لا بديل عن السلام
السلام أقوى هدف تعمل له أي دولة، لأنه بوابة الاستقرار والأمن وتجنب التوتر وبوصلة المستقبل، ولاشك أن التاريخ هو خزان الدروس الذي تنهل منه الأمم، والسلام من أكبر وأهم القرارات السياسية لما يمثله من حاضنة للجميع ويدفع الأيدي للتكاتف عوضاً عن الصراعات، وفي الكثير من المحطات حول العالم كانت الكثير من النزاعات قراراً أولياً الهدف منه الوصول إلى تسويات جوهرها السلام تحت أي مسمى كان، فلا يمكن للصراعات والخلافات والفرقة أن تدوم إلى ما لا نهاية، وفي ظل أحداث متسارعة وتحديات كبرى يعاني منها العالم من المستحيل تصور مواجهتها والتعامل معها في ظل غياب السلام اللازم الذي يوحد جهود الجميع.
لقد بينت مسيرة دولة الإمارات ومواقفها الشجاعة الواضحة، أن خيار السلام هو قرار سيادي استراتيجي يعكس نظرة عميقة لمسار التاريخ، ويتعامل بقوة مع متطلبات تحريك الجمود الذي عانت منه منطقة الشرق الأوسط بشكل عام جراء غياب السلام، تلك المنطقة التي كانت تشهد تصحراً فعلياً في المبادرات الحقيقية والشجاعة منذ عقود طويلة لدرجة بات التوتر وتهديد الاستقرار فيها حالة شبه دائمة، إلى أن كان القرار التاريخي لدولة الإمارات بعقد معاهدة السلام مع دولة إسرائيل، في إنجاز أثار احترام العالم أجمع وتقديره لشجاعة التوجه الذي تمت ترجمته بتوقيع معاهدة السلام الإبراهيمي، كمحطة مفصلية في تاريخ المنطقة وبوابة لكل مؤمن بالسلام وأهميته وما يمكن أن ينتج عنه، وتأكدت مكانة القضية الفلسطينية في توجهات دولة الإمارات التي عبرت دائماً عن ضرورة التوصل إلى حل سلمي عادل وشامل يحفظ الحقوق ويضع حداً للنزاع المتواصل منذ أكثر من 7 عقود، وفي رسالتها الأخيرة إلى مجلس الأمن الدولي، جددت دولة الإمارات دعمها لإنهاء النزاع وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادئ مؤتمر مدريد والمبادرة العربية، مبينة في الوقت ذاته أهمية البناء على التوجه الدولي الداعم للسلام بهدف القيام بإجراءات بناء الثقة بين جميع الأطراف وبما يضمن وضع حد للتصرفات أحادية الجانب، ولاشك أن واحدة من أكبر الفوائد التي تخدم القضية الفلسطينية هي ما حققته دولة الإمارات عبر معاهدة السلام من ضمان وقف ضم الأراضي الفلسطينية، وهو أمر كان حتى وقت قريب حلماً للمجتمع الدولي برمته الذي لم يتمكن من تحقيقه رغم الكثير من الدعوات والمناشدات، في حين كان السلام الإماراتي – الإسرائيلي حلاً فورياً له، وهو ما يؤكد أن الحل بالسلام وأن الحوار وتغليب لغة العقل واحترام القانون وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة هو الحل.
لم تدخر دولة الإمارات يوماً أي فرصة إلا وأكدت أنها مع الحق والعدل والتسويات التي تعطي الجميع حقوقهم، وعملت لذلك انطلاقاً من مسؤوليتها وواجبها تجاه الأمة جمعاء وقضاياها الملحة، ودائماً كانت شجاعة القرار السياسي حاضرة، فهي دولة تعبر عن مواقفها بشفافية وواقعية وتتعامل مع مختلف القضايا بوضوح، كما أنها تضع مصلحة الشعوب وتنميتها وتطورها فوق كل اعتبار.. في وقت يعتقد البعض أن اللغة الجامدة والشعارات التي عفا عليها الزمن قد تكون مناسبة في عصرنا الحالي، في افتقاد تام للواقعية وتغييب كبير عن قصد أو جهل للكثير من التطورات التي لا يمكن تجاهلها، فالسياسة معادلات تقوم على التوازن، ولاشك أن الحل لجميع الأزمات والقضايا يبقى السلام كتوجه لا بديل ولا غنى عنه، فمن جنح إليه انتصر لقضايا الحق ويبقى النهج الإماراتي المؤكد لأهمية السلام بوابة المنطقة للحاضر والمستقبل الذي تتمناه شعوبها.
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.