الريادة الإماراتية-الأمريكية في شراكة الذكاء الاصطناعي

الرئيسية مقالات
مركز تريندز للبحوث والاستشارات
الريادة الإماراتية-الأمريكية في شراكة الذكاء الاصطناعي

الريادة الإماراتية-الأمريكية في شراكة الذكاء الاصطناعي

تتعاظم الشراكة الاستراتيجية الإماراتية-الأمريكية يومًا بعد يوم، من دون سقف أو حدود، وآخر مظاهرِها في الذكاء الاصطناعي الكشفُ عن بناء المجمع الإماراتي-الأمريكي للذكاء الاصطناعي بقدرة 5 غيغاواط في أبوظبي، الذي دشّنه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خلال زيارته التاريخية الأخيرة لدولة الإمارات.

وعندما قرّرت واشنطن بناء المجمع الأكبر من نوعه للذكاء الاصطناعي خارج الولايات المتحدة، كانت الشريكة أبوظبي؛ باعتبارها مركزًا للتكنولوجيا وقِبلةً للشركات العالمية، كما سيوفر المجمع منصّةً تُتيح لشركات التكنولوجيا الأمريكية الكبرى تقديم خدمات لما يقرب من نصف سكان العالم، الذين يعيشون ضمن نطاق 3,200 كيلومتر من دولة الإمارات.

وسيُنشَأ المجمع بواسطة المجموعة الرائدة في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي “جي 42” بالتعاون مع الشركات الأمريكية، ومع تنوّع مصادر الطاقة في دولة الإمارات؛ التقليدية والمتجدّدة، سيعمل المجمع الإماراتي-الأمريكي بالطاقة النووية والشمسية والغازية لتقليل الانبعاثات الكربونية؛ مