توصيات بتلقِّي اللقاح واتباع نظام غذائي صحي وممارسة الرياضة للوقاية من مخاطر مضاعفات الإنفلونزا على القلب

الإنفلونزا الشديدة قد تصيب القلب مباشرةً

الرئيسية منوعات
هبة حسين:صحفية علمية

الإنفلونزا الشديدة قد تصيب القلب مباشرةً

 

 

 

 

 

بعكس الاعتقاد الشائع، اكتشف فريق من الباحثين بجامعة ولاية أوهايو الأمريكية لأول مرة أن مشكلات القلب المرتبطة بالإصابة بالإنفلونزا لا تنتج عن الالتهاب الشديد في الرئتين، موضحين أن “الخلل الكهربي وتندُّب القلب اللذَينِ يظهران لدى مَن عانوا من الإنفلونزا الشديدة يرجعان إلى التأثير المباشر للفيروس على خلايا القلب”.

وكان الباحثون في دراسات سابقة قد وجدوا جزيئات لفيروس الإنفلونزا في خلايا القلب لدى الفئران المصابة، دون التأكد من أن وجودها يسبب تلفًا بالقلب.

وتشير الدراسة التي نشرتها دورية “ساينس أدفانسز” (Science Advances)، 11 مايو، إلى أن “الفئران أظهرت أعراضًا التهابيةً تقليديةً للإنفلونزا دون أي مضاعفات على القلب عندما تم حَقنها بفيروس إنفلونزا مُعدل وراثيًّا بحيث يفقد قدرته على التكاثر في خلايا القلب”.

يقول “جاكوب يونت” -الأستاذ المساعد بقسم العدوى الميكروبية والمناعة في كلية الطب بجامعة ولاية أوهايو، والمؤلف الرئيسي- في البيان المصاحب للدراسة: نحاول معرفة كيفية حدوث الإصابة المباشرة للقلب، وهل تقتل خلاياه أم أن لها تشعُّبات طويلة المدى؟ وهل الإصابة المتكررة بالإنفلونزا تسبب مضاعفات للقلب بمرور الوقت؟

ووفق دراسة سابقة أُجريت على أكثر من 80 ألف شخص أمريكي بالغ تم نقلهم إلى المستشفى مصابين بالإنفلونزا على مدار ثمانية مواسم في الفترة من 2011 وحتى 2018، فإن “مرضى الإنفلونزا الذين تم احتجازهم بالمستشفى ظهرت لديهم مشكلات بالقلب، وإن نحو 12% من البالغين المحتجزين بسبب الإنفلونزا على مدى ثمانية أعوام أصيبوا بمضاعفات قلبية خطيرة ومفاجئة”.

تخصص “يونت” في مجال دراسة الإنفلونزا لسنوات، وقام مختبره بتطوير نموذج لفأر يفتقر إلى جين IFITM3، الذي يقوم بترميز بروتين “إنترفيرون 3″ ويؤدي دورًا بارزًا في مكافحة فيروسات متعددة مثل فيروسات الإنفلونزا و”سارس” و”ماربورج” و”إيبولا”، ويساعد الجهاز المناعي الفطري في التخلُّص من العدوى الفيروسية.

ووجد فريقه البحثي في أطروحة سابقة أُجريت عام 2019 أن الفئران التي تفتقر إلى وجود هذا الجين وتصاب بالإنفلونزا تكون مُعرضةً إلى حدٍّ كبير لمشكلات قلبية، وأوضح الباحثون أن 20% من الصينيين و4% من الأوروبيين لديهم متغير جيني يسبب نقص جين IFITM3، وأن هؤلاء الأشخاص يكونون أكثر تعرضًا للإصابة الشديدة بالإنفلونزا وللمضاعفات القلبية، وفق تجارب أُجريت على الفئران.

قام الباحثون في هذه الدراسة بالتعاون مع باحثين بجامعة “منيسوتا” بتعديل الجينوم الخاص بفيروس إنفلونزا من سلالة H1N1، بحيث لا يستطيع الفيروس السيطرة على خلايا القلب وعمل نسخ من نفسه، وقاموا بحَقن الفيروس المُعدل وفيروس عادي في فئران طبيعية وأخرى تفتقر إلى وجود جين IFITM3.

وتسبَّب كلا الفيروسين في التهابات بالرئة وأجهزة الجسم، وتوليد تركيزات عالية من الجزيئات الفيروسية في الفئران، ولكن الفيروس المُعدل لم يُكتشف في الخلايا القلبية للفأر العادي، وكان موجودًا بتركيزات منخفضة جدًّا في قلوب الفئران التي تفتقر إلى وجود هذا الجين.

لاحظ الباحثون وجود تلف أقل في عضلة القلب ومؤشرات حيوية أقل لإصابة الخلايا وتندُّب أو تليُّف أقل في أنسجة القلب، وانخفاض في مشكلات الإشارات الكهربائية في قلوب الفئران التي تلقَّت الفيروس المعدل وراثيًّا.

يقول “يونت” في تصريحات لـ”للعلم”: أتاحت الدراسة التمييز بين الالتهاب الرئوي الشديد والتكاثر المباشر للفيروس في القلب، ونستكمل حاليًّا أبحاثنا المختبرية حول كيفية إصابة القلب، خاصةً وأن الإنفلونزا تركز على التسلل إلى الرئتين، في حين أن  الفيروس لا يوجد عادةً في الدم أو في الأعضاء الأخرى، لذا من المبكر -من وجهة نظري- التنبؤ بكيفية الاستفادة من نتائج الدراسة في علاج مرضى الإنفلونزا المحتجزين بالمستشفيات ممن يعانون من مضاعفات قلبية، لكن يمكننا القول إن القضاء على العدوى الفيروسية يمكن أن يكون مفتاحًا لتقليل تأثيرات الإنفلونزا على القلب، وهو ما يرجح أهمية الحصول على تطعيم الإنفلونزا لحماية القلب من آثار الإصابة بالإنفلونزا.

يضيف “يونت”: كثير من الدراسات في العالم أظهرت ارتفاع معدل الإصابات القلبية خلال موسم الإنفلونزا،  وأن اللقاح يمثل نوعًا من الحماية، وبالنسبة للأشخاص الذين يفتقرون إلى وجود جين IFITM3، تشير الدراسات إلى أن استجابات الأجسام المضادة التي يسببها التطعيم تعوض بدرجة كبيرة هذا النقص، كما أن حماية القلب تتطلب أيضًا اتباع نظام غذائي صحي وممارسة الرياضة، ليس فقط لصحة القلب، بل لتقليل خطورة مضاعفات الإنفلونزا على القلب أيضًا.

ويتابع: الخطوة البحثية الجديدة تتمثل في دقة تحديد المسارات الجزيئية التي تسبب الضرر والخلل الوظيفي في القلب عند مهاجمة الإنفلونزا للخلايا القلبية، أملًا في استهداف المسارات الالتهابية والتليفية بالأدوية في أثناء الإصابة بالإنفلونزا للوقاية من تلف القلب على المدى الطويل.عن “ساينتافيك أميريكان”

 


تعليقات الموقع