نبات مائي قد ينتج كميات كبيرة من الوقود الحيوي
اكتشف العلماء طريقةً لاستخلاص كميات وفيرة من الزيت من نبات عدس الماء الذي يُعد واحدًا من أسرع النباتات المائية نموًّا في الطبيعة، قد يُمثل تحويل هذا الزيت النباتي إلى وقود الديزل الحيوي واستخدامه في أغراض النقل والتدفئة جزءًا كبيرًا من مستقبلٍ أكثر استدامة.
في دراسة جديدة نُشرت في دورية «بلانت بيوتكنولوجي جورنال» Plant Biotechnology Journal، قام الباحثون بتعديل عدس الماء جينيًّا لإنتاج كمية تُعادل سبعة أضعاف الزيت الذي يُنتجه الفدَّان الواحد من فول الصويا، وهو النبات الأكثر استخدامًا في الوقت الحالي لإنتاج وقود الديزل الحيوي، ذكر جون شانكلين -اختصاصي الكيمياء الحيوية في مختبر بروكهافن الوطني التابع لوزارة الطاقة الأمريكية والباحث الرئيسي في الدراسة- أن إجراء المزيد من الأبحاث قد يُضاعف من إنتاج زيت عدس الماء المُعدل جينيًّا خلال السنوات القليلة المقبلة، تجدُر الإشارة في هذا الصدد إلى أن شانكلين وفريقه البحثي أجروا هذه الدراسة بالتعاون مع الباحثين في مختبر كولد سبرينج هاربور في نيويورك.
خلافًا للوقود الأحفوري الذي تكوَّن في باطن الأرض على مدار مئات الملايين من السنين، يتجدد الوقود الحيوي بمعدل أسرع من معدل استخدامه، الجدير بالذكر أن الوقود المصنوع من الزيوت النباتية الجديدة والمستعملة، والدهون الحيوانية والطحالب، يُخلِّف بصمةً كربونيةً أقل من البصمة الكربونية التي يُخلفها الوقود الأحفوري، تبعًا لطريقة استخلاصه، لكنَّه لاقى ردود أفعال غاضبة في الآونة الأخيرة، ولعل ذلك يُعزى جزئيًّا إلى استغلال العديد من المحاصيل حاليًّا لإنتاج الطاقة بدلًا من الغذاء؛ إذ يعتمد إنتاج الوقود الحيوي على أكثر من مئة مليون فدان من الأراضي الزراعية في العالم.
يُعدُّ عدس الماء، المنتشر في كل القارات عدا القارة القطبية الجنوبية، من النباتات الأكثر إنتاجيةً في العالم للفدان الواحد، يُشير الباحثون إلى أنَّه قد يُمثل مصدرًا محوريًّا للطاقة المتجدِّدة لثلاثة أسباب رئيسية، لعل أولها أنه ينمو بسهولة وسرعة في المياه، فلا يتنافس مع المحاصيل الغذائية على الأراضي الزراعية الخصبة، ثانيًا: يمكن أن ينمو عدس الماء في المناطق المُلوَّثة زراعيًّا مثل مزارع الخنازير والدواجن، وقد يسهم في التخلص من النيتروجين والفوسفور الذي تُطلقه هذه المزارع في المياه.
ثالثًا: توصل شانكلين وفريقه البحثي إلى طريقة للتغلب على عقبة أساسية تتعلق بالتكنولوجيا الحيوية الرئيسية؛ فوفقًا لريبيكا روستون، اختصاصية الكيمياء الحيوية في جامعة نبراسكا-لينكون، والتي لم تُشارك في الدراسة، عادةً ما تستهلك النباتات المُعدَّلة جينيًّا الكثير من الطاقة لإنتاج الزيت، وبالتالي تتوقف عن النمو. يوضح شانكلين في الدراسة الجديدة أن الباحثين أضافوا جينًا مُنتِجًا للزيت يكون مُعَطَّلًا في البداية، ثم يتم تشغيله مثل مفاتيح الإنارة عن طريق إدخال جزيء معين، فقط عند اكتمال نمو النبات.
تقول روستون إن هذه العملية “نجحت للغاية، وإذا تكررت مع أنواع أخرى -ولا يوجد ما يمنع ذلك- فقد نتغلب على واحدة من أكبر المشكلات التي نواجهها، ألا وهي كيفية إنتاج المزيد من الزيت في المزيد من النباتات دون التأثير سلبًا على نموها”.
لتوسيع نطاق الإنتاج إلى المجال الصناعي، سيحتاج العلماء إلى تصميم أوعية كبيرة الحجم وإنتاجها؛ لزراعة النباتات المُعدَّلة جينيًّا واستخلاص الزيت منها، الأمر الذي يُمثل تحديًا على حد قول شانكلين؛ لأن عدس الماء محصول غير رئيسي يفتقر إلى الكثير من البنية التحتية.
عن أميركان سيانتافيك