ما يقرب من نصف الأسر الأميركية التي تخطى عائلها سن 55 عاماً لا يملك مدخرات تقاعدية

الضغوط المالية ومتطلبات العصر

مقالات
ميشيل كوتل:كاتبة في نيويورك تايمز

الضغوط المالية ومتطلبات العصر

 

 

في عام 2018، كان هناك 52.4 مليون أميركي تبلغ أعمارهم 65 عاماً أو أكثر و6.5 مليون في سن 85 عاماً أو أكثر. وبحلول عام 2040 ستصل هذه الأرقام إلى 80.8 مليون في سن 65 عاماً و14.4 مليون في سن 85 عاماً. من الآن حتى عام 2030 سيبلغ متوسط عدد البالغين 65 عاماً 10 آلاف شخص كل يوم. وبالفعل فإن الرعاية الصحية تتراجع أمام عدد السكان، إذ إن قائمة انتظار Medicaid للرعاية الصحية المنزلية باتت تستغرق أكثر من ثلاث سنوات.
بعد ذلك، هناك عامل الوضع المالي لكبار السن، إذ إن ما يقرب من نصف الأسر الأميركية التي تخطى عائلها سن 55 عاماً لا يملك مدخرات تقاعدية، وفقاً لبيانات عام 2016، ويواجه الكثير من الأميركيين الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً محاولة الحصول على دخل الضمان الاجتماعي وحده، والذي يوفر متوسط تقاعد يبلغ 18.516 دولار سنوياً.
قارن هذا بسعر الرعاية الطويلة الأمد. فعلى الصعيد الوطني، يبلغ متوسط تكلفة غرفة شبه خاصة في دار رعاية المسنين أكثر من 93 ألف دولار سنوياً، وفقاً لمسح أجرته مؤسسة Genworth Cost of Care لعام 2020. ويبلغ متوسط التكلفة السنوية لتوظيف مساعد صحي منزلي بدوام كامل نحو 50 ألف دولار. ويقدّم عشرات الملايين من الأميركيين رعاية غير مدفوعة الأجر لأفراد الأسرة، مما يكلّف مقدم الرعاية آلاف المصروفات سنوياً بالإضافة إلى وقت العمل والأجور الضائعة.
الأرقام لا تستمر على حالها، أو بالأحرى تتصاعد مع انخفاض الاستقرار المالي للعائلات. الحقيقة القاتمة هي أن غالبية كبار السن سيحتاجون إلى رعاية طويلة الأمد، ومن المتوقع أن يحتاج ما يقرب من 70% من الأميركيين الذين بلغوا الخامسة والستين من العمر اليوم إلى خدمات ودعم موسع في مرحلة ما. نحو 20% سيحتاجون إلى رعاية لأكثر من خمس سنوات. وعلى الرغم من ذلك، فإن غالبية أولئك الذين تبلغ أعمارهم 40 عاماً أو أكثر لم يخططوا لرعايتهم على المدى الطويل، وفقاً لمسح أجراه مركز AP – NORC لأبحاث الشؤون العامة في عام 2021.
يفترض الكثير من الأميركيين ببساطة أن احتياجاتهم سيتم التعامل معها من Medicare، لكن الواقع يقول: “لا”، حيث يتولى برنامج Medicare الرعاية اللاحقة للحالات الحادة، بشكل عام للأشخاص الذين أقاموا في المستشفى، ولا يتعامل مع المساعدة المعيشية الروتينية أو رعاية الحضانة. ويقع الجزء الأكبر من هذه المسؤولية على عاتق Medicaid المصممة لمساعدة الفقراء وقد تم وضع اشتراطات مالية لها، حيث يتطلب – مع وجود اختلافات بين ولاية وأخرى – من كبار السن ألا تتعدى قيمة أصولهم نحو 2000 دولار قبل التأهل للحصول على المساعدة.
ولتجنب إجبار كبار السن من الطبقة الوسطى على إفقار أنفسهم عمداً، يجب تخفيف متطلبات التأهل لبرنامج Medicaid. لكنّ هذا من شأنه أن يفرض ضغوطاً مالية أكبر على البرنامج المرهق بالفعل والميزانيات الحكومية التي تموله.
