في باكورة فعاليات عامه الثالث من "التجديد والتمكين "

“تريندز” ينظم ندوة: “مستقبل النظام الدولي في السنوات الخمسين المقبلة”

الإمارات

أبوظبي – الوطن:
ضمن سلسلة أنشطته العلمية المتنوعة نظم مركز “تريندز للبحوث والاستشارات” ندوة عن بُعد بعنوان: “مستقبل النظام الدولي في السنوات الخمسين المقبلة” شارك فيها كل من الأستاذة مها حسين عزيز، الأستاذة بكلية الدراسات العليا للفنون والعلوم في جامعة نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية، والدكتورة مانكينغ تشنغ الباحثة بجامعة أوكلاند بنيوزيلندا، والدكتور إميل إفدالياني مدير دراسات الشرق الأوسط بمؤسسة جيوكيس بجمهورية جورجيا، والدكتور جورج ن. تزوجوبولوس، مدير برامج الاتحاد الأوروبي والصين بالمركز الأوروبي الدولي للتدريب “CIFE” بالجمهورية الفرنسية، والسفير الدكتور علاء الحديدي مستشار رئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار للشؤون الخارجية بمجلس الوزراء المصري.
وأكد المشاركون في الندوة أن الخمسين عاماً المقبلة ستشهد الكثير من التحولات المهمة، ولن تكون قيادة العالم فيه لقطب واحد لكنها ستكون متعددة الأقطاب، كما ستشهد صعوداً لقوى جديدة أبرزها الصين وآسيا عموماً. وأشار المشاركون إلى أن المنافسة العالمية في الـ50 عاماً المقبلة لن تكون عسكرية ولا اقتصادية، بل ستكون تكنولوجية.
وفي تقديمها للندوة قالت الباحثة بتريندز أمل البريكي إن الندوة ستتناول محاور عدة هي: التحولات الحادثة في بنية النظام الدولي في مرحلة ما قبل “كوفيد19″، والنظام الدولي في مرحلة مابعد “كوفيد19”: حدود التغيير، ومستقبل النظام الدولي خلال الخمسين عاماً القادمة: تحولات موازين القوى وأدوار الفاعلين الدوليين، وانعكاس التحولات المحتملة في النظام الدولي على منطقة الشرق الأوسط، والتعامل مع التحولات المستقبلية المحتملة للنظام الدولي: رؤية عربية.
وفي مستهل الندوة رحب بالمشاركين مدير الندوة الدكتور نذير الدلالعة أستاذ العلاقات الدولية، الباحث بتريندز للبحوث والاستشارات، وقال: إن جائحة كورونا أوجدت الكثير من التحديات والفرص؛ ما يستدعي قراءة المستقبل وهو ما تناقشه هذه الندوة.
تحولات موازين القوى وأدوار الفاعلين الدوليين
وفي البداية قدم الدكتور إميل إفدالياني مدير دراسات الشرق الأوسط، بمؤسسة جيوكيس بجمهورية جورجيا في ورقة عمل بعنوان: “تحولات موازين القوى وأدوار الفاعلين الدوليين”، أشار فيها إلى أن النظام العالمي الليبرالي يعيش لحظته الأخيرة. وأن النظام المستقبلي سيكون أكثر فوضوية؛ إذ ستسعى الصين وروسيا ودول أخرى جاهدة نحو نظام أوروآسيوي جديد. وقال: إن الصين ستكون نموذجاً براجماتياً يوافق على تعددية دولية، فيما ستسعى روسيا إلى مزيد من التغييرات الجذرية. ورجح إفدالياني أن يكون النظام المستقبلي نظاماً عالمياً متشعباً عندما تقود أمريكا والصين مجموعات محدودة من الدول الموالية.
وأشار إلى أن النظام الليبرالي قد انهار بعد ظهور جائحة كورونا، وبدأ العالم مرحلة عدم التعايش ومجاراة الواقع المعاش، والانتقال إلى تنافس رسمي كبير بين الصين وأمريكا.
