لإبقاء التضخم قيد السيطرة

مقالات

لإبقاء التضخم قيد السيطرة

 

كارلو بيتسينيللي

خبير اقتصادي

 

 

من الناحية الأخرى، فكر الخبراء في الأغلب في قناة الطلب المعروفة، التي تتنبأ بانخفاض التضخم استجابة لارتفاع أسعار الفائدة

 

 

استخدمنا المسح الذي أجريناه على 1500 خبير، لإلقاء الضوء على رأي الناس في الطريقة التي يعمل بها الاقتصاد ـ أو بلغة الاقتصاديين، “نماذجهم القائمة على التقدير الذاتي”. وقد طلبنا من المجيبين النظر في أربع صدمات افتراضية يتعرض لها الاقتصاد الأمريكي، ارتفاع حاد في أسعار النفط نتيجة انخفاض العرض العالمي، وارتفاع ضرائب الدخل، وزيادة إنفاق الحكومة الفيدرالية، وارتفاع سعر الفائدة المستهدف من الاحتياطي الفيدرالي.

وقد تمت دراسة هذه الصدمات على نطاق واسع في علم الاقتصاد الكلي، لكن يمكن لغير الخبراء فهمها أيضا من الناحية المفاهيمية. وللتأكد من أن جميع المجيبين استندوا في إجاباتهم إلى المعلومات نفسها، قدمنا لهم الأرقام الحالية لمعدلات التضخم والبطالة، وطلبنا منهم وضع تنبؤاتهم للمتغيرين خلال العام التالي. ثم قدمنا لهم أخبارا عن إحدى الصدمات الافتراضية الأربع، وطلبنا منهم وضع تنبؤات جديدة للتضخم والبطالة.

وأوضحت ردودهم أن آراءهم حول آثار الصدمات الاقتصادية كانت متباينة إلى حد كبير، مع وجود اختلافات كبيرة سواء داخل عينتي الأسر والخبراء أو بين العينتين. وفي بعض الحالات اختلفت آراء الأسر والخبراء حول ما إذا كان لصدمة معينة تأثير إيجابي أو سلبي في التضخم والبطالة. وأكثر ما كان لافتا للانتباه هو اعتقاد الأسر في المتوسط أن ارتفاع سعر الفائدة الأساسي الصادر عن البنك المركزي وارتفاع ضرائب الدخل، يؤديان إلى ارتفاع التضخم على عكس تنبؤات الخبراء وعديد من النماذج المنهجية التي تشير إلى انخفاضه.

وفي الجزء الثاني من المسح بحثنا أسباب الاختلاف بين مجموعتي الخبراء والأسر وداخل المجموعتين. ويبدو أن جزءا من الاختلاف ينشأ لأن المجيبين يعتقدون أن الصدمات تعمل من خلال قنوات انتقال مختلفة ـ وتحديدا، آليات الطلب والعرض. وباستخدام مجموعة من الأسئلة متعددة الاختيارات ومربعات النص المفتوح، طلبنا من المجيبين وصف ما كانوا يفكرون فيه عند وضع تنبؤاتهم. وقد وجدنا أن هذه الروابط فسرت جزءا كبيرا من الاختلافات في التنبؤات. وليس من المستغرب أن الخبراء اعتمدوا في الأغلب على معرفتهم الفنية، باستخدام أطر عمل مأخوذة من مجموعات أدواتهم اليومية، وفي الغالب عمل إشارات مرجعية مباشرة للنماذج النظرية أو الدراسات التجريبية. وفي المقابل، اعتمدت الأسر على مجموعة واسعة من المناهج في وضع توقعاتها. واعتمدت في الأغلب على تجارب شخصية، أو تأثرت بآراء سياسية، أو توقعت ببساطة كيف يمكن أن تؤثر صدمة معينة في الاقتصاد.

