“بريكس”.. العملاق القادم للتوازن العالمي
بقدر ما يشهده العالم من خلافات وانقسامات وتكتلات على امتداد الساحة الدولية، فإنه بحاجة في الوقت ذاته إلى التفاهم والتعاون وإيجاد آليات أكثر تطوراً لمواجهة التحديات المختلفة والكبرى التي تستوجب أعلى درجات التنسيق والعمل الجماعي ولتحقيق مستهدفات رئيسية منها الارتقاء بمستوى حياة المجتمعات المحتاجة إلى الدعم والانتقال نحو مراحل يحظى فيها الجميع بأوضاع أفضل، وتبرز الأهمية المتنامية لقمة مجموعة “بريكس” التي تضم “البرازيل وروسيا الاتحادية والهند والصين وجنوب إفريقيا” في دورتها الحالية “الخامسة عشر” المنعقدة في مدينة جوهانسبرغ، وتشارك فيها دولة الإمارات بوفد رفيع المستوى يرأسه نيابة عن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله ورعاه”، صاحب السمو الشيخ سعود بن صقر القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم رأس الخيمة، بالإضافة إلى قادة قرابة 50 دولة.. لكون توسيع عضويتها من أبرز بنود جدول أعمالها، إذ تنظر الكثير من مكونات المجتمع الدولي إلى “بريكس” باهتمام كبير لما توفره من مظلة أمان اقتصادي جراء الفرص غير المحدودة التي تؤمنها ووضوح الرؤية التي تنتهجها كمنصة لتوسيع وتعزيز الشراكات الاقتصادية ودعم مسارات التطوير، ومن هنا يبدو ثقل “المجموعة” المتنامي والواعد في ظل عالم يتجه ليكون متعدد الأقطاب.
مساحة دول “بريكس” الحالية تعادل ربع مساحة العالم وعدد سكانها يصل إلى قرابة الـ40% منه، وتنظر لها الكثير من الدول التي تبدي اهتماماً بالانضمام إليها بوصفها تكتلاً اقتصادياً بالدرجة الأولى وينتهج معايير تختلف عما يتعامل به عالم اليوم، ويوفر فرصة حقيقية لتجنب تأثر القرار السياسي فيها بالوضع المالي وحتى لا تكون رهينة وعرضة للهيمنة على توجهاتها، ومن هنا تحرص عشرات الدول على مواكبة تطور نموذج مجموعة “بريكس” ومستقبلها وفيما إذا كانت ستبقى عبارة عن تحالف اقتصادي وتجاري أو سيتحول مع مرور الزمن إلى ائتلاف دولي جديد بمعايير أكثر تنوعاً بما فيها الجيوسياسية لكون الدول المنضوية في عضويتها قادرة على اتخاذ الكثير من المواقف التي تؤسس لعهد جديد من التوازن العالمي وتغيير المعادلات الحالية وبالتالي إيجاد بيئة متطورة سيكون لها دور كبير في تعزيز الاستقرار الدولي.
العالم يتجه نحو نموذج مختلف من التوازنات وإن احتاج ذلك لوقت يصعب التكهن به، وهو يقوم على التعددية وفاعلية الأقطاب، والدول التي تجيد بناء علاقات تستند إلى قواعد صلبة من الاحترام المتبادل والتنسيق المشترك والتعاون مع جميع الأطراف على امتداد الساحة الدولية لما فيه خير وصالح شعوبها سوف تكون الرابح الأكبر.
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.