دبي: الوطن
ضمن ندوة دولية نظمها مركز حماية الدولي بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات في شرطة دبي، عن بُعد، بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، وهيئة تنمية المجتمع، ودارت حول “أهمية الصحة النفسية للمتعاطين ومواجهة الضغوطات في ظل جائحة كورونا”، استعرض المركز قصة تعافٍ جديدة لشاب عشريني كان مقرّباً من أحد أفراد أقربائه رغم علمه بأن مدمن مخدرات، ولكن الطيش والتهور جعله أكثر إصراراً على مجالسته والخروج معه، الأمر الذي كان يثير غضب والديه خاصة الأم، التي اجتهدت في نصح ابنها وتوجيهه ولكن دون جدوى، إلى أن توفي هذا “القريب” بجرعة زائدة، ما ضاعف مخاوف الأم وشكوكها ودفعها لفحص ابنها، ورغم تأكدها من سلامته إلا أن قلقها لم يتوقف، لاسيما وأن سلوكيات الابن استفزازية وغير مسؤولة ولا تعكس احتراماً لقوانين المنزل أو مراعاة لمشاعر والديه، وفي ظل ما تعانيه كثير من الأسر من ضغوطات نفسية وأعباء حياتية في ظل جائحة كورونا، فقدت الأم السيطرة على مشاعرها وبالغت في رقابتها كما زاد الابن في تمرده وعناده، إلى أن قرر الابن اللجوء إلى بعض العقاقير الطبية التي كان يسمع عنها من ذلك “القريب” للهروب من واقعه، وكله ثقة بأنه سيستطيع التوقف عنها متى أراد ذلك، ولكنه أدمنها وكاد أن يهدم مستقبله، لولا لجوئه وأمه لمركز حماية الدولي بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات في شرطة دبي، حيث استفاد من المادة 43 من قانون مكافحة المخدرات الإماراتي، وحصل على العلاج والتأهيل والدعم النفسي وعاد إلى حياته الطبيعية بنضوج أكبر ووعي مضاعف.
عناية وسرية
وأكد العقيد عبدالله الخياط، مدير مركز حماية الدولي، أنه يتم احتواء الحالات في المركز بعناية فائقة وسرية كبيرة، وقال: نحن لا نتعامل مع المدمن فقط بل مع أسرته التي تأثرت بإدمانه، ولذلك فإننا نوفر دعما نفسيا شاملا يعيد بناء العلاقة بين المدمن وأسرته ويجدد الثقة بين الطرفين، وفي ظل جائحة كورونا عملنا على تقديم الدعم النفسي بشكل مضاعف يواكب ظروف المرحلة الراهنة، عبر توفير قناة تواصل عن بُعد وعلى مدار الساعة مع الخبراء والإخصائيين في المركز، للإجابة على استفساراتهم وتقديم الاستشارات، ونزع فتيل الخوف من الانتكاسة، وكل ما قد يؤثر سلباً على الصحة النفسية للمدمنين الراغبين بالتعافي وأسرهم.
مشاعر سلبية
وتابع العقيد الخياط: ندعو أولياء الأمور دائماً إلى ضرورة الحوار والاعتدال والحكمة في عملية الرقابة على أبنائهم، لاسيما وأن اللين المفرط يُسهم في ضياع الأبناء، والقسوة المفرطة تؤدي إلى النتيجة ذاتها، ونطالب الأبناء أيضاً بضرورة التصرف بمسؤولية، واحترام الوالدين وقوانين المنزل والابتعاد عن الشبهات، كما نحذر من تناول العقاقير الطبية دون وصفة الأطباء ووفق ما هو محدد، وندعو إلى تفريغ الطاقات في ممارسة الرياضة والعبادات أو اللجوء إلى المتخصصين الموثوقين.
نزلاء المؤسسات العقابية
وضمن محور الرعاية الصحية لنزلاء المؤسسات العقابية في ظل الجائحة، أشاد الدكتور إيهاب صلاح، مستشار مكتب الأمم المتحدة المعني بالجريمة والمخدرات بشأن السجون وفيروس نقص المناعة البشرية، أشاد بقدرة دولة الإمارات العربية المتحدة، على استمرار منظومة العدالة في تأدية مهامها خلال جائحة كورونا وتأمين فرص التواصل عن بُعد بين نزلاء المؤسسات العقابية وأسرهم والقانونيين، وقال: صممت كثير من دول العالم خططاً وأجندات وطنية لمواجهة كورونا ولم تضع في حسبانها صحة نزلاء المؤسسات العقابية، وبين أشخاص داخل السجون لا يعرفون ما يجري في الخارج ولا تصلهم التعليمات الوقائية، وبين ضغوطات نفسية وصحية بسبب عدم قدرتهم على التواصل مع أسرهم والقانونيين المسؤولين عنهم، نتج عن ذلك طول إجراءات التقاضي، وبالتالي طول فترة الإقامة في السجون، ولكن دولة الإمارات سارعت منذ بداية الجائحة إلى التعاون معنا لتنظيم ورش تدريبية حول الصحة النفسية في السجون وتثقيف نزلائها حول الإجراءات الوقائية والتدابير الاحترازية.
الأبوة والأمومة
وفي محور الأبوة والأمومة خلال جائحة كورونا، أوضح الدكتور وديع معلوف، منسق البرنامج العالمي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، أن جائحة كورونا تسببت بضغوطات نفسية واجتماعية كبيرة في جميع المجتمعات، لافتاً إلى أن شريحة كبيرة من الأطفال تتربى حالياً وسط بيئات مشحونة بالسلبية، وأسر لا تمتلك مهارات التعامل مع أبنائها، وهذا يفسر ارتفاع العنف ضد الأطفال، ما يستدعي التركيز على الفئة الشبابية واستهدافها ببرامج الرعاية النفسية المكثفة خلال المرحلة الراهنة، وحتى بعد انتهاء الجائحة.
الدمج الاجتماعي
وفي محور الدمج الاجتماعي لحالات التعاطي في ظل الجائحة، قالت الدكتورة هدى عبدالله السويدي، مديرة إدارة الفئات الأكثر عرضة للضرر في هيئة تنمية المجتمع: عمل مركز عونك للتأهيل الاجتماعي على تقديم المقابلات الفردية والجماعية افتراضياً خلال فترة الإغلاق الكلي، وتم تحقيق 1554 جلسة فردية وجماعية في 2020، مع استمرارية تقديم هذه الجلسات عن بعد لغير المتمكنين من الحضور الشخصي للمركز، وكثفنا الملتقيات الأسرية الافتراضية بهدف تعزيز قدرة الأسر على الاكتشاف المبكر لحالات الإدمان في محيطهم الأسري، وتوعيتهم بطبيعة مرض الإدمان، إلى جانب برامج الإرشاد الديني، والرحلات العلاجية، وبرنامج التمكين الوظيفي “العزم” لتحقيق الاستقرار الوظيفي والنفسي للمتعافي، وتقليل نسبة الانتكاسة، وعقد ملتقيات أمهات المتعافين المُستحدث مؤخراً، لمساندة الأم للقيام بدورها في رعايتها لنفسها ولأسرتها وللمتعافين في أسرتها، ولخلق شبكة تواصل اجتماعي تهدف إلى دعم الأسر التي تمر بالمشكلة نفسها، هذا بالإضافة إلى استحداث خط عونك لاستشارات حالات التعاطي والإدمان.
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.