الضوء الأزرق وإجهاد العين الرقمي

صحة و علوم
الدكتور غالب فيصل سيف أخصائي طب وجراحة العيون جراحة الساد و الجراحة الانكسارية - رئيس قسم العيون في مستشفى أن أم سي رويال - مدينة خليفة – أبو ظبي

كثُر الحديث عن الضوء الازرق وما يحمله التعرض له من آثار ضارة على صحة العيون وسلامة جسم الانسان بشكل عام.
سنحاول في هذا المقال أن نلقي الضوء على الحقائق العلمية المتعلقة بهذا الخصوص.

الضوء الأزرق هو جزء من طيف الضوء المرئي (الذي تميزه عين الانسان) ويتم إصداره بشكل طبيعي من الشمس التي تعتبر المصدر الأكبر له، هذا يعني أن عين الانسان تتعرض للضوء الأزرق بشكل مستمر في كل يوم. أما المصادر الأخرى له فتأتي على رأسها شاشات الكمبيوتر والتلفاز والهواتف والأجهزة اللوحية الأخرى والمصابيح الفلورية ومصابيح الليد (LED).

يؤدي التعرض للضوء الأزرق إلى تثبيط إنتاج الميلاتونين، (وهو هرمون يساعد في تنظيم دورات النوم والاستيقاظ)، فهو (أي الضوء الأزرق) قد يؤثر بذلك على إيقاع الجسم اليومي، ودورة اليقظة والنوم الطبيعية. خلال النهار، يوقظنا الضوء الأزرق ويحفزنا، لكن التعرض المفرط للضوء الأزرق في وقت متأخر من الليل من هاتفك أو جهازك اللوحي أو الكمبيوتر يمكن أن يؤثر على جودة النوم ومدته، فضلاً عن المراحل المختلفة لدورة النوم، وعلى التوازن بينها، وعلى وجه التحديد مرحلة النوم العميق ونوم حركة العين السريعة (REM)، المرحلتان شديدتا الأهمية للاستعادة الجسدية والوظيفة الإدراكية وترسيخ المهارات المعرفية المكتسبة خلال اليوم.

أما فيما يخص تأثير الضوء الأزرق على العين فحتى الآن لا يوجد دليل علمي على وجود صلة بين التعرض للضوء الأزرق والضرر الذي يلحق بشبكية العين أو التنكس البقعي المرتبط بالعمر أو إعتام عدسة العين، وكل المعلومات المتداولة بهذا الخصوص لا تستند الى دليل علمي.

ولكن لماذا نشعر بألم بالعين عند التحديق في الشاشة (مثل شاشة الموبايل)؟
من المرجح أن يكون الانزعاج الذي يشعر به بعض الأشخاص عند النظر إلى الشاشات ينتج عما يسمى” إجهاد العين الرقمي” الذي يحدث بسب النظر الى الشاشات المختلفة من مسافة قريبة (و ليس بسبب التعرض للضوء الأزرق)، حيث إن جميعنا نرمش بشكل أقل عند النظر والتركيز على هدف قريب بما في ذلك شاشات الأجهزة الالكترونية (الموبايل و الأجهزة اللوحية)، مما يتسبب في إجهاد العين وجفاف العين. الخبر السار هو أن إجهاد العين هذا نادرا ما قد يسبب ضررًا دائمًا ويمكن الوقاية منه بسهولة، ولا يجب اعتماد النظارات التي تدعي أنها تحمي العين من الضوء الأزرق ذريعة للاستخدام الطويل للأجهزة اللوحية المختلفة بسبب نقص الأدلة على فعاليتها ولكونها لا تحمي العين من اعرض متلازمة (اجهاد العين الرقمي) مثل ألم وجفاف العين والرؤية الضبابية والدماع والصداع.

اذاً ما هي التوصيات التي يجب اتباعها لتخفيف إجهاد العين الرقمي وتقليل التعرض الليلي للضوء الأزرق؟
– الحد من وقت الشاشة خلال الساعتين إلى الثلاثة ساعات قبل الذهاب إلى الفراش.
– استخدام الإعدادات الليلية على أجهزة الموبايل والأجهزة اللوحية لتقليل التعرض للضوء الأزرق في المساء وتخفيف نسبة الضوء بشكل عام الصادر عن هذه الشاشات.
– الجلوس على بعد حوالي 50 سنتيمتر (طول الذراع) من شاشة الكمبيوتر، ووضع الشاشة بحيث تنظر اليها قليلاً إلى الأسفل.
– أخذ فترات راحة منتظمة باستخدام قاعدة “20-20-20”: كل 20 دقيقة، تحريك العينين للنظر إلى شيء ما, على بعد 20 قدمًا(٦أمتار) على الأقل، لمدة 20 ثانية على الأقل.
– استخدام الدموع الاصطناعية (القطرات المرطبة) لانعاش العين عند الشعور بالجفاف.
– ارتداء النظارة الطبية في حال وجودها واعتمادها بدلا عن العدسات اللاصقة عند العمل على الكمبيوتر لفترات طويلة.

في النهاية لابد من الإشارة إلى أمر هام بخصوص تأثير (وقت الشاشة) الطويل على الأطفال حيث بالإضافة لما سبق ذكره من أضرار التعرض للضوء الأزرق وأعراض اجهاد العين الرقمي فإن بعض الأبحاث تشير إلى أن الأطفال الذين يقضون وقتًا أطول أمام شاشاتهم كانوا أكثر عرضة للإصابة باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه والبدانة.


تعليقات الموقع