وعلاوة على ذلك عندما تفكر الأسر في آليات معينة لانتشار الصدمات، فإنها في الأغلب ما تفكر في قنوات مختلفة تماما عما يفكر فيه الخبراء. وهذا بدوره يفسر جزئيا سبب اختلاف تنبؤاتها لبعض الصدمات بشكل ملحوظ عن تنبؤات الخبراء. فعلى سبيل المثال، في الأغلب ما فكرت الأسر في تأثير ارتفاع أسعار الفائدة على تكاليف اقتراض الشركات لرؤوس الأموال، التي تنتقل إلى المستهلكين عن طريق ارتفاع الأسعار. ومن الناحية الأخرى، فكر الخبراء في الأغلب في قناة الطلب المعروفة، التي تتنبأ بانخفاض التضخم استجابة لارتفاع أسعار الفائدة حيث يقوم المستهلكون بتخفيض الإنفاق وزيادة الادخار… يتبع.عن “الاقتصادية”

 

 

2

 

حماية حقوق الممارس الصحي فكرياً ومهنياً

 

محمد الأحيدب

كاتب عربي

 

 

لعل أكبر دليل على أن لكل ممارس في الفريق الصحي أهميته أنه حينما أصبح التأمين عن الأخطاء الطبية مطلباً وشرطاً للممارسة

 

 

هل تلاحظون معي أن عمليات جراحة القلب هي العمليات الوحيدة التي ينسب الجهد فيها لكامل الفريق الصحي وليس لطبيب بعينه ويجير فيها النجاح للفريق وليس لشخص يتصدر المشهد، وتصاغ أخبارها بطريقة مهنية متجردة من الاستحواذ على الشهرة لشخص؟

أعيدوا قراءة الأخبار في الصحف أو مواقع التواصل الاجتماعي أو شاهدوها في القنوات الفضائية وستجدون أن أطباء القلب مثل مؤيد الزيبق أو محمد بلغيث البارقي لا ينسبون نجاحاتهم في التدخلات الجراحية في القلب أو زراعة القلب أو تركيب الصمامات أو توسيع الشرايين أو علاج مشكلات القلب المعقدة، لأنفسهم أو للأطباء فقط، بل لكافة الفريق الصحي والذي يتكون من عدد من الممارسين الصحيين في عدد من التخصصات المختلفة، فلا يستحوذ فرد أو ممارس بعينه على الشهرة أو التقدير.

هذا السلوك الإعلامي المهني لقادة طب وجراحة القلب لدينا مثل د. مؤيد الزيبق أو د. محمد بلغيث وغيرهم كثر لا يحضرني حصرهم، هو السلوك الصحيح السليم المهني المثالي والذي يجب أن يندرج على كل إنجاز لفريق عمل، وهو يقودنا لسؤال عريض (متى نشرع في حفظ الحقوق الفكرية والمهنية للممارسين الصحيين في كافة التخصصات ونحفظ لهم إنجازاتهم بعدالة وانصاف لأدوارهم جميعا في النجاح؟!).

تريدون الصراحة فإنه مثلما سرق حقوق فكرية لمفكرين ومبدعين ومخترعين فقد سرق حقوق مهنية وإبداعية لممارسين صحيين ونسبت لغيرهم ومنهم فنيو تخدير ومختبرات وفنيو تنفس وصيادلة، بل وحتى أطباء جراحة مخ وأعصاب وجراحة أوعية دموية وليمفاوية دقيقة وجراحة عظام وجراحة مسالك بولية نسب إبداعهم ونجاحهم لرئيس الفريق ولم يأتِ لهم ذكر وأحبطوا وذهب أصحاب حب الظهور بالأجور.

