بالتعاون مع المجلس الأطلسي في واشنطن

“تريندز” يختتم في واشنطن مؤتمره السنوي العالمي الأول حول”مستقبل أمن الشرق الأوسط في عالم متغير”

الإمارات الرئيسية

 

 

 

أبوظبي – الوطن:

اختتم مركز تريندز للبحوث والاستشارات بالتعاون مع المجلس الأطلسي أعمال مؤتمره السنوي العالمي الأول، الذي عُقد على مدى يومين في مقر المجلس بواشنطن، تحت عنوان: “أمن الشرق الأوسط في عالم متغير: بناء نظام أمني إقليمي مستدام”، وشارك فيه العشرات من الشخصيات السياسية المهمة، والخبراء من مختلف دول العالم، وقد أثروا بدراساتهم وأفكارهم ورؤاهم جلسات المؤتمر السبع التي اشتملت على مختلف الجوانب المتعلقة بموضوع المؤتمر.

 

عهد جديد من التعاون

واستهل د. محمد عبدالله العلي الرئيس التنفيذي بمركز تريندز للبحوث والاستشارات جلسات اليوم الأخير للمؤتمر بكلمة رحب في بدايتها بالمشاركين والحضور، مبرزاً ما يوليه مركز تريندز للبحوث والاستشارات من أهمية كبيرة لقضية أمن الشرق الأوسط نظراً لأهميتها وانعكاساتها وتأثيراتها المباشرة وغير المباشرة على أمن العالم كله.

وشدد على أن الهدف من المؤتمر البحث في كيفية تحقيق الأمن المستدام في هذه المنطقة المهمة من العالم، موضحاً أن منطقة الشرق الأوسط شهدت في السنوات الأخيرة بعض التطورات الإيجابية التي يؤمل أن تستمر ويتم البناء عليها للوصول إلى الأمن المستدام الذي تتطلع إليه شعوب هذه المنطقة كغيرها من شعوب العالم، مشيراً إلى أن من أبرز هذه التطورات تراجع حدة الصراعات التي عصفت ببعض دول المنطقة، مثل اليمن وسوريا وليبيا، وهزيمة تنظيم داعش وإنهاء دولته في العراق وسوريا، وتعرُّض التنظيمات المتطرفة الأخرى مثل القاعدة والإخوان المسلمين لضربات متتالية أضعفت من تأثيرها السلبي في المنطقة، ومحذراً في الوقت نفسه من أن الخطر لايزال قائماً، ولاتزال منطقة الشرق الأوسط تعاني من جراء الجماعات الإرهابية التي لاتزال تجد من يدعهما؛ ما يدعو إلى تعزيز التعاون الدولي لمواجهتها.

وبيَّن د. العلي أن التطور الأهم في المنطقة يتمثل في توقيع اتفاق السلام الإبراهيمي الذي فتح المجال أمام فرص جديدة للسلام الإقليمي بين إسرائيل والدول العربية؛ وقال إن اتفاقات السلام الإبراهيمية التي تم توقيعها بين إسرائيل من جانب وكل من دولة الإمارات العربية المتحدة والسودان والمغرب من جانب آخر، تمثل واحدة من أهم التحولات التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط منذ عقود؛ لأنها تؤسس أيضاً لعهد جديد من التعاون البنّاء الذي يستجيب لتطلعات جميع شعوب المنطقة في الأمن والتنمية والازدهار.

وأشار الرئيس التنفيذي لمركز تريندز في هذا الصدد إلى الندوة التي نظمها المركز بالشراكة والتعاون مع مركز موشيه ديان لدراسات الشرق الأوسط قبل أسبوع بعنوان “الاتفاق الإبراهيمي: فرص تعزيز التعاون والتسامح والتنمية في المنطقة”، لتأكيد ضرورة أن تضطلع مراكز الفكر والدراسات بدورها المهم في إرساء مُثُل السلام والتسامح والتعايش بين مختلف الشعوب والثقافات، باعتبارها الأساس في تحقيق السلام والازدهار في هذه المنطقة والعالم.

