الاصلاحات الاقتصادية في المملكة العربية السعودية ونمو قطاع الضيافة والمأكولات والمشروبات

فعاليات

5064580c-ea6d-461d-9c01-f8709577bfe0.jpeg

شهد الاقتصاد السعودي خلال السنوات القليلة الماضية العديد من القرارات الاقتصادية المهمة، بعد أن أعلنت الحكومة السعودية اتخاذ القرار بالتحول من الاقتصاد القائم على النفط إلى اقتصاد أكثر تنوعًا في موارده للاستفادة من مساهمة القطاعات الاقتصادية غير النفطية، حيث يأتي هذا القرار المدروس بعد قراءة متأنية ومستفيضة لمعطيات واقع الحال والمستقبل، والاستقراء الدقيق للتوجهات الاقتصادية العالمية. شهدت الأعوام السابقة حركة تدفق كبيرة من المسافرين، لا سيما من الحجاج والأجانب القادمين إلى المملكة لغايات إتمام الصفقات التجارية وبناء العلاقات التجارية، وهو ما دفع الحكومة السعودية للعمل من أجل تعزيز هذه التجربة والاستفادة من الإمكانات غير المستغلة على الصعيد التجاري والثقافي والتجاري لتقديمها إلى السياح والمستثمرين والفنانين وغيرهم من المواهب العالمية.

تعتبر السياحة في السعودية من القطاعات الاقتصادية الناشئة المهمة حيث بدأت المملكة العربية السعودية في تطوير قطاع السياحة وتقديم نفسها كوجهة سياحية رئيسية في المنطقة، والعمل على استقطاب 100 مليون سائح بحلول عام 2030، وفقًا لرؤية السعودية 2030 التي تهدف إلى انفتاح المملكة على العالم من خلال تخصيص استثمارات ضخمة بلغت قيمتها 810 مليار دولار أمريكي في مشاريع ثقافية وترفيهية خلال السنوات العشر القادمة، وقد تمكنت الجهود التي بذلتها المملكة في هذا الشأن من تعزيز مكانتها كوجهة سياحية جذابة بصورة كبيرة.

يحتل قطاع السياحة السعودي صدارة المشهد في رؤية السعودية 2030 حيث يكمن الهدف في توفير مليون فرصة عمل لتساهم بما نسبته 10% من إجمالي الناتج المحلي بحلول 2030. ويعتبر قطاع الضيافة والمأكولات والمشروبات من أهم العناصر الأساسية التي من شأنها تحقيق أهداف هذه الرؤية الاستراتيجية. وبصفتي المدير العام لشركة “ذا بنش” في المملكة العربية السعودية، حيث نتواجد في خضم مبادرات الاستثمار والأعمال والابتكار في المملكة، يمكنني القول بكل ثقة أنّ الابتكار يسود المشهد في قطاع المأكولات والمشروبات في المملكة حيث يشهد هذا القطاع المهم نموًا سريعًا تجاوز كل التوقعات، وهو ما يمكن ملاحظته عند مقارنةً الوضع الراهن بالأعوام السابقة في 2018 و2019 حينما كانت المطاعم الفاخرة والراقية في الرياض لا تتجاوز عدد الأصابع، بينما اليوم فإنّ المشهد اختلف تمامًا بعد أن انتشرت المطاعم الفاخرة، وسلاسل المطاعم العالمية، والعديد من تجارب تناول الطعام الفاخرة في مختلف المدن السعودية حيث تمكنت من إثبات نجاحها وتوفقها من حيث الجودة وقيمة العلامة التجارية. وتكاد أن تكون هذه الطفرة التي شهدها الرياض في عالم المطاعم مشهدًا سينمائيًا يحتفل بالطعام والثقافة بصورة أنيقة.

إنّ التطور الملحوظ والاستثنائي الذي تشهده المنطقة كان ولا بد أن يثير اهتمام الكثير من المستثمرين من مختلف أنحاء العالم، وهو ما دفعهم لتحويل استثماراتهم إلى المنطقة للاستفادة من هذا المناخ الاستثماري الإيجابي إلى أقصى حد ممكن. ومن أبرز نتائج هذا التحول الكبير في المملكة هو استضافة مدينة الرياض للمرة الثانية على التوالي المنتدى العالمي للاستثمار في المطاعم 2023، حيث يجمع المنتدى بين المستثمرين والملاك وأصحاب الامتيازات وكبار خبراء الضيافة في حدث فريد من نوعه لنشر المعرفة وبناء العلاقات ومنح الإلهام في مجال الاستثمار في المطاعم على الصعيد العالمي.

تستثمر الحكومة السعودية أيضًا بكشل كبير في هذا القطاع المهم بهدف خلق المزيد من فرص العمل وتقديم تجارب من الطراز العالمي للسياح إذ تُعد المملكة العربية السعودية اليوم موطنًا لمجموعة من أفضل الفنادق والمطاعم في العالم، مع التركيز على توفير حالة متناغمة تمزج بين الصبغة العالمية والضيافة السعودية التقليدية لتقديم تجارب مميزة تجمع بين الأجواء العائلية والاستثنائية في نفس الوقت، حيث تسعى جميع الفنادق والمطاعم إلى تبني فكرة تقديم الثقافة المحلية بطريقة عصرية ممزوجة بالراحة.

ولا يقتصر نطاق استثمارات الحكومة السعودية على تشجيع السياحة الذي يركز بشكل خاص على قطاع الضيافة والمأكولات والمشروبات، حيث بدأت المملكة العربية السعودية الاستثمار في العديد من المجالات الأخرى؛ فضمن مساعي المملكة للحد من الاعتماد على النفط، بدأت الاهتمام بالاستثمار في قطاع الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح لتوفير طاقة بديلة ومستدامة وصديقة للبيئة. كما تركز المملكة على الاستثمار في قطاع التعليم لتنمية المواهب المحلية وتوفير قوة عاملة ماهرة، حيث تأتي كل هذه الإجراءات والقرارات المدروسة من أجل تعزيز أهداف رؤية السعودية 2030.

ساهمت الاصلاحات الاقتصادية في المملكة في تقديم المملكة كوجهة سياحية مهمة يجب زيارتها، فضلًا عن دورها المحوري في تحسين مستوى معيشة الشعب السعودي والمقيمين على أرضها من خلال تقديم تجارب غنية وتوفير الملايين من فرص العمل. إن المرحلة الجديدة أثبتت أنّ لدى المملكة العديد من الموارد والإمكانات الضخمة التي تؤهلها للمستقبل فقد ولت تلك الأيام حينما كانت موارد الاقتصاد الوطني تنحصر في النفط والحج. فها هي المملكة العربية السعودية اليوم تتحول بخطى واثقة إلى دولة تمتلك وتوفر المعايير العالمية لأسلوب الحياة والثقافة والترفيه والمواهب لتواكب العالم المعاصر دون المساس بأصالتها وقيمها وثقافتها الأصيلة.

بقلم جنى بدر


تعليقات الموقع