أحد مجالات الحياة الذي يحمي الناس من وقوع كارثة مالية، هو شراء التأمين، ولكن ثبت أن سوق التأمين على الرعاية طويلة الأجل تمثل مشكلة. فعلى عكس الرعاية الصحية أو التأمين على السيارات، لا يكلف غالبية الناس أنفسهم عناء شراء تغطية رعاية طويلة الأجل رغم أنهم يكونون أكثر عرضة للرعاية في مراحل لاحقة من حياتهم. ويؤدي هذا إلى زيادة الأقساط ويخلق ما يسميه الخبراء “دوامة الموت”؛ فكلما ارتفعت الأقساط، قلّ عدد الأشخاص الذين يستطيعون تحملها.
لقد تخلت معظم شركات التأمين عن أعمال الرعاية طويلة الأجل، وباتت خيارات سياستها المتبقية محدودة، إذ تكون باهظة الثمن أو تقدم مزايا غير كافية – أو كليهما.
في عام 2012، قام قطاع عريض من خبراء السياسات ودعاة المستهلكين وممثلي الصناعة، بتشكيل جمعية تمويل الرعاية التعاونية الطويلة الأجل لاستكشاف نماذج تمويل أكثر استدامة. كانت التوصية المركزية في التقرير النهائي للمجموعة الصادر في عام 2016، هي إنشاء برنامج تأمين عام شامل. فقد أنشأت الكثير من الدول المتقدمة، بما في ذلك اليابان ومعظم دول أوروبا الغربية، برامج تأمين رعاية طويلة الأجل بمختلف الأشكال والأحجام. وبالنسبة إلى الولايات المتحدة، أوصى ذلك النوع من التعاونيات بما عُدّ “خطة كارثية” من شأنها أن تغطي التكاليف الخفية للأشخاص الذين ينتهي بهم الأمر في حاجة إلى مستوى عالٍ من الرعاية. وفي هذه الحالة سيكون الأفراد مسؤولين عن السنة الأولى أو أكثر من التكاليف “سيعتمد النطاق الزمني المتدرج على دخلهم مدى الحياة” وبعد ذلك ستبدأ الفوائد.
كما يمكن للأشخاص اختيار تغطية النفقات الأولية بالشكل الذي يرونه مناسباً، بما في ذلك المدخرات. من الناحية المثالية، من شأن تلك الخطة العامة أن تساعد في إنعاش السوق الخاصة أيضاً. ومع تحييد مخاطر تكاليف المطالبات المفتوحة إلى حد كبير، يمكن لشركات التأمين تقديم سياسات أفضل وبأسعار معقولة.
يجب أن يكون البرنامج عالمياً وإلزامياً. فقد سعى قانون الرعاية الميسرة إلى إنشاء برنامج تأمين طوعي طويل الأجل أطلق عليه “خطة CLASS”، لكنها واجهت نفس مشكلة الاختيار السلبية التي ابتليت بها السوق الخاصة وتم حلها بسبب مخاوف الجدوى المالية قبل أن تبدأ على الإطلاق.
يمكن أن يأتي التمويل من أي عدد من الآليات، بما في ذلك ضريبة القيمة المضافة الجديدة أو ضريبة الرواتب أو ضريبة تنطبق فقط على الدخل فوق مستوى معين، تماماً كما تنطبق ضريبة الضمان الاجتماعي فقط على الدخل الذي يقل عن مستوى معين.
استقبلت الاختلافات في فكرة “الخطة الكارثية” الدعم من جهات كثيرة – كان آخرها من النائب توماس سوزي، وهو ديمقراطي من نيويورك ومحاسب عام سابق معتمد. في الشهر الماضي قدم تشريعاً من شأنه أن يؤسس مثل هذا البرنامج. بموجب قانون “WISH” الخاص به، سيسهم كل من العمال وأرباب العمل بنسبة 0.3% من الأجور في صندوق ائتماني للرعاية الطويلة الأجل، ليروج للخطة كشراكة بين القطاعين العام والخاص من شأنها أن تنقذ السوق الخاصة أيضاً.
المشهد السياسي الحالي ليس واعداً لهذا المستوى من الإصلاح، إذ يستاء المشرعون الجمهوريون من أي شيء يشبه استحقاقاً جديداً – ناهيك بزيادة الضرائب. وقد تعهد الرئيس بايدن بعدم رفع الضرائب على أي شخص يربح أقل من 400 ألف دولار. لكن أزمة الرعاية الطويلة الأمد ستزداد سوءاً، ويحتاج الناس إلى بدء دق ناقوس الخطر.عن “الشرق الأوسط”


تعليقات الموقع