وقال الدكتور العلي: “لقد أتينا إلى واشنطن وفي هذا المؤتمر بحثاً عن تبادل الأفكار والتوصيات التي يمكن أن تسهم في تحقيق السلام والأمن الإقليمي المستدام في منطقة الشرق الأوسط. وعرض بعض الأفكار التي يعتقد أنها يمكن أن تخدم تحقيق الهدف الذي نعمل من أجله؛ ومنها أن التركيز في معالجة أزمات الشرق الأوسط يجب أن ينصب على كيفية دعم الدولة الوطنية، ومواجهة التنظيمات المسلحة كافة، الطائفية منها والعرقية والدينية، التي تعمل على تفكيك الدولة الوطنية وإضعافها وإفشالها، ومواصلة تعزيز جهود التعاون الدولي والإقليمي في مواجهة التنظيمات المتطرفة بشتى أنواعها، ودعم جهود التنمية المستدامة في المنطقة، والعمل على ترسيخ أسس السلام في المنطقة، مشيراً إلى أنه إذا كان الاتفاق الإبراهيمي مثَّل تطوراً مهماً في هذا السياق، فإنه يجب البناء عليه وتعزيزه؛ لأن الحفاظ على السلام وضمان استدامته أكثر صعوبة من صنعه. ومؤكداً على أنه بالتوزاي مع ذلك يجب أن تتوقف التدخلات الإقليمية السلبية التي تعزز حالة الفوضى وتقوّض جهود السلام والتعايش داخل المجتمعات”.

واختتم الدكتور محمد العلي كلمته بالتأكيد على أن تحقيق الأمن المستدام في منطقة الشرق الأوسط ليس بالمهمة السهلة، بل يحتاج إلى إرادة صلبة وعمل مستمر وتعاون إقليمي ودولي واسع النطاق، وأن مهمة مراكز الفكر هي البحث عن الأفكار التي يمكن من خلالها دعم صُنّاع القرار لتحقيق هذا الهدف.

 

بناء الثقة وتحقيق الازدهار

في كلمة تعريفية قبل بدء فعاليات الجلسة الرابعة، قال عبدالله بن خالد آل سعود مساعد مدير إدارة تخطيط السياسات بوزارة الشؤون الخارجية بالمملكة العربية السعودية إن منطقة الشرق الأوسط تواجه تحديات كثيرة، وهناك نزاعات عديدة ناتجة عن أيديولوجيات وتطرف وطائفية وفاعلين غير حكوميين، كما أن هناك دولاً فاشلة. لكنه أكد أن في منطقة مجلس التعاون لدول الخليج العربية مجتمعات لديها الرغبة في الاستقرار والسلم والأمن المستدام، ولديها قواسم مشتركة، ورغبة في تعزيز الابتكار والاستقرار والسلام، وتعزيز الشراكة مع الجميع.

وبين أن المملكة العربية السعودية مهتمة جداً بأن يكون لديها علاقات طبيعية مع الجيران، والأمر يتطلب مزيداً من الاستقرار في المنطقة عبر معالجة أسباب النزاعات، مشيراً إلى أن ثمة نتائج إيجابية كبيرة ستتحقق من الاجتماع والنقاش تحت مظلة المؤتمر الذي ينظمه مركز تريندز بالتعاون مع المجلس الأطلسي، مشدداً على أن الاحترام المتبادل لكل الفاعلين في منطقة الشرق الأوسط يمكن أن يعزز مؤشرات الاقتصاد الأخضر، ويفيد في مواجهة التغيرات المناخية السلبية، وأن الحوار هو الذي يمهد لبسط الاستقرار وبناء الثقة وتحقيق الازدهار.

عقب ذلك دارت مناقشات الجلسة الرابعة تحت عنوان “منظور دول مجلس التعاون الخليجي لبناء نظام أمني إقليمي مستدام”، بإدارة نادية البلبيسي، رئيسة مكتب قناة العربية الإخبارية في واشنطن، حيث قالت إن الإدارة الأمريكية في عهد أوباما كانت تعرف أن إيران تدعم الإرهاب، لذلك سارعت في توقيع الاتفاق النووي لتجنب تحوّلها إلى دولة نووية، كما ذكرت أن الاتفاقات الإبراهيمية فتحت آفاقاً للتعاون، وهذا التعاون ينصبُّ في مجالات التعاون المائي والطاقة، ولكن يجب أن ينصبّ الاهتمام فيه أيضاً على القضية الفلسطينية.