ونحن نعيش اليوم في عهد حزم وعزم ومهنية ونشهد توجها جادا لاستراتيجية وطنية لحماية الحقوق الفكرية أجدها مناسبة لاقتراح أن تقوم وزارة الصحة والقطاعات الصحية الأخرى بإعادة تقييم شامل للإنجازات الصحية عن طريق مختصين ثقات وإعطاء كل فرد من أفراد الفريق الصحي حقه وتميزه سواء كان طبيبا متخصصا في تخصص دقيق أو أي ممارس صحي كل في مجاله وفنه وإبداعه وعمل الفريق يجير للفريق وليس لفرد حتى لو كان رئيس فريق، ولعل أكبر دليل على أن لكل ممارس في الفريق الصحي أهميته أنه حينما أصبح التأمين عن الأخطاء الطبية مطلبا وشرطا للممارسة، شمل به بقية الممارسين وذكروا فيه سواء الصيادلة أو الاختصاصيين أو التمريض أو الفنيين بينما كان النجاح ينسب لممارس صحي واحد، فعجبا كيف ينسب النجاح لممارس واحد هو الطبيب ويؤمن عن الفشل للجميع؟! هذا لا يستقيم مع المنطق والعدل في توزيع الأدوار ودرجة أهمية كل فرد في الفريق.عن “الرياض”

 

3

 

أيها القاعدون أمام الشاشات.. ارفعوا كعوبكم

 

محمد المخزنجي

صحفي علمي

 

 

خضع للبحث خمسة وعشرون متطوعاً ومتطوعة في مختبر فائق التقدم مدجج بأجهزة الرسم الكهربي لعمل العضلات

 

 

بعد قرن من تداوله، صار مصطلح ” وقت الشاشة” screen-time مقياسًا للساعات التي يقضيها الإنسان جالسًا أمام الشاشات الرقمية التي تكاثرت وتنوعت في أيامنا، خاصةً هذه المرتبطة بالإنترنت، ومن ثم بات المصطلح معيارًا للخطورة الصحية المترتبة على هذا القعود إن طال زمنه، وقد أجمعت آراء المختصين على أن “وقت الشاشة الصحي” خارج نشاطات العمل ينبغي أن يكون أقل من ساعتين في اليوم! لكن واقع الأمر يسخر بمرارة من هذا التقييد الزمني الذي بات شبهَ مستحيل، وهو ما تُفصح عنه أحدث إحصاءات “وقت الشاشات” هذا العام، وعلى مستوى العالم.

كأنها جائحة رقمية

وفقًا لموقعي “كومباريتك” و”داتاريبورتال”، يقضي الشخص العادي في جميع أنحاء العالم ما متوسطه 6 ساعات و57 دقيقة يوميًّا وهو جالس يحدق في الشاشات المرتبطة بالإنترنت، وهذا يعني أن إنسان أيامنا يقضي أكثر من نصف نهاره جالسًا! بينما التصميم الأساسي العظيم لتكويننا يقول إننا لم نُخلَق لنجلس معظم نهارنا، وبنظرة طبية تطورية فإنه ما من مخالفة لهذا التصميم إلا وتُفضي إلى المرض، ومن ثم بات حتميًّا أن تطلق الجهات الصحية إنذار: “البشرية في خطر”!

خطر يمثله هذا الأَسْر الشامل للبشرية أمام شاشات عصرنا الوامضة، بدءًا من معاناة العينين، التي صار لها مصطلح طبي هو “متلازمة الرؤية الحاسوبية”، أو “الإجهاد الرقمي للعين”، وبقربها الآثار النفسية والعصبية وحتى الاجتماعية، لكن الخطر الأكبر بحجم شموله العددي واتساعه الجغرافي هو ما يسمى “متلازمة الأيض” أو “متلازمة الاستقلاب” أو “متلازمة التمثيل الغذائي” metabolic syndrome.

