على جميع الأطراف الحريصة على حل الأزمة وإنهاء معاناة الليبيين أن تتجاوب إيجابياً مع المبادرة بما يتطلبه ذلك بالطبع من تقديم تنازلات

مبادرة جديدة لتحريك المصالحة في ليبيا

الرئيسية مقالات
مركز تريندز للبحوث والاستشارات

 

اتجاهات مستقبلية

مبادرة جديدة لتحريك المصالحة في ليبيا

 

 

 

دعا رئيس الحكومة الليبية المكلف من قبل مجلس النواب “فتحي باشاغا”، يوم الثلاثاء الماضي عقب الاجتماع الثاني لحكومته بدرنة، إلى حوار وطني يشمل كافة القوى السياسية، والتشكيلات العسكرية والاجتماعية الراغبة في إقامة حياة مدنية قوية.

وغاية المبادرة توسيع دائرة التواصل والمشاركة مع الجميع، وهي كما قال باشاغا تعكس الرغبة في توحيد الجهود، والاتفاق على القيم والمبادئ الوطنية، والاستعداد للبناء. والسؤال المهم هو هل يمكن لهذه المبادرة أن تنجح وتلقى استجابة لا سيما في ظل المبادرات الأخرى سواء من داخل ليبيا أو خارجها.

تهدف مبادرة “باشاغا” إلى تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية: الحفاظ على السيادة الليبية، ومنع التدخلات الأجنبية بكافة أشكالها من جميع الأطراف، وتحقيق تطلعات الشعب الليبي في إجراء الانتخابات. كما أكدت المبادرة أيضاً عدم اللجوء إلى العنف ومنع أي مواجهات بكافة أشكالها، واحترام الشرعية الليبية والقوانين والإجراءات التي نتجت عن الهيئات التشريعية والعفو والمصالحة مع الالتزام بعدم ارتكاب أي تجاوزات في المستقبل، وبناء المؤسسات الأمنية والمدنية، والتعاون الكامل في مكافحة الفساد وإنعاش الاقتصاد الوطني وتحسين الخدمات للمواطنين.

وهذه في الحقيقة نقاط شاملة وكاملة وهي في غاية الأهمية، وربما لا خلاف عليها أصلاً، ولكن المعضلة الرئيسية ليست فقط الانتخابات، ولكن أيضا الوضع العام في ليبيا، حيث يثار السؤال حول مدى واقعية مثل هذه المبادرة في ظل سطوة الجماعات المسلحة، والوضع الأمني المعقد في البلاد بالإضافة إلى الانقسام.

فالمبادرة تأتي على وقع خلاف سياسي حاد حول السلطة، حيث ترفض حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد دبيبة تسليم مهامها لأي حكومة أخرى إلا بعد إجراء الانتخابات. والمشكلة هنا أنه لا يوجد أفق زمني لإجراء الانتخابات، فالخلاف بشأن القاعدة الدستورية التي ستجرى على أساسها، مستمرة، ولم تفلح الجهود التي تبذلها المبعوثة الأممية في التوصل إلى حل بشأن هذه المسألة الحاسمة.

ومع ذلك فإن، هناك بوادر أمل قد تكون مشجعة حيث عبرت الأطراف الرئيسية، مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، عن رغبتهما بالتوصل إلى حلول وسط وذلك في سياق المحادثات التي تجري في القاهرة. وهنا تتكسب المبادرة بُعداً آخر، لأنها تدعم الجهود الإقليمية لتذليل العقبات أمام حل المعضلة الدستورية، ولا سيما فيما يتعلق بتوسيع قاعدة المشاركة لتشمل كل القوى دون استثناء بما فيهم العسكريين.

وربما  يكون من النقاط الهامة الأخرى في المبادرة أيضاً ما يتعلق بدور الثوار والقوات المسلحة حيث أقرت بدورهم في مقاومة الاستبداد والحرب على الإرهاب، وهذا يعني أن الحكومة الجديدة منفتحة علـى الحوار مع كل القوى السياسية والعسكرية دون تحفظات وهذه نقطة انطلاق قوية.

ويبقى أن على جميع الأطراف الحريصة على حل الأزمة وإنهاء معاناة الليبيين أن تتجاوب إيجابيا مع المبادرة بما يتطلبه ذلك بالطبع من تقديم تنازلات، بل وتضحيات في سبيل إخراج البلاد من هذه “الظلمات”.

 


تعليقات الموقع