 

نظام أمني قوي

أما الفريق المتقاعد فوزي ميلر، الرئيس والمدير التنفيذي بمجموعة فوزي ميلر المحدودة، القائد الأسبق للقيادة المركزية للقوات البحرية الأمريكية في الأسطول الخامس الأمريكي في القوات البحرية المشتركة الامريكية، فتناول استقرار منطقة الخليج، وبين أن المنطقة بحاجة إلى استراتيجية موحدة وتعاون أكبر لمواجهة التهديدات الخارجية عبر نظام أمنى قوي، إضافة إلى التعاون مع الأطراف الفاعلة الأخرى لردع إيران. وأشار إلى أن إسرائيل تتطلع إلى التعاون مع دول الخليج لبناء نظام دفاعي فعال يمكن من خلاله ردع إيران، وأن الولايات المتحدة لن تتخلى عن دول المنطقة. وتساءل عما إذا كان يمكن لدول مجلس التعاون الخليجي أن تتعاون مع الولايات المتحدة، بعيداً عن دول أخرى مثل الصين وروسيا.

 

 

الأولويات في الإمارات

واقتصرت الجلسة الخامسة ضمن جلسات المؤتمر على حوار أداره السفير متقاعد مارك سيفرز، مدير اللجنة اليهودية الأمريكية في الخليج، مع معالي يوسف العتيبة، سفير دولة الإمارات لدى الولايات المتحدة، حيث أكد معاليه أن دولة الإمارات العربية المتحدة تحظى بالدعم الكافي فيما يتعلق بالاتفاق الإبراهيمي مع إسرائيل، مشيراً إلى أن هناك العديد من أوجه التعاون بين دولة الإمارات وإسرائيل؛ مثل التعاون في مجالات المياه، والتغير المناخي، والطاقة المتجددة وغيرها.

وقال إن منطقة الشرق الأوسط سئمت من النزاعات والصراعات، وقد تغيرت الأولويات الآن لدى الشعوب التي تريد حياة جيدة، وهو ما ستفتح آفاقه الاتفاقات الإبراهيمية، مبيناً أن تطلعات شعوب بلدان الشرق الأوسط اختلفت كثيراً عما كانت عليه في العام 1971؛ فلو استقصيت الآن هذه التطلعات فستجد أنها تتركز حالياً على توفير حياة أفضل وتوفير مزيد من فرص العمل،فالتعاون الناتج عن الاتفاقات الإبراهيمية سيفيد المنطقة بكاملها وليس دولة الإمارات وإسرئيل فقط؛ لذلك من الأهمية إشراك أطراف أخرى، مثل مصر والأردن، في هذا التعاون.

وشدد معاليه على ضرورة النظر إلى قضية التعاون في المنطقة من منطلق غير مسيَّس، مثل التعاون في مجال الطاقة والمناخ. وذكر أن الأولويات في الإمارات هي السلام والاقتصاد والفهم المشترك بين الشعبين الإماراتي والإسرائيلي، فالاتفاقات الإبراهيمية لا تستهدف أي دولة وإنما تسعى لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.

 

السلام ونظام للتكامل الاقتصادي

وحول الاتفاق الإبراهيمي كآلية للأمن الإقليمي أكد محمد باهارون، مدير مركز دبي لبحوث السياسات العامة (بحوث) بدولة الإمارات العربية المتحدة، أن الاتفاق الإبراهيمي بطبيعته جانب متعدد الأطراف، ذلك أنه في الاسم الذي ينطوي على مظلة تتجاوز الجغرافيا، والتوقيع عليه من جانب أربع دول، وانضمام دول أخرى إليه لاحقاً، تبدو دلالة واضحة على أنه ليس اتفاقاً ثنائيًّا. كما أن اضطلاع الولايات المتحدة بدور المضيف لمراسم التوقيع على الاتفاق، بل وتوقيعها عليه كشاهد، منح الاتفاق دعماً دولياً.