حرق السعرات ومحرقة الشاشات

بإيجاز يُعرَّف التمثيل الغذائي بأنه: العملية الكيميائية الحيوية التي يحوِّل الجسم من خلالها الطعام والشراب إلى طاقة لتشغيل آليات الجسد التي تُبقيه على قيد الحياة، وترميم ما يتضرر من تكوينه، ودعم ما يتجدد، ومن ثم فإن أي اضطراب للتمثيل الغذائي في أجسامنا يهدد أداءنا لمهماتنا في الحياة، وبتفاقُمه يقصف هذه الحياة، ووفقًا لمعطيات “هوبكنزميدسن” هناك خمس حالات لاضطراب التمثيل الغذائي تمثل عوامل خطر من جرَّاء القعود الطويل وتُفضي إلى أمراض القلب والأوعية الدموية ومضاعفاتها التي تكاد لا تستثني جهازًا حيويًّا في أجسامنا إلَّا وأعطبته، وهذا الخماسي المشؤوم يتضمن: السمنة في منطقة البطن، وارتفاع ضغط الدم، وارتفاع نسبة السكر في الدم، وفي الدم أيضًا ترتفع الدهون الثلاثية، ويهبط الكوليسترول الحميد.

ويُلاحَظ أن عوامل الخطر الخمسة هذه وما ينجم عنها من عواقب مرضية لم تعد تستثني الأطفال ولا المراهقين الذين يمثلون شريحةً كبيرةً ممن يتابعون هذه الشاشات في وضع القعود المتيبس أو حتى الاضطجاع الخامل، وقد وثّْقت الأبحاث ارتباط هذه المتلازمة بزيادة “وقت الشاشات” بين الأطفال والمراهقين بنسبة 58٪، وبمعدل زيادة احتمال المتلازمة بنسبة 29٪ لكل ساعتين زائدتين من هذا الوقت يوميًّا، وبدهي أن كبار السن الذين لحقت قوافلهم بركب مستهلكي “وقت الشاشات” قعودًا هم فئة أيسر استهدافًا بمتلازمة اضطراب التمثيل الغذائي؛ لأن التمثيل الغذائي لديهم يبيت أكثر وهنًا مع التقدم في العمر، وتكون أذيته أوخم وأسرع قصفًا لما تبقى من أعمارهم، لأن ضَعفَه في شيخوختهم يتضاعف بإبطائه الذي يسببه بالجلوس!

رياضة الإنسان القاعد؟!

في مواجهة هذا الخطر المُهدِّد لحيوية “الإنسان القاعد” وحياته أمام الشاشات، راجت إعلانات تزعم تحويل النقمة المرضية لهذا القعود إلى نعمة صحية عنوانها “معدات التمرين تحت المكتب”: مشَّايات متحركة مع العمل وقوفًا أمام مكتب مرتفع يحمل جهاز الكمبيوتر، وبدَّالات دراجات مصغَّرة تحت المكتب، وجميعها مُلحَق بعدادات رقمية تحسب السعرات التي يحرقها الجالس أمام الشاشة أو الواقف حيالها، عروض خلابة لكن ما من بحوث علمية رصينة وموثوقة تقطع بحجم العائد من هذه التمارين على هذه الأدوات! أما الذي لا شك فيه، ويمكن لمحه عبر فيديوهات هذه الرياضة الشاشوية، فهو العجز الواضح عن الثبات المطلوب للعمل بكفاءة على لوحات مفاتيح أو شاشات لمس الأجهزة الوامضة فوق المكتب، سواء من جلوس، أو من وقوف! وهو ما خَرج به كاتب هذه السطور بعد تجريب عملي وإمعان تأمُّلي، فأين النجاة؟!!

في “نعل تحت بطن العجل”؟!

