الذكاء الاصطناعي بين الحاجة والمسئولية الأخلاقية

الرئيسية مقالات
محمد خلفان الصوافي

 

 

 

إذا كان العالم بأكمله توقف طويلاً أمام قضية تفجير أجهزة “البيجر” في لبنان، مؤخراً، والتي راح ضحيتها قرابة ثلاثة ألف شخص لأنهم فقط كانوا يحملون هذا الجهاز وربما إلى الآن ما يزال هناك الكثيرين مصدومين مما حدث ولم يستوعبوا حتى الآن ما يعني تفجير أجهزة يدوية مصنوعة من فترة، لكن هذا التوقف “يفترض” أنه يؤكد مخاوف وقلق لدى صناع القرار في العالم من عدم القدرة على السيطرة في استخدام الذكاء الاصطناعي في المجالات العسكرية خاصة حيث يتصدر هذا المجال التقني الحروب بين الدول ويتسبب في إطالة أمدها.

التخوف والقلق من انفلات استخدام الذكاء الاصطناعي لا يقتصر على المجالات العسكرية فقط، بل يشمل حتى المجال الطبي والبحثي وغيرها من المجالات.

التوقف في حادثة “البيجر” لم يكن فقط في نتائج الحادثة وعدد الضحايا التي لم يكن يتخيلها أحد وإنما هناك أكثر من جانب.

الجانب الأول: المرحلة التي وصلها العالم في مسائل التحكم عن بعد لهذا النوع من الأسلحة بخلاف مرحلة الجاسوسية التي وصل إليها الموساد الإسرائيلي مفجر “البيجر” وهو بلا شك من مخرجات التكنولوجيا الحديثة التي يمثل أساس الذكاء الاصطناعي.

أما الجانب الثاني في هذا التوقف: تغير مفهوم الحفاظ على السيادة الوطنية للدولة وسيادتها من الاختراقات الخارجية فلم يعد الاختراق يتم بالطريقة التقليدية عن طريق البشر أو بالأصح “العملاء والجواسيس” بل قد يتم من خلال الممتلكات الأكثر آماناً للدولة نفسها كما حصل من عملية “البيجر”، فمن كان يتصور اختراق أجهزة البيجر لدى مسئولين أمنيين وهي أجهزة تم صناعتها بحذر شديد من قبل قادة حزب الله وهم يدركون أنهم مستهدفون.

وبما أن الموضوع بهذه الحالة من الأهمية والخطورة في العالم فهو يثير قضية استراتيجية مهمة وهي أهمية “توطين” هذه الصناعة لأنها متعلقة بالأمن الوطني للدول مع أنه لم يعد هناك شيئاً لا يدخل فيه الأمن الوطني ولا ينبغي الاتكال بشكل كامل على الخارج، فالموضوع هنا ينبه إلى أهمية الدول في التركيز على الصناعة وخاصة العسكرية منها. كما يثير أهمية التحرك الدولي من أجل تقنين استخدام تلك التقنيات لأنها لديها قدرة تدميرية خطيرة على البشرية والكون وأن يأتي هذا التحرك بشكل خاص من الدول الكبرى التي سجلت تقدماً كبيرا في هذا المجال، بل وتتنافس عليه.

الذكاء الاصطناعي اليوم هو حديث العالم كله لأنه يدخل في التفاصيل اليومية لحياتنا. والذكاء الاصطناعي اليوم أحد المؤشرات التنموية لتقدم الدول في مجال التأثير والقوة وبما أنه من السهل تصنيعه وبالتالي استخدامه فإن الحاجة للتحرك الدولي ضرورة كبيرة.

الإمارات واحدة من الدول التي انتبهت مبكراً لأهمية الذكاء الاصطناعي وخطورته وعملت على التركيز في هذا المجال للاستفادة منه وبذلت جهدا كبيراً في توطينها وللحفاظ على أمنها الوطني وفق الاستراتيجية الإماراتية المعروفة “الاستباقية” فهي اليوم واحدة من الدولة التي ينظر لها بإعجاب والتقدير في هذا المجال.

 


تعليقات الموقع