وأضاف أن الاتفاق الإبراهيمي في جوهره اتفاق لإنهاء الصراع وإرساء التواصل الاقتصادي. ولذلك، فهو يقوم على بعدين رئيسيين: أولاً، إنهاء النزاعات القائمة على الهوية في المنطقة، وثانياً، إرساء نظام تواصل جديد قائم على التكامل الاقتصادي، كما أنه يقدم نموذجاً عملياً لتحقيق ذلك، والمطلوب الآن هو توسيع نطاقه.

وأشار إلى أن البعد المرتبط بنظام التواصل من الاتفاق الإبراهيمي هو التكامل الاقتصادي باعتباره أداة رئيسية لمعالجة مسائل التجارة والطاقة والمياه والغذاء والأمن البشري (بما في ذلك الصحة والتعليم)، وكذلك الاقتصاد الرقمي، ويرتبط هذا التواصل بالسلام بين الشعوب، وهو مطلوب للحد من الصراعات وإدامة التعاون في المنطقة.

وذكر أن الاتفاق الإبراهيمي بتركيبته الحالية يضم سبع دول تتعاون على وضع برنامج مشترك للتعاون في المجالين الأمني والاقتصادي لمصلحة المنطقة. ومن شأن الدعم الأمريكي لهذه المبادرة أن يحولها إلى منصة قابلة للحياة والتوسع من أجل التعاون الإقليمي، لكنه أشار إلى أن تحقيق سلام مستدام بين إسرائيل وفلسطين هو العتبة الحرجة التي يتعين تجاوزها حتى يتحول الاتفاق الإبراهيمي إلى آلية حقيقية للتعاون يمكن أن تشمل بلداناً من غير الدول العربية، بما في ذلك تركيا وإيران وبلدان القرن الإفريقي.

 

فرص واعدة مع الاتفاق الإبراهيمي

أما فيما يخص التعاون الفني والاقتصادي بين إسرائيل ودول مجلس التعاون الخليجي، فتحدثت شيرا إيفرون، باحث أول بمعهد دراسات الأمن القومي مستشار خاص في الشؤون الإسرائيلية مؤسسة راند باحث مساعد بمعهد الحرب الحديثة في ويست بوينت، وأشارت إلى أن الاتفاقات الإبراهيمية يمكن أن تؤدي إلى تبادل تجاري تبلغ قيمته أكثر من 150 مليار دولار بين الدول الموقعة عليها، وقد تفتح الآفاق نحو توقيع اتفاقيات مناطق تجارة حرة بين هذه الدول.

وأضافت أن اتفاقيات التجارة الحرة مع إسرائيل ستكون نافعة لجميع الأطراف الإماراتية والإسرائيلية والفلسطينية والدول المطبعة أيضاً، من ناحية حجم الاستثمارات وخلق الوظائف. وشددت على أن الاتفاق الإبراهيمي من الممكن أن يوفر فرصاً تجارية بين الدول، ويوفر فرص عمل جيدة، مذكّرة بأن هناك اتفاقيات سلام مع دول أخرى في المنطقة، ولكنها لم تحقق أي نجاح، وبخاصة على المستوى الاقتصادي.

 

أهمية الشرق الأوسط

وحول منظور الخليج العربي (البحرين والإمارات) حول الاتفاق الإبراهيمي، ذكرت عهدية أحمد السيد، ‏‏رئيسة جمعية الصحفيين البحرينيين، أن المنطقة شهدت، ولاتزال، تغيرات وتحديات عديدة على مدى العقود الأربعة الماضية، نظراً لأهمية الشرق الأوسط على خريطة العالم، وبسبب مكانتها الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، موضحة أن هذه المنطقة كانت هدفاً للعديد من الميليشيات والكيانات والدول التي ترعى الأيديولوجيات الإرهابية والمتطرفة. مما يستدعي ظهور إقامة تحالفات جديدة يمكنها، من خلال الجهود الدبلوماسية والاستراتيجيات المشتركة، مكافحة الإرهاب وبناء منطقة أقوى وأكثر استقراراً من الناحية السياسية.

