اتجاهات إدارة المشاريع المؤثرة على المشاريع العملاقة المستدامة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

الرئيسية منوعات
اتجاهات إدارة المشاريع المؤثرة على المشاريع العملاقة المستدامة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

 

 

أبوظبي – الوطن:
قال هاني الشاذلي، المدير التنفيذي لمعهد إدارة المشاريع في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: أصبحت المشاريع العملاقة بشكل متزايد السمة المميزة للدول الرائدة في الشرق الأوسط، مما يرسخ مكانتها كلاعبين رئيسيين على الساحة العالمية في مجالات الابتكار والاستدامة والتقدم التكنولوجي. وتتطلب هذه المبادرات بنطاقها الواسع، لا سيما في دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، نهجاً جديداً لإدارة المشاريع، يتجاوز القيود التقليدية ويستوعب التوجهات الناشئة. إن نجاح هذه المشاريع لا يقتصر على مجرد وجود الكفاءات أو رأس المال، بل يحتاج القطاع إلى قادة مشاريع قادرين على اغتنام الفرص والتحديات في ظل مشهد عالمي سريع التغير.
إن التطورات التكنولوجية وزيادة الحاجة للاستدامة، لا سيما مع تفاقم أزمة التغير المناخي، تُعيد صياغة استثمارات المشاريع وعملية صنع القرار بشكل جذري. ومع قيام الذكاء الاصطناعي بإحداث تحول في مختلف القطاعات عالمياً، يبرز اتجاه واضح نحو دمجه بقوة في جميع مراحل إدارة المشاريع، بدءاً من التخطيط والتنفيذ ووصولًا إلى المراقبة والتخفيف من المخاطر. وسيكون من الأهمية بمكان تطوير المهارات وبناء قدرات الذكاء الاصطناعي لإعداد القطاع لمواكبة المستقبل، وتعزيز الكفاءة، وأتمتة المهام الروتينية، وتحديد المخاطر بشكل استباقي، وتمكين عملية اتخاذ القرار القائمة على البيانات.
وأضاف: ومع ذلك، فإن التكنولوجيا وحدها ليست الحل الأمثل لسد الفجوة بين الاستراتيجية والتنفيذ. نحن بحاجة إلى تحديد معنى النجاح الحقيقي. إن تسليم المشروع في الوقت المحدد وضمن الميزانية ليس كافياً. يكمن التحدي الحقيقي في تحويل التركيز إلى تحقيق نتائج أعمال متميزة. وكما ذكر بيير لو مان، الرئيس والمدير التنفيذي لمعهد إدارة المشاريع، في الدورة العاشرة من منتدى دبي العالمي لإدارة المشاريع في وقت سابق من هذا العام: “إن المشروع الناجح يحقق قيمة تستحق التكلفة والنفقات”. بعبارة أخرى، بينما يجب علينا احترام القيود الثلاثة المتمثلة في الوقت/الجدول الزمني والميزانية والنطاق، فإنه يجب علينا تجاوز هذه القيود وإدارة إدراك القيمة التي يتم إنشاؤها، بل وإدراك الجهد والنفقات المتضمنة.
لكن هذا يتطلب تحولاً جذرياً في كيفية تعاملنا مع دور متخصصي المشاريع، ويسلط الضوء على أهمية تزويدهم بالأدوات والمعارف اللازمة لإدارة التحديات مهما كان حجمها والتغلب عليها، لضمان تحقيق قيمة ملموسة وقابلة للقياس. يعتمد مستقبل إدارة المشاريع في الشرق الأوسط والعالم على قدرتنا على التكيف والابتكار والقيادة برؤية واضحة.
ورغم أن المهارات التقنية تعد أمراً بالغ الأهمية، إلا أن هناك اتجاهاً ناشئاً يتمثل في التركيز بشكل أكبر على القيادة والمهارات الشخصية. يتولى مديرو المشاريع أدواراً متعددة؛ فهم يقومون بتسهيل الأعمال والتواصل ووضع الاستراتيجيات، وقبل كل شيء القيادة والإدارة. يكمن السر في التحول من عقلية الإدارة التقليدية إلى عقلية “القيادة الظرفية”. وهذا يعني إتقان فن تكييف أسلوب القيادة بما يتناسب مع السياق المُحدد ويحقق أقصى قدر من التأثير.
كما سلّط الخبراء في منتدى دبي العالمي لإدارة المشاريع الضوء على أهمية التعاطف والذكاء العاطفي في التعامل مع تعقيدات إدارة المشاريع الحديثة.
كما أنه من الضروري إدراك أن القيادة لا تقتصر على المدراء التنفيذيين فحسب؛ فكل فرد في المؤسسة لديه القدرة على أن يكون قائداً. ومن خلال تطوير وصقل المهارات التقنية والقيادية واستراتيجية الأعمال الأساسية، يمكن لكل موظف العمل بذكاء أكبر وتوجيه مسار تطوره المهني المستمر. وفي هذا الصدد، يوفر برنامج “مثلث مواهب معهد إدارة المشاريع “PMI Talent Triangle®” إطاراً قيّماً لتطوير الكفاءات في أساليب العمل، ومهارات القوة، والبراعة في العمل، مما يوازن بين النمو الفردي والأهداف الاستراتيجية على المدى الطويل التي تسهم بشكل مباشر في نجاح المؤسسة بشكل عام.
إن القدرة على التقييم وإعادة التقييم باستمرار، مع مراعاة عوامل مثل كفاءة الموارد، وتقليل النفايات، والأثر المجتمعي والبيئي للمشاريع على المدى الطويل، أمر بالغ الأهمية لنجاح كل مشروع. وقد أصبحت الاستدامة والمسؤولية الاجتماعية محورين أساسيين في كيفية إدارة المشاريع اليوم، وخاصة بين الأجيال الشابة من متخصصي المشاريع.
وللارتقاء بمستوى نجاح المشاريع، يُعد التعلم المستمر أمراً مُلحاً. وتشهد منطقة الشرق الأوسط طلباً متزايداً على مناهج إدارة المشاريع المصممة خصيصاً لتنفيذ مشاريع فريدة. والأمر المثير للاهتمام هو احتضان هذا القطاع للتعاون بين مختلف القطاعات. فمن خلال تبادل أفضل الممارسات عبر مختلف التخصصات، وتحديد القواسم المشتركة، وإعادة تطبيقها في سياقات جديدة، فإننا نسرع الابتكار ونبني مستقبلاً أكثر مرونة.
نحن في هذا القطاع، ندرك أيضاً أهمية إعطاء الأولوية لتلبية احتياجات العملاء طوال دورة حياة المشروع. وهذا يعني إشراكهم بفعالية، ووضع آليات تقييم فعالة، ودمج آرائهم في كل قرار يختص بالمشروع. ولا شك أنه باتباع هذه العقلية التي تُعطي الأولوية للعميل، فإن مديري المشاريع لن يُحسنوا النتائج فحسب، بل يُحفزون الابتكار أيضاً، ويُعززون علاقاتهم مع العملاء، ويُحققون في النهاية أهداف العمل المنشودة.
ومع تزايد تعقيد إدارة المشاريع، يصبح الاعتماد على أدوات الذكاء الاصطناعي أمراً ضرورياً للحفاظ على القدرة التنافسية. ويعد إتقان الذكاء الاصطناعي أمراً مهماً، ولكن الأهم من ذلك هو تنمية مهارات التفكير النقدي. ففي عصر يشهد تغيرات تكنولوجية متسارعة واتجاهات عالمية تحمل تغييرات جذرية، يجب على متخصصي المشاريع في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الحفاظ على مرونتهم وتبني أساليب عمل متنوعة لتحقيق قيمة استثنائية.
ويشهد تشكيل مستقبل إدارة المشاريع في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا نشاطاً ملحوظاً بفضل نخبة من المتخصصين يتمتعون برؤية تستشرف المستقبل، ويتبنون هذه التوجهات ويحفزون الابتكار. ومن خلال إعطاء الأولوية للتعلم المستمر، وتطوير المهارات والارتقاء بها، والتعاون وتضافر الجهود، يمكن للمنطقة ترسيخ مكانتها العالمية الرائدة في ممارسات إدارة المشاريع.


Leave a Reply