اتجاهات مستقبلية
معرض أبوظبي للكتاب في دورته الـ34: تجذير المعرفة وتعزيز الحضور الثقافي العالمي
رسّخت الدورة الرابعة والثلاثون من معرض أبوظبي الدولي للكتاب 2025، التي انعقدت في مركز أبوظبي الوطني للمعارض، خلال الفترة من 26 أبريل إلى 5 مايو، مكانةَ العاصمة الإماراتية بوصفها مركزًا ثقافيًّا محوريًّا في المنطقة، وجسرًا حضاريًّا للتفاعل المعرفي بين الشرق والغرب. فقد استقطب المعرض هذا العام أكثر من 1,350 دارَ نشر من 90 دولة، منها 12 دولة تشارك للمرة الأولى، في مؤشر يعكس حجم الحضور الدولي والإقليمي المتزايد، وثقة المؤسسات الفكرية والناشرين في أبوظبي كمنصة للتبادل الثقافي.
وتحت شعار “مجتمع المعرفة.. معرفة المجتمع”، تجاوز المعرض المفهوم التقليدي لترويج الكتاب، ليغدو فضاءً معرفيًّا تفاعليًّا؛ بفضل أكثر من 2,000 فعالية توزعت بين ندوات فكرية، وورش عمل متخصصة، وحوارات أدبية، وأنشطة موجهة لمختلف الفئات العمرية. ومن أبرز محطات هذه الدورة الاحتفاء بالعالِم ابن سينا في الذكرى الألفية لكتابه “القانون في الطب”، وتسليط الضوء على “ألف ليلة وليلة” ضمن مبادرة “كتاب العالم”، في إشارة إلى التزام المعرض بإحياء التراث، وتقديمه بلغة معاصرة تتجاوز الحدود الثقافية.
ويمثل المعرض تجليًا واضحًا لسياسات أبوظبي الثقافية الرامية إلى بناء مجتمع معرفي مستدام، وتعزيز القوة الناعمة لدولة الإمارات من خلال الثقافة. وقد برزت العاصمة، خلال السنوات الأخيرة، كمركز ديناميكي للإبداع الفكري، عبر استضافتها معارض وملتقيات ومؤسسات بحثية تعيد صياغة الحضور العربي في المشهد الثقافي الدولي.
وفي هذا السياق، كان جناح مركز تريندز للبحوث والاستشارات إحدى المنصات الفكرية البارزة في المعرض؛ إذ استقطب اهتمام العديد من النخب السياسية والفكرية، التي حرصت على زيارة جناحه في المعرض، وفي مقدمتهم سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الخارجية، ومعالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح، ومعالي الدكتور سلطان أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، الذي أثنى على جهود المركز في دعم المعرفة وتأهيل الشباب، ومعالي الشيخ عبدالله بن محمد بن بطي آل حامد، رئيس المكتب الوطني للإعلام.
بالإضافة إلى ذلك، نظم المركز العديد من الفعاليات الثقافية والبحثية، وسجل حلقات بودكاست مع أهم النخب الفكرية، وأصدر 17 كتابًا وإصدارًا جديدًا باللغتين الإنجليزية والعربية، من أبرزها كتاب “عصر اللؤلؤ… من الفقر إلى الازدهار”، الذي استقطب اهتمام الجمهور.
بهذا الزخم، يؤكد معرض أبوظبي للكتاب أن الثقافة ليست مجرد تظاهرة سنوية، بل مشروع وطني طويل الأمد، يُعيد رسم خريطة التأثير الثقافي العربي، ويضع أبوظبي في قلب المشهد الفكري العالمي.
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.