وأوضحت أن التطبيع حقق أهدافاً ملموسة، بدءاً بسقوط الأيديولوجيات المتطرفة التي تمكنت من الوصول إلى السلطة في المنطقة، وعلى رأسها الإخوان المسلمون وحزب الله، والتي بدأت تضعف بسبب سقوط ممثليها في البلدان العربية، مشيرة إلى أن الأيديولوجيات المتطرفة والشعارات الكاذبة جرَّت القضية الفلسطينية على مدى عقود إلى حروب ولم تجلب السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وبينت أن التطبيع بين المغرب والسودان من جهة وإسرائيل من جهة أخرى، في أعقاب التوقيع على الاتفاق الإبراهيمي، مثَّل تجسيداً للكيفية التي يمكن من خلالها أن يحقق أفضل النتائج لجميع البلدان المعنية، بالنظر إلى اعتماد مقاربة واستراتيجية دبلوماسية مختلفة.

وذكرت أن اتفاقي السلام البحريني والإماراتي مع إسرائيل شكلا نقطتيْ تحول في التاريخ الحديث. ومن خلال سير بلدان أخرى على النهج نفسه، سيتحول الشرق الأوسط بالتأكيد إلى منطقة أقوى وأكثر استقراراً. مؤكدة أن السلام سيمكِّننا من مكافحة كل من معاداة السامية ورهاب الإسلام السياسي، وكلاهما يؤدي إلى التمييز بين الشعوب على أساس الهوية الدينية، وهي مسألة أخرى عانت منها الشعوب في الشرق الأوسط.

بناء نظام مناعة عالمي

وحملت الجلسة السابعة التي أدارها إبراهيم بكري، مساعد مدير مركز الشرق الأوسط بجامعة بنسلفانيا الأمريكية، عنوان “ما وراء الأمن الإقليمي: وجهات نظر جديدة ورؤى مستقبلية للأمن البشري “، وتحدث فيها ديفيد براي، مدير مشاريع البيانات العالمية ومشاريع التقنية في مجموعة سينغولاريتي، وهو باحث متميز في المجلس الأطلسي، حول بناء نظام مناعة عالمي، حيث أوضح أننا في عالم مترابط، وعلينا أن ندرك أن هناك أوبئة طبيعية وأوبئة مصنعة في المختبر، ولذا يجب ان يكون هناك تعاون دولي لمواجهة هذه الأنواع من الأوبئة، مشيراً إلى أن هناك تسارعاً في البحوث العلمية لمواجهة الأوبئة والجوائح والتغير المناخي؛ ما يملي علينا أن نكون مستعدين لمواجهة هذا النوع من التحديات للمحافظة على الأمن الصحي الجماعي.

وقال إن العالم حالياً لا يواجه تحدي الجوائح فقط، ولكنه يواجه تحدي التغير المناخي أيضاً. ولمواجهة هذه التحديات، لا بديل عن التعاون الدبلوماسي بين دول العالم لتحقيق الأمن الصحي، مع تعزيز استخدام التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.

 

التعاون ضرورة للبقاء

أما بشأن التكنولوجيات الجديدة ومستقبل الحرب ومكافحة التمرد، فذكرت إيفانا هو، الرئيس التنفيذي لشركة أوميلاز باحث أول غير مقيم مركز سكوكروفت للاستراتيجية والأمن بالمجلس الأطلسي، أن التكنولوجيا لا توجد من فراغ، ولابد أن تتبناها الحكومات والمنظمات الدولية، وينبغي توظيفها من أجل مواجهة التحديات التي نواجهها في المستقبل.

