فقد تنامت مخاوف الأسرة الدولية والمجتمع الدولي إزاء نوايا طالبان بشأن حقوق الإنسان عموماً والمرأة على وجه الخصوص

انتهاك حقوق المرأة يعزز عزلة طالبان دولياً

الرئيسية مقالات
مركز تريندز للبحوث والاستشارات

 

 

اتجاهات مستقبلية

انتهاك حقوق المرأة يعزز عزلة طالبان دولياً

 

 

 

 

 

منذ استيلاء حركة طالبان على الحكم في أفغانستان نهاية أغسطس 2021، أصدرت الحركة العديد من القرارات ضد النساء الأفغانيات التي تمثل انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان، كان آخرها إغلاق الجامعات والمدارس في وجوه الفتيات، ومنع عمل المرأة في المؤسسات الأجنبية والمحلية، الأمر الذي شكل صدمة كبيرة للمجتمع الدولي؛ مما دفع الأمم المتحدة في 21 ديسمبر الماضي إلى إصدار بيان تقول فيه “إن منع النساء من الالتحاق بالجامعة هو استمرار للسياسات المنهجية للتمييز المستهدف التي تطبقها حركة طالبان ضد المرأة”.

فخلال 17 شهرًا من حكم طالبان، أصدرت الحركة العديد من القرارات التي تفرض من خلالها مزيداً من القيود على المرأة، كان من أبرزها؛ منع الفتيات من التعليم بعد المرحلة الابتدائية، ومنع النساء من العمل في المكاتب الحكومية، وفرض قيود على حركة النساء خارج المنزل، وعدم السماح لهن بالسفر دون محرم، ومنع ترددهن على الحدائق العامة، وإلزامهن بارتداء النقاب خارج بيوتهن، وإغلاق الجامعات الحكومية والخاصة أمام النساء، كل ذلك بدعوى تطبيق الشريعة الإسلامية، على الرغم من أن كل تلك القرارات أبعد ما تكون عن الشريعة.

وقد جاءت هذه القرارات في وقت كانت الحركة قد تعهدت بعد سيطرتها على السلطة، بدعم واحترام حقوق المرأة ضمن الشريعة الإسلامية، الأمر الذي يكشف أن فهم طالبان للشريعة، أبعد ما يكون عن وسطية الإسلام واعتداله، وأن المرأة الأفغانية تحت حكم طالبان تعيش كابوسًا حقيقيًا.

وتمثل قرارات طالبان بشأن النساء في أفغانستان ضربة قوية لمسيرة المرأة في البلاد، بعدما تمكنت المرأة الأفغانية خلال السنوات الماضية من التقدم في مجالات العمل والدراسة، ومن تحقيق قدر كبير من المشاركة السياسية، في وقت كانت الحكومات في هذه الفترة تنظر إليها بوصفها عنصرًا أساسيًا في مسيرة البناء والتنمية. وقد قدَّر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي حجم خسارة أفغانستان جراء قرار منع المرأة الأفغانية من العمل بنحو مليار دولار كل عام.

وقد تتسبب قرارات طالبان، بشأن النساء في أفغانستان، في مجموعة من التداعيات السلبية التي تلحق بالشعب الأفغاني، لا سيما فيما يتعلق بالمساعدات الدولية والإنسانية. فعلى سبيل المثال، من شأن قرار طالبان بمنع النساء من العمل في المنظمات الدولية والوطنية غير الحكومية، أن يعيق وصول المساعدات الإنسانية التي يحتاجها ملايين الأفغان، بالنظر إلى أن المرأة تلعب دورًا رئيسيًا في إيصال المساعدات إلى النساء والأطفال في مناطق عدة من البلاد، حيث يصعب على الرجال القيام بتلك المهمة، بسبب العادات والتقاليد وقوانين طالبان التي تحظر على الرجال العمل مع النساء؛ الأمر الذي دفع بعض المنظمات الإنسانية إلى وقف أو تقليص أنشطتها في البلاد في أعقاب هذا القرار.

بالإضافة إلى ذلك، فقد تنامت مخاوف الأسرة الدولية والمجتمع الدولي إزاء نوايا طالبان بشأن حقوق الإنسان عمومًا والمرأة على وجه الخصوص. كما بدا أن هناك قناعة بأن طالبان قد خالفت تعهداتها التي أطلقتها بهذا الصدد، عندما استولت على الحكم في أغسطس 2021. وفي هذا السياق كان لافتًا تنامي حالة الاستنكار والتنديد الدوليين لقرارات طالبان بشأن المرأة؛ حيث عبَّر الأمين العام للأمم المتحدة والإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وعدد كبير من المنظمات الإنسانية الدولية الحكومية وغير الحكومية، عن إدانتهم لهذه القرارات، وهو ما قد يمهد السبيل إلى اتخاذ قرارات دولية أخرى بحق طالبان.

ختامًا، يبدو أن سعي حركة طالبان إلى الحصول على الاعتراف الدولي بحكمها لن يتحقق في هذه المرحلة، بل إنه قد يتأخر كثيرًا، فبدلًا من أن تقوم الحركة بتحسين سجلها في حقوق الإنسان، فإنها اتجهت إلى فرض قيود متنامية على المرأة؛ وهو ما يعزز شكوك المجتمع الدولي والأسرة الدولية تجاه جدية التعهدات التي قطعتها الحركة على نفسها من قبل، الأمر الذي قد يؤدي في النهاية إلى أن تعيش الحركة في ظل عزلة دولية قد تمتد لسنوات طويلة.

 


تعليقات الموقع