وذكر أن هناك اختلافات وتباينات بين الصين الحديثة وأمريكا الحالية، وكلاهما يحاول بناء نظام مستقل ومنفصل عن الآخر، مؤكداً أن البلدين لا يمكنهما ولن يستطيعا الانفصال عن النظام العالمي، مرجحاً رؤية مجموعة قوى دولية تقودها أمريكا لمواجهة القوى الصينية. وفي المقابل فإن الصين ستكون المنافس الأكبر لأمريكا بما تشكله من تحالفات عالمية، وستبني نظاماً حولها معتمدة على روح التكنولوجيا والابتكار، كما ستعمل على بناء علاقات كبرى مع الدول الجارة. وشدد على أن الصين ستموقع نفسها في النظام العالمي الجديد؛ لأن عهد التكتلات التقليدية القديمة سيتلاشى خلال الخمسين عاماً المقبلة. كما ستحاول دول عدة حول العالم بناء نظام خاص بها في الخمسين عاماً المقبلة، وستعتمد في نهجها على ما تفعله الصين وأمريكا. وأشارإلى أن التغيرات المستقبلية ستكون مقبولة من دول عدة حول العالم، وستحاول هذه الدول المناورة مع الدول الفاعلة الكبرى. واختتم بالقول إن الفصل التام بين أمريكا والصين مستحيل، فالصين لن تكون قادرة على الانفصال التام عن أمريكا.
النظام الدولي في مرحلة مابعد “كوفيد19”: حدود التغيير
من جانبها تحدثت الأستاذة مها حسين عزيز بكلية الدراسات العليا للفنون والعلوم، في جامعة نيويورك الأمريكية في بداية ورقتها عن الولايات المتحدة الأمريكية على مستوى النظام العالمي، وقالت إنها لن تكون لها الشرعية لقيادة العالم الجديد، مع صعود الصين على المستويات كافة.
وقالت إن العهد المقبل سيشهد تكتلات إقليمية وليست عالمية، كما سيكون هناك دور لفاعلين ومؤثرين غير حكوميين، مثل شركات التكنولوجيا العملاقة لما لديهم من نفوذ كبير على مستوى العالم.
وذكرت أن جائحة كورونا فرضت دبلوماسية جديدة، هي دبلوماسية كورونا واللقاحات، برغم أن هناك الكثير من التساؤلات حول فاعلية اللقاحات الصينية، وأضافت أن العلاقات الثنائية هي التي ستسيطر على العالم الجديد في الخمسين عاماً المقبلة.
وقالت الأستاذة مها حسين عزيزإن الديمقراطية تواجه أزمات كبرى في أمريكا، وهي ليست النموذج الناجع للشعوب في الوقت الراهن؛ ما يرجح صياغة عقد اجتماعي جديد وصياغة علاقة جديدة بين الدول والشعوب.
وأوضحت أن هناك الكثير من التحديات التي طرأت بسبب جائحة “كورونا”، على مستوى العالم في مجالات العمل والبطالة والطبقات الاجتماعية والأوضاع الاقتصادية والرعاية الصحية، وتساءلت كيف سيكون واقع هذه المجالات في المستقبل. واختتمت ورقتها بتأكيد أنه لن تكون هناك قيادة واحدة تتحكم في النظام العالمي في الخمسين عاماً المقبلة.
منظور عربي حول كيفية التعامل مع التحولات المستقبلية المحتملة في النظام الدولي
بدوره قال السفير الدكتور علاء الحديدي مستشار رئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار للشؤون الخارجية، بمجلس الوزراء المصري في ورقة عمل بعنوان: “منظور عربي حول كيفية التعامل مع التحولات المستقبلية المحتملة في النظام الدولي”:إننا نشهد اليوم المزيد من الحديث حول المواجهة والاحتواء بين أمريكا والصين، والجميع يركز في الوقت الراهن على العلاقة بين الصين وأمريكا في المستقبل. مضيفاً أنه يجب الاستعداد لحرب قادمة، وهي ليست حرب باردة، متسائلاً عن كيفية منع المواجهة بين الصين وأمريكا؟.
وذكر الحديدي أن غالبية المراقبين يركزون على العلاقات الاقتصادية والعسكرية والتكنولوجية بين الصين وأمريكا، ويرون أن السباق المستقبلي بينهما ليس عسكرياً ولا اقتصادياً، بل تكنولوجياً.
وأشار إلى أننا سنشهد خلال الـ50 عاماً القادمة تحولاً جذرياً لهذا العالم المعاش الآن، بسبب ظهور فاعلين وقوى جديدة على الساحة العالمية، ومحور القوى سيتركز في قارة آسيا. وقال إن الهند وإندونيسيا وماليزيا واليابان ستكون هي القوى التي ستصعد خلال الخمسين عاماً المقبلة، في ظل انحسار وخفوت قوة الدول الغربية.
