اتجاهات مستقبلية

الرئيسية مقالات
مركز تريندز للبحوث والاستشارات
اتجاهات مستقبلية

اتجاهات مستقبلية
مخاطر متزايدة.. تصاعد تهديدات “داعش” في الصومال

 

يعد تنظيم “داعش” في الصومال أحد أخطر فروع التنظيم؛ نظرًا لتزايد قدراته التنظيمية والعسكرية، بما في ذلك استخدام الطائرات المسيّرة، وشنّ هجمات انتحارية، في وقت يشهد فيه صعوبات في دمج المقاتلين الأجانب ضمن هياكله العشائرية. والأخطر من ذلك أن هناك تقارير أممية تشير إلى احتمالية أن يكون خليفة “داعش” القادم هو عبدالقادر مؤمن، الذي يرأس أيضًا فرع التنظيم في الصومال، وأنه قد يكون هو المسؤول عن إدارة العمليات العالمية للتنظيم.
وربما هذا ما كان يمهد له التنظيم، في افتتاحية مجلته الأسبوعية، “النبأ”، في 12 ديسمبر 2024، التي حملت عنوان “الصومال أرض الهجرة والمدد”، وإلى طموحاته في شرق أفريقيا للهجرة إلى المنطقة. كذلك، سلط التنظيم الضوء أيضًا على اعتزامه ترسيخ الصومال كقاعدة محورية لشبكته الجهادية العالمية؛ حيث يفاخر في تلك الافتتاحية بالهجمات الدموية والانتحارية التي يشنها في الصومال، سواء ضد قوات صوماليلاند، أو ضد “حركة الشباب”. وألقى الضوء خلالها، أيضًا، على الجنسيات المتنوعة للمهاجمين، في إشارة إلى قدرته على تأسيس شبكة التجنيد الواسعة النطاق.
ورغم الضربات العسكرية التي تعرض لها “داعش” من الإدارة المحلية والشركاء الدوليين، وفي مقدمتهم واشنطن، فإن التنظيم لا يزال قادرًا على التحرك والاستمرار في الهجمات الإرهابية، وعمليات السلب والنهب، وهو ما يشير إلى وجود بيئة محلية حاضنة له، تساعده على البقاء والاستمرار؛ حيث يرى بعض المراقبين أن العامل القَبلي يلعب دورًا حاسمًا في قوة “داعش” المستقبلية؛ إذ إن فئة من أتباعه تنتسب إلى قبيلة زعيم تنظيم داعش، فرع الصومال، عبدالقادر مؤمن، التي تعرف بأنها من القبائل القوية ذات النفوذ.
بات فرع “داعش” في الصومال يشكل تهديدًا كبيرًا، ليس على المستوى المحلي فحسب، وإنما على المستويين الدولي والإقليمي، ليس فقط بسبب تزايد هجماته الإرهابية، وتحوُّل بعضها إلى هجمات واسعة النطاق، وإنما أيضا لمساعي التنظيم إلى تجنيد عناصر من خارج الصومال، خاصة من إثيوبيا. من ناحية أخرى، تشير بعض التقارير إلى أن “داعش” الصومال قد تحول إلى مركز مالي لدعم التنظيم في أفريقيا؛ وذلك بالنظر لنجاحه في توفير مصادر تمويل تُدّر عليه أموالًا طائلة؛ ما جعل الصومال يمثل مركزًا لصرف الأموال، والتوجيه لفروع وشبكات “داعش” في جميع أنحاء القارة الأفريقية، لاسيما في ظل وجود ما يسمى “مكتب الكرار”، الذي يتولى جمع الأموال وتوزيعها، وتسهيل حركة المقاتلين الأجانب وتدريبهم، وتنسيق العمليات بين الفروع. ومن المرجح أن يكون متورطًا في تهريب الأسلحة وغيرها من السلع لدعم عمليات تنظيم داعش على مستوى العالم. ويرفع مكتب الكرار تقاريره إلى الإدارة العامة للولايات، التي ترفع بدورها تلك التقارير إلى ديوان الخلافة.
فى النهاية، يمكن القول إن صعود “داعش” في الصومال بات يمثل أيضًا تحديًا عالميًّا، في ظل قدرته على الاستمرار في شنّ الهجمات الإرهابية، وجذب المقاتلين الأجانب، وهو ما يتطلب تعاونًا دوليًّا وإقليميًّا لمواجهة تهديدات التنظيم، بما يتجاوز الاعتماد على المواجهة العسكرية فقط، وذلك من خلال العمل على معالجة الفراغات الاجتماعية والسياسية في الصومال، التي تسمح للأيديولوجيات المتطرفة بالازدهار. فالمعركة في الصومال ليست مجرد صراع محلي، بل إنها اختبار لقدرة العالم على مكافحة التنظيمات الإرهابية المحلية، قبل أن تتحول إلى تهديد عالمي راسخ.


Leave a Reply