فيما تحدثت عبلة عبداللطيف، المدير التنفيذي ومدير البحوث بالمركز المصري للدراسات الاقتصادية بمصر، حول تحديات التنمية والتغيرات الديمغرافية، إذ أشارت إلى أن الأمن المائي يعني القدرة على البقاء، وقالت نحن في مصر لدينا مشكلة مع الأمن المائي حيث نعاني انخفاضاً في نصيب الفرد من المياه، وبينت أن التعليم يؤدي إلى تحسين نمط المعيشة، ويسهم في إيجاد نظام سياسي أفضل، وتنشئة اجتماعية أكثر ملاءمة، مشددة على أن التعاون والتكامل الاقتصادي ضروري للبقاء في منطقة الشرق الأوسط،كما أن التوزيع العادل للقاحات “كورونا” من ضرورات هذا التعاون في المنطقة.

 

مستقبل حضري إبداعي مستدام

وفي محور “ما بعد الأمن الإقليمي: رؤى ووجهات نظر جديدة لمستقبل الأمن البشري”، قالت جينيفر جيدلي، أستاذ مساعد في معهد المستقبل المستدام بجامعة التكنولوجيا في سيدني مدير البحوث في معهد بحوث المحيطات نيو ساوث ويلز -أستراليا “: نحن نعيش في زمن حرج بالنسبة للشرق الأوسط والعالم بأسره، ونواجه تحديات في المستقبل القريب والبعيد تشمل المجالات الجيوسياسية والاجتماعية والثقافية والبيئية. وأشارت إلى أن أزمة المناخ وحدها تهدد أنماط الحياة الحضرية والساحلية والمريحة التي يتمتع بها كثير منا. وركزت في ورقتها على حماية البيئة من خلال الإبداع والتجديد. وقالت إن رؤيتي لبناء مستقبل بيئي متجدد تعتمد على ثلاث ركائز؛ هي الإبداع الحضري، والطاقة المتجددة، وتجديد البيئة. وتطرقت في ذلك إلى مستقبل حضري إبداعي ومستدام، مبينة أن التحضر السريع، أو “التحضر القديم”، الذي يعتمد على التصنيع والعولمة يعد سبباً رئيسياً لانعدام الأمن وتدهور البيئة. أما “التحضر الجديد” الأكثر وعياً للنواحي البيئية فهو يستند إلى الإبداع والاستدامة. والآن، واستشهدت في ذلك بما تشهده الصين من حركة تحضر مفرطة، فيما تتجه المدن الصناعية القديمة، مثل برلين، والمدن العائمة في هولندا وجزر المالديف نحو تحول أخضر.

ختام المؤتمر

وفي كلمة ختامية لمركز تريندز للبحوث والاستشارات، قدمتها سمية الحضرمي مدير إدارة المؤتمرات بالمركز، شكرت شركاء المركز في المجلس الأطلسي بخاصة، وفي مبادرة “سكوكروفت لأمن الشرق الأوسط” بعامة، وكافة المسؤولين والمفكرين الذين شاركوا في فعاليات المؤتمر، وأكدت أن المؤتمر قدم على مدى يومين الكثير من الأفكار والرؤى والتصورات البناءة التي طرحها السادة المتحدثون بهدف البحث عن كيفية بناء نظام أمني إقليمي مستدام يحفظ لجميع دول منطقة الشرق الأوسط أمنها واستقرارها، موضحة أن الآراء والأفكار التي طرحت في هذا المؤتمر اتسمت بالتنوع والعمق والشمولية، في تعبير واضح عن مفهوم الأمن الشامل الذي يتبناه كلٌّ من المجلس الأطلسي ومركز تريندز الذي يأخذ في الاعتبار جميع المجالات المؤثرة بشكل مباشر أو غير مباشر على الأمن الإقليمي.

وشددت على أن الأفكار التي طرحت في هذا المؤتمر ستسهم في فهم معضلة الأمن في منطقة الشرق الأوسط وكيفية حلها، وصولاً للأمن المستدام الذي تنشده شعوبها، وكذلك في دعم التوجهات الإيجابية والمواقف البناءة لصنّاع القرار في المنطقة وحول العالم للوصول إلى تحقيق هذا الهدف الأسمى المتمثل في نظام أمني إقليمي مستدام سيعزز – في حال تحققه – حالة الأمن العالمي، انطلاقاً من حقيقة أن ما يحدث في منطقة الشرق الأوسط ينعكس بالضرورة على النظام العالمي برمته والعكس صحيح.


تعليقات الموقع