ودعا الحديدي العالم العربي إلى بناء علاقات اقتصادية كبرى مع دول القارة الآسيوية؛ لأن اعتماد أمريكا على نفط الأسواق العربية سيكون أقل مما كان سابقاً، وأشار إلى أن دول شمال أفريقيا “المغرب العربي” ستنفتح على أوروبا بشكل أكبر في الخمسين عاماً المقبلة.
انعكاس التحولات المحتملة في النظام الدولي على منطقة الشرق الأوسط
أما الدكتور جورج ن. تزوجوبولوس مدير برامج الاتحاد الأوروبي والصين، بالمركز الأوروبي الدولي للتدريب “CIFE” بالجمهورية الفرنسية؛ فقد أكد أن العالم يتوجه نحو قاعدة عدم التنبؤ، مشيراً إلى أن أفضل طريقة لفهم ديناميكيات العالم؛ هي تطبيق المقاربات خطوة بخطوة؛ لأن ما يحدث عالمياً لا يمكن تنبؤ مستقبله.
وقال إن توقع المستقبل بالنسبة إلى منطقة الشرق الأوسط، يعكسه مدى تطور العلاقات المستقبلية الأمريكية الصينية. مشيراً إلى أن منطقة الشرق الأوسط لن تكون بؤرة ساخنة للنزاعات العالمية في الخمسين عاماً المقبلة.
وأشار تزوجوبولوس إلى أن هناك بوادر تخلِّي أمريكي عن منطقة الشرق الأوسط محذراً من تداعياته عليها أولاً قبل الشرق الأوسط، لاسيَّما أنه سيفتح المجال أكبر أمام الصين. مؤكداً في الوقت نفسه أن استقرار دول الشرق الأوسط ينعكس إيجاباً على الدول الغربية.
وذكر أن الصين دولة رائدة في مجالات التكنولوجيا المتقدمة، وقد تصبح دولة عظمى تكنولوجياً في الخمسين عاماً المقبلة. موضحاً أن الصين واجهت الكثير من التحديات غير المتوقعة، وهي نتاج السياسات الخارجية الأمريكية التي تحاول وضع العقبات والعراقيل أمام الصين؛ لتمنعها من تحقيق أهدافها على المدى الطويل.
التحولات الحادثة في بنية النظام الدولي في مرحلة ما قبل “كوفيد19”
من جانب آخر قالت مانكينغ تشنغ الباحثة بجامعة أوكلاند بنيوزيلندا، في ورقة عمل قدمتها؛ إن جائحة كورونا أحدثت تغيراً محورياً ومهماً على مستوى النظام العالمي، كما أصبح هناك وعي لدى الشعوب بحقوقهم، وبناء أنظمة متعددة على المستوى العالمي.وأشارت إلى أن محور العالم أصبح ينتقل إلى آسيا، بصفتها منطقة للتنمية الاقتصادية المتسارعة؛ ما يبشر باختفاء الدول والقوى العظمى القديمة، مشددة على أن ميزان القوى العالمية تطور بشكل جيد قبل “كوفيد19”.
وذكرت الباحثة تشنغ أننا اليوم على أعقاب ثورة صناعية وتكنولوجية جديدة على مستوى الروبوتات والتكنولوجيا الرقمية التي ستطرح تحديات على مستوى التوزيع والتصنيع وعلى مستوى فرص العمل، وستؤثر في العلاقات بين الدول.
وقالت مانكينغ تشنغ إن المستقبل سيشهد تنوعاً في الأنظمة، مثل أنظمة العملات الرقمية والتكنولوجيا المتطورة. كما سيكون هناك تحدياً آخر يرتبط بتداخل الأنظمة المتعددة، وأضافت أن الشعوبية بدأت تنتشر في أوروبا وأمريكا، وأصبحت تشكل معضلة للكثير من الدول، لكنها اختتمت ورقتها بتأكيد أن العالم لم يتغير ولن يفعل بشكل جذري بعد جائحة كورونا، كما سيظل التعاون الدولي قائماً برغم التوترات بين الدول.
وفي ختام الندوة أكد الجميع أن الخمسين عاماً المقبلة ستشهد الكثير من التحولات العالمية وعلى الجميع الاستعداد لها. وأعقبَ ذلك تقدم الدكتور محمد عبدالله العلي الرئيس التنفيذي لـ”تريندز للبحوث والاستشارات”؛ بالشكر والتقدير للمشاركين في هذه الندوة على ما قدموه من معلومات مفيدة تهم عالم اليوم، وشدد على أن تريندز باختياره هذه النوعية من الندوات؛ فإنه يسعى إلى تقديم المعرفة الشاملة للمجتمع وصناع القرار.

 


تعليقات الموقع