يتطلب القضاء على الإرهاب في الصومال خطة معقدة ومتشعبة ومستدامة من قبل الحكومة الصومالية بالتعاون مع المجتمع الدولي

الإرهاب في الصومال وأهمية المواجهة

الرئيسية مقالات
مركز تريندز للبحوث والاستشارات

 

اتجاهات مستقبلية

الإرهاب في الصومال وأهمية المواجهة

 

 

 

 

استهدف تفجير انتحاري مزدوج يوم الأحد الماضي، فندقًا قرب القصر الرئاسي بالعاصمة الصومالية مقديشو، حيث فجّر انتحاريان كانا يرتديان أحزمة ناسفة مدخل فندق كان يقيم فيه مسؤولون حكوميون. كما أعقب التفجيرات اشتباكات بين حراس الفندق ومسلحين من مقاتلي حركة الشباب حاولوا اقتحام المكان. ويتزامن ذلك مع استمرار القوات الحكومية، بالتعاون مع زعماء العشائر الصومالية، في شن عمليات عسكرية ضد “حركة الشباب” قتلت خلالها مئات من عناصر الحركة واستعادت السيطرة على مناطق عديدة. ومنذ سنوات يخوض الصومال حربًا ضد حركة الشباب الإرهابية التي تأسست مطلع 2004، وهي حركة مسلحة تتبع فكريًا الآن تنظيم”القاعدة” الإرهابي.

ويتطلب القضاء على الإرهاب في الصومال خطة معقدة ومتشعبة ومستدامة من قبل الحكومة الصومالية بالتعاون مع المجتمع الدولي وحلفائه من الإقليم ومن خارجه. ويأتي على رأس تلك الخطة تجفيف منابع الإرهاب، وذلك عبر مراجعة الحكومة الصومالية لسياستها المالية، وإنشاء مؤسسات حكومية (كوحدة استخبارات مالية على سبيل المثال) تراقب التدفق المالي، ما يساعد الصومال على اكتشاف حركة الأموال وطريقة تهريبها لصالح “حركة الشباب” المتطرفة.

كما يمثل التواصل والتحالف بين الحكومة وزعماء العشائر الصومالية من جهة وبين الحكومة الفيدرالية وحكام الولايات من جهة أخرى وسيلة ناجعة لمواجهة حركة الشباب الإرهابية وتعزيز عملية مكافحة الإرهاب وذلك بالتبادل الأمني والاستخباراتي بين تلك الأطراف. كما يجب أن تشمل الخطة تحسين العلاقات مع بعثة الاتحاد الإفريقي “أتمص” (22 ألف جندي) ودول الإقليم (خصوصًا دول الجوار ولاسيما كينيا) والقوى الدولية لتمهيد الأرض لإمكانية إعادة الاستقرار في الصومال ومكافحة الإرهاب بمواجهة حركة الشباب الإرهابية على كافة الأصعدة. وفي هذا السياق وقّع هذا الشهر جهاز المخابرات والأمن الوطني الإثيوبي ونظيره في الصومال مذكرة تفاهم حول التنسيق في التصدي لحركة الشباب التي يعتبرها كلا الطرفين ليس تهديدًا للصومال فقط،بل لكل دول القرن الأفريقي أيضًا.

كما يجب إخراج الصومال من المعادلات والتنافسات الإقليمية والدولية، حيث تستغل العديد من القوى الإقليمية والدولية الحالة التي عليها الصومال في سبيل تحقيق مصالحها. كما أنه من الضروري أن تعتمد سياسات مكافحة الإرهاب في الصومال على إصلاح الحكومة الاتحادية، والقضاء على الفساد بين أجهزتها.

كما يمكن أن يضاف للحلول السابقة ما طالب به الرئيس الصومالي مؤخرًا من رفع حظر السلاح عن الصومال وزيادة الدعم الإنساني والفني الذي تقدمه الأمم المتحدة والدول الصديقة للحكومة الصومالية. كما يمثل عدم تركيز سياسات مكافحة الإرهاب على الحلول العسكرية والأمنية دون غيرها من أدوات مجابهة حركة الشباب الإرهابية – يمثل أهم محاور تلك الخطة، وذلك بتطوير المؤسسات التعليمية والاقتصادية في الصومال، وكذلك الاهتمام بنشر الفكر الصحيح عن الإسلام، بعيدًا عن كتب المتشددين ودعاتهم.

ولكن ما يقف حجر عثرة أمام الحلول النظرية المقترحة لمجابهة الإرهاب في الصومال تحديات من بينها عدم تماسك قوات الأمن الوطنية الصومالية بدرجة كافية، وكذلك التوترات السياسية المستدامة؛ مما يحوّل الانتباه بعيدًا عن المشكلات الأمنية التي تعانيها الصومال. بالإضافة إلى أن التأثير السلبي في بعض الأحيان للانتماء العشائري يمثل تحديًا كبيرًا، حيث تستفيد حركة الشباب الإرهابية من الصراع بين العشائر في بعض المناطق. كما يمثل ضعف قدرات القوات الأفريقية مشكلات مالية ولوجستية، وفي كثير من الأحيان تُقابَل بالرفض الشعبي، وربما الرسمي في بعض الأحيان، فبعض الحكومات الصومالية تعتبر هذه التدخلات اختراقًا لسيادتها، مما يعيق مساهمتها الفعالة في مجابهة الإرهاب في هذا البلد.

 

 


تعليقات الموقع