدائم عن السلام، وكم من قضايا عالقة كان سموه صاحب الفضل في أن تنتهي لتشرق شمس السلام وتبدد عتمة المعاناة، ثم كانت وثيقة “الأخوة الإنسانية” التي باتت واحدة من أهم المحطات في تاريخ الإنسانية جمعاء بفضل رؤية عميقة لزعيم يجيد التعامل مع مسيرة التاريخ وما تحتاجه لتنتصر الإنسانية بفضل عزيمة قائد يؤكد دائماً وأبداً أن القيم قوة وأن السلام انتصار للحياة.
صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، أكد أن الأخوة الإنسانية والتسامح مصدر قوة وتميز للمسيرة الوطنية الإماراتية طوال 50 عاماً، وكما هو نهج الزعماء الكبار الذين يصنعون أرقى ما يعزز جودة الحياة، فإن العين تبقى على المستقبل والأجيال التي ستأتي، من خلال تأكيد سموه أن أجيال المستقبل يجب أن تنعم بحياة لا أحقاد فيها ولا كراهية، مبيناً المسؤولية الجماعية الواجبة في هذه الرسالة النبيلة، حيث قال: “تابعت أولى محاضرات شهر رمضان المبارك بعنوان: “الأخوة الإنسانية والتسامح: رسالة الأديان”.. هذه الرسالة مصدر قوتنا وتميز تجربتنا خلال الخمسين عاماً الماضية، ومسؤوليتنا جميعاً تجسيد هذه المعاني لأجل خير البشرية.. علينا أن نترك لأجيال المستقبل عالماً من دون أحقاد وكراهية”.
في وطننا رسخت قيادتنا الرشيدة القيم زاداً للحياة، وما أوفره من زاد لا ينضب ولا يقل، وكما هو تاريخنا المجيد الحافل بالأصالة، وحاضرنا المزدهر المفعم بالقيم وما تشكله من قوة وزخم لجميع الجهود، كذلك مستقبل أجيالنا سوف يكون امتداداً لما ننعم به ومدعاة تفاخر واعتزاز وتقدم.


تعليقات الموقع