بتاريخ 22 سبتمبر هذا العام، نشر موقع نيورو ساينس مقالًا عنوانه: “يمكن لعضلة “خاصة” أن تعزِّز حرق الجلوكوز والدهون لتنظيم التمثيل الغذائي لساعات في أثناء الجلوس”، وكان المقال عن بحث استغرق سنوات لفريق علمي من جامعة هيوستن، بقيادة مارك هاميلتون، أستاذ الصحة والأداء البشري بهذه الجامعة، وفي جولة سريعة عبر الإنترنت، تبين أن هناك عشرات المواقع العلمية والإعلامية تكتب وتتحدث عن هذا البحث بحماس مفهوم الدوافع، فهو يقدم لأكثر من خمسة بلايين إنسان مُهدَّدين بعواقب الجلوس الطويل أمام الشاشات، أملًا في النجاة من شر هذه العواقب، وبتمرين يسير لعضلة واحدة في رَبلة الساق في أثناء الجلوس لا يتطلب إلا تكرار رفع الكعب عن الأرض ثم تركه يعود تلقائيًّا إلى مكانه، وجاء هذا التمرين كخلاصة تطبيقية لمخرَجات البحث، وأطلق عليه مبتكروه رمز “SPU” اختصارًا لجملة soleus push up، أي “تمرين ضغط النعل”! فعضلة soleus التي كانت موضوع البحث، اشتُق اسمها من أصل لاتيني بمعنى “صندل” وتُعرَّب إلى “نعل”، وتقع في ربلة الساق calf وترجمتها “عِجل”، تحت عضلة أكبر هي gastrocnemius أي”بطن الساق”، فلو التمسنا ترجمةً لتحديد الموقع

التشريحي لعضلة موضوعنا لقلنا إنها “النعل تحت بطن العِجل”!! ويبدو أن فريق هذا البحث وقد أذهلهم ما أظهره بحثهم من فرادة هذه العضلة استحسنوا وصفها بأنها “خاصة” أو فريدة special، وإن اضطروا إلى استخدام اسمها المَهين في ورقتهم البحثية، لأنه سائد ومستقر في مراجع علم التشريح، أما وأن هذا المقال مفتون بأعجوبة ما اكتشفه البحث في هذه العضلة، فإنه لن يشير إليها إلا بالاسم الذي تستحقه، وهو: “الفريدة”.

قلبان في رِجلَينا

تنشأ هذه “الفريدة” برأسين متقاربين من قمة عظْمتي الساق خلف مفصل الركبة، ثم تهبط في خلفية الساق متوسعة رقيقة في شكل شبه بيضاوي -يوصف بأنه “ماسي”، خاصةً لدى الإناث- وعند منتصف الساق تتضاغط أليافها لتكوِّن وترًا قويًّا يتحد مع وتر عضلة بطن ساق فوقها، فيُكوِّنان معًا أغلظ أوتار عضلاتنا وأكثرها متانة: الوَتَر العَقِبِيّ calcaneal tendon أو العُرْقُوب، أو وتر أخيل أو Achilles tendon الذي يهبط منغرسًا في ظهر عظْمة الكعب، فإذا انقبضت هذه “الفريدة” ترفع الكعب ويهبط طرف القدم إلى أسفل، وإذ انبسطت يعود الكعب للهبوط، وهذا هو المشهور من وظيفتها الحركية التي تشارك عضلات أخرى في المشي والجري والرقص! كما أنها بانشدادها المرن تضغط على أوردة سيقاننا فتدفع بالدم غير المؤكسد -ضد قوة الجاذبية- إلى أعلى نحو القلب، لهذا توصف العضلتان “الفريدتان” في عمق رَبلتَينا بأنهما “القلبان الطرفيان في رِجلينا”، ولولاهما لركد هذا الدم في سيقاننا وتخثر ثم صعدت خثراته لتخنق رئاتنا أو قلوبنا أو الأدمغة! فأي فريدتين هما؟!

