أبوظبي – الوطن:
أصدر مركز تريندز للبحوث والاستشارات دراسة جديدة تحت عنوان: “السياسة المصرية تجاه إقليم شرق إفريقيا.. المحددات والآليات والتحديات”، توضح أن السياسة الخارجية المصرية سجلت منذ عام 2014 حضوراً نشطاً وفعالاً في القارة الإفريقية عموماً، وفي إقليم شرق أفريقيا خصوصاً، عبر حزمة من الآليات متعددة الأبعاد.
وذكرت الدراسة أن هذا الحضور عكس اتجاه القيادة السياسية المصرية إلى إعادة تقييمها للمنظور المصري لإفريقيا، والعمل على إعادة ترتيب حساباتها وفقاً لمصالحها المتعددة في إقليم شرق إفريقيا.
وتشير إلى أن السياسة المصرية تستند في محيطها الإقليمي وفي الساحة الدولية عموماً إلى عدة محددات رئيسية، تعكس الشواغل المصرية المتعددة الأبعاد، والتي يتصدرها السعي المصري لتعزيز التعاون الاقتصادي والشراكات التنموية الثنائية والمتعددة الأطراف بما يُعزز من النمو والتنمية الاقتصادية لمصر، إلى جانب تعزيز التنسيق والتعاون حول آليات التصدي للتحديات الأمنية المشتركة.
وتضيف الدراسة أن إقليم شرق أفريقيا يتمتع بمزايا متعددة أكسبته أهمية جيوستراتيجية بالغة، وعززت من حالة التنافس بين القوى الدولية والإقليمية للبحث والحفاظ على موطئ قدم لها في الإقليم، كما كانت تلك الأهمية وماتزال مصدر قوة وورقة رابحة لدول الإقليم التي نجحت في توظيفها لتعظيم مكاسبها الاقتصادية والسياسية والأمنية.
وتؤكد أن ملف المياه يُعد محدداً مهماً ورئيسياً للتحركات المصرية تجاه دول إقليم شرق إفريقيا، وفي القلب منها دول حوض النيل، وذلك بالنظر إلى أهمية نهر النيل كمورد رئيسي للمياه لا غنى عنه في مصر؛ ومن ثم تسعى مصر في سياستها تجاه الإقليم إلى الحفاظ على حقوقها المائية التي تتيحها لها الاتفاقيات الدولية، متبعة في ذلك الوسائل الدبلوماسية.
وتفيد الدراسة بأن البيئة الأمنية والسياسية لإقليم شرق إفريقيا تشهد حالة من الاضطراب الناتجة عن مجموعة من العوامل، من بينها الأزمة اليمنية التي تدور رحاها على الجانب المقابل للإقليم من البحر الأحمر، وما تواجهه عملية الانتقال السياسي للجار المصري “السودان” من تحديات، إلى جانب تنامي نشاط التنظيمات الإرهابية التي دفعت القوى الإقليمية والدولية إلى تعزيز حضورها في الإقليم.
وتوضح أن التحركات المصرية في إقليم شرق أفريقيا تأتي وفقاً لاستراتيجية ضمنية تستهدف تحقيق “الأمن والتنمية” عبر ثلاث آليات رئيسية تضمن بموجبها القاهرة الارتقاء بمستوى التعاون والشراكة مع دول الإقليم، وهذه الآليات هي: “الآلية الدبلوماسية، وآلية التعاون الأمني والعسكري وبناء الثقة مع دول الإقليم، والآلية التنموية”.
وتبين الدراسة أن المنظور الإفريقي لمصر يُشكِّل تحدياً رئيسياً، يتمثل في تصنيفها بأنها أقرب للانتماء العربي من الأفريقي، ولاسيما داخل دائرة دول حوض النيل، وأن ما تبذله القاهرة من جهود لاستعادة حضورها في الساحة الإفريقية يستهدف فقط تأمين احتياجاتها من المياه، ومن ثم قد تتوقف هذه الجهود بمجرد تأمين تلك الاحتياجات، وهذا المنظور قد يفقد مصر تأييد الدول والشعوب الأفريقية وتعاطفها مع قضاياها ومواقفها.
وتشير الدراسة إلى أن صانع القرار المصري أدرك أهمية البعد الأفريقي في سياسة مصر الخارجية، ومن ثم يبدو أن القاهرة تسير نحو الحفاظ على مسار الانخراط في إقليم شرق أفريقيا، بما يعكس نشاط الأنماط الثلاثة للدبلوماسية المصرية المستندة إلى استراتيجية تحقيق الأمن والتنمية، وهو ما يعني الاستمرار في بذل مزيد من الجهود لخلق مساحات من التفاهم والتشارك حول عدد من الشواغل المصرية والأفريقية.
وخلصت الدراسة إلى أنه رغم أهمية الجهود المصرية المبذولة في إقليم شرق إفريقيا، فإن هناك حاجة إلى مزيد من هذه الجهود؛ إذ إن تنامي التحديات التي تواجه مصر في الإقليم تفرض عليها أن تنظم أوراقها وتقيّم سياساتها وتضع استراتيجية مرنة ومحددة الأهداف وآليات الانخراط والاندماج مع دول الإقليم، بما يدفع نحو تكثيف الجهود المصرية في القارة عموماً وإقليم شرق إفريقيا خصوصاً، في مختلف المجالات.
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.