من أجل الحفاظ على السلام وتفويت الفرصة على المتطرفين

الرئيسية مقالات
مركز تريندز للبحوث والاستشارات

اتجاهات مستقبلية

من أجل الحفاظ على السلام وتفويت الفرصة على المتطرفين

 

يؤكد تفجر الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين على نطاق واسع خلال الأيام الماضية، وما ترتب عليه من دمار هائل واستهداف للمدنيين العزل وسقوط عشرات الضحايا الأبرياء، بوضوح أن الطرفين، الفلسطيني والإسرائيلي، لم يتعلما من تجارب التاريخ ودروسه، وأنه لا يمكن بأي حال أن يستمر هذا الصراع إلى الأبد، لأن تكلفته ستكون عالية على أمن شعوب المنطقة بأسرها وتنميتها واستقرارها، كما أنه لا يخدم سوى قوى التطرف في الجانبين على حساب الأطراف الداعمة لعملية السلام.
موجة العنف المشتعلة التي لا تزال تدور رحاها حتى الآن أودت بحياة أكثر من 200 شخص في قطاع غزة حتى مساء يوم الأحد 16 مايو 2021 بينهم 52 طفلاً و31 سيدة، وأكثر من 40 شخصاً في الضفة الغربية إضافة إلى نحو 10 إسرائيليين وإصابة المئات من الجانبين. كما خلفت هذه المواجهات المستمرة دماراً واسعاً، ولاسيما في قطاع غزة، في وقت باتت فيه جثث الأطفال والضحايا التي يتم استخراجها من تحت الأنقاض تذكر كل ساعة بأهمية إعلاء صوت السلام ووقف آلة الحرب والدمار.
لاشك أن هذه المواجهات وأعمال العنف المشتعلة تخدم مشروعات المتطرفين من الجانبين، فاليمين الإسرائيلي يحاول استغلال أعمال العنف هذه ليبرر وجهة نظره المتطرفة وتوجهاته المناهضة للسلام وللتسوية السلمية، ويشمل ذلك حتى بعض القوى السياسية المحسوبة على هذا التيار اليميني التي تحاول استغلالها لخدمة أجندات سياسية، بما في ذلك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يسعى إلى تثبيت نفسه والبقاء في منصبه، بعد أن فشل في جهوده لتشكيل الحكومة الإسرائيلية في وقت يواجه فيه تهماً بالفساد، ومن ثم فإنه يفعل كل ما في وسعه كي يثبت للإسرائيليين بأنه الرجل القوي القادر على ضبط الأمور. كما تخدم أعمال العنف هذه القوى المتطرفة في الجانب الفلسطيني، ولاسيما حركة حماس التي تسعى إلى تقديم نفسها باعتبارها المدافع عن المقدسات الإسلامية والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. بل وتخدم مصالح الجماعات الإرهابية الأخرى أيضاً كالقاعدة وداعش وغيرها من الجماعات التي ترفع شعارات الجهاد والعنف المسلح، وتحاول استغلال مشاهد العنف وقتل الأطفال في استدرار التعاطف معها وتجنيد الشباب في صفوفها.
إن صناعة السلام ووقف تمدد المتطرفين والأصوات التي تحض على العنف والكراهية، أصعب بكثير من صناعة العنف والدمار، وتحتاج إلى حكمة أصحاب القرار المعنيين وشجاعتهم. والخطوة الأولى لصناعة سلام مستدام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، هي تطبيق مبادئ القانون الدولي والقرارات الدولية التي تمنح الفلسطينيين حق إقامة دولتهم المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، ونبذ فكرة اللجوء إلى العنف والعمل العسكري كأساس لحل الصراع لأنه ثبت بالدليل القاطع أن العنف لم يحل أي أزمة، إلى جانب إعلاء القيم الإنسانية وعلى رأسها قيم التسامح والتعايش المشترك، فلن يستطيع أحد أن يشطب الآخر، وعلى المجتمع الدولي أن يبحث عن حلول سلمية دائمة تضمن حقوق الأطراف جميعها في العيش بسلام وتعايش.
لقد صدرت بالفعل الكثير من الدعوات والأصوات الصادقة التي تدعو إلى استعادة السلام ووقف آلة الحرب والدمار التي تحصد دماء الأبرياء من الأطفال والنساء والمدنيين، سواء من قِبل الأمين العام للأمم المتحدة أو من قِبل كثير من دول العالم ومنظماته، ومن بينها دولة الإمارات العربية المتحدة، التي أكدت على لسان وزير خارجيتها سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان أن هذه الأحداث الأليمة تمثل “تذكيراً مهماً بضرورة البدء في الحوار السلمي والمصالحة”، وتأكيداً على “ما تحمله اتفاقيات إبراهيم من وعود لأجيالنا الحالية والمقبلة بالعيش مع جيرانهم في سلام وكرامة وازدهار”.


تعليقات الموقع