ليس اختراعًا بل اكتشاف خبيئة

إنه أمرٌ يكاد لا يُصدَّق، فتمرين ضغط هذه الفريدة SPU الذي يركز على تشغيل هذه العضلة وحدها في ساقينا، وفي أثناء الجلوس، وتبعًا للنص الكامل لورقة البحث الأصلية المنشورة في موقع “آي ساينس” في 16 سبتمبر الماضي، يكاد لا يتطلب أكثر مما يتطلبه جفن العين في الإغماض والتفتيح! وقد وصفت الورقة البحثية هذا التمرين في عنوانها بأنه “طريقة فسيولوجية فعالة لتعظيم واستدامة التمثيل الغذائي المؤكسِد لعضلة يُحسِّن تنظيم الجلوكوز والدهون”، فهذا العنوان ينفي أيَّ ادعاء لـ”اختراعٍ” ما، بل هو اكتشاف لما ظل كامنًا في تكويننا ولم يسبق التنبُّه إليه، ومن المفارقات أن هذا البحث بدأ مشروعه بدراسة فروق أداء هذه العضلة بين الذكور والإناث، للتوظيف المناسب لكل جنس في برامج اللياقة والصحة، وقد خضع للبحث خمسة وعشرون متطوعًا ومتطوعة في مختبر فائق التقدم مدجج بأجهزة الرسم الكهربي لعمل العضلات، والرصد بالأشعة التلفزيونية، والمتابعة بالرنين المغناطيسي، وأخذ خزعات من العضلة بإبر دقيقة لتحليل ما يستجد عبر تفعيلها في أوضاع مختلفة، خاصةً وضع الجلوس الذي سطع خلاله ما لم يكن معروفًا من فسيولوجية استثنائية لهذه “الفريدة”، وما أفضى إلى ابتكار تمرينها البسيط مدهش النتائج في أثناء الجلوس SPU، فكيف يؤدَّى؟

بساطة بالغة ونتائج مذهلة

لأداء تمرين SPU، ووفقًا لتوصيات مبتكريه، تُتبع هذه الخطوات:

1 ــ اجلس في استرخاء بحيث يكون مفصل الركبة مثنيًّا بزاوية قائمة والقدمان مبسوطتين على الأرض، بينما الزاوية بين مشط القدم وعظمة قصبة الساق قائمة أيضًا.

2 ــ ارفع الكعب (لكلتا القدمين) مع الحفاظ على أصابع القدم مثبتة على الأرض (هذه الحركة وتحت شروط الوضع السابق لا يكون مسؤولًا عن إحداثها إلا انقباض العضلة “الفريدة” وحدها؛ لأن باقي عضلات الساق تكون في حالة استرخاء).

3 ــ عندما يصل الكعبان إلى قمة نطاق حركتهما، اتركهما ليهبطا تلقائيًّا -دون بذل أي جهد- لملامسة الأرض من جديد.

4 ــ كرر التمرين.

واضح أنها خطوات بالغة البساطة يسيرة الجهد، لكن تحديدها لم يكن يسيرًا إلا بعد تجريب طويل للتوصُّل إلى الوضع الذي يجعل الخلايا العصبية الحركية تُنشّط العضلة “الفريدة” وحدها، ومن ثم تكشف عما تكتنزه -منفردة- من قدرات استثنائية تثير غاية الدهشة، فوفقًا للبحث:

* بينما تُسهم العضلات الـ600 في جهازنا العضلي، كلها مجتمعة، بحوالي 15٪ فقط من التمثيل الغذائي التأكسدي لكامل الجسم في غضون ثلاث ساعات بعد تناول الكربوهيدرات، فإن “الفريدة” -وهي 1٪ فقط من وزن الجسم- قادرة على رفع معدل التمثيل الغذائي التأكسدي للكربوهيدات في أثناء انقباضات هذا التمرين بمقدار الضعف، وحتى ثلاثة أضعاف، ولمجمل الجسد!

* برغم عدم تجاوُزها 1% من وزن الجسم، إلا أنه عندما يجري تنشيطها عبر تمرين SPU تُحسِّن صحة التمثيل الغذائي في بقية الجسم ولساعات عديدة، ما يؤدي إلى تقليل تراكُم الدهون الضارة وزيادة الجيدة وتخفيض سكر الدم مع تقليل الاحتياج إلى الإنسولين.

* تنظم جلوكوز الدم بما يفوق التمارين الرياضية كثيفة الجهد، ونُظم إنقاص الوزن، وأسلوب الصوم المتقطع.

* تتجاوز حدود تحسين التمثيل الغذائي الموضعي لها، وتمده ليشمل الجسم بالكامل، وهو ما عكسه تحسُّن ظهور الجلوكوز في الدم بنسبة 52٪ على مدى ثلاث ساعات بعد تناول مشروب الجلوكوز.عن “ساينتافيك أميريكان”

 

 

 

 

4

 

صياغة مشوار

 

حورية الديري

كاتبة عربية

 

في الجانب الآخر، توجد فئة كبيرة تعي تماماً أهمية ألا تنقضي أيام السنة دون إنجازات حقيقية تحتفي بها

 

 

صياغة المشوار المقال الأخير في هذه السنة الميلادية ٢٠٢٢، وسنلتقي مجددًا في الأسبوع الأول من السنة الجديدة القادمة ٢٠٢٣، ربما هذه الأرقام ومرورها في حساب الأيام بات من أسرع ما يمكننا مجاراته في خضم العديد من متغيرات هذا العالم الذي نعيشه، وبالتأكيد فإن تقييمها يختلف بناءً على ما جُمع في مرصد الإنجاز لكل شخص على حدة، والجميل في ذلك وجود من يسترعي اهتمامهم تنمية هذا الجانب في المجتمع، إذ بدأت تتهافت علينا رسائل توعوية وتذكيرية عديدة من قبل المتخصصين في التحفيز وفن صناعة النجاح من خلال ما يقدمون من توجيهات وإرشادات تؤكد أهمية الوقوف على مخرجات جميع الأيام التي تمر في حياتنا ونمر عليها، وهذا أمر جيد لمن يحرص على الاستعانة بموجه يساعده في صياغة مشوار الحياة، فمعنى أن نحتفل بالسنة الجديدة، فإننا نحتفل بجلسة تطلعات نحو عام فيه استبشار بكل خير دون كسر أو ضيق أو ألم، وهذا ضمنيًا يجب أن يرافقنا طوال حياتنا ولا يكون متزامنًا بلحظات خاصة بحاجة مؤقتة، وعليه فإن ارتباط حياتنا برسالة فحواها الإيمان التام بما نمتلك من مقومات يساعدنا على إدراك اللحظة والشعور بجميع التفاصيل التي تنقلنا لمشاطرة الواقع الأصيل.

هنا أقف عند العديد من الأمنيات التي ستزفها القلوب بعد أيام، وكأنها مرتبطة بليلة أو ساعة زمنية أو حدث، فهناك من سيكتفي برفع صورة ومعها أبرز أمنياته من اقتباسات تعج بها فضاءات الإنترنت وصرنا نعرف مصدرها بالتحديد، فهي جميلة في غالبها وتحمل مجهودًا كبيرًا، لكن الأمر لن ينتهي بذلك أبدًا، فما بعد ذلك ٣٦٥ يومًا قادمة، وهي كفيلة بصنع المعجزات التي تبهر التاريخ عجبًا لو انهالت كما في الانتقاءات التي سنزفها، كما نقول “عامًا دون ذنب، دون فراق، دون حرمان، دون حزن، دون وجع”، فجميعها منى خاصة بالعالم المثالي الذي لا يصعب علينا الوصول إليه طالما أننا نستشعر قيمة كل كلمة وأهميتها في كل لحظة وحدث.

في الجانب الآخر، توجد فئة كبيرة تعي تمامًا أهمية ألا تنقضي أيام السنة دون إنجازات حقيقية تحتفي بها، لذلك فإن سعادتهم بالمرور والقدوم ستكون لها قيمة كبيرة وأهمية بالغة، لذلك كل الخير أتمناه للجميع في صياغة مشوار الأيام القادمة وسنة سعيدة.عن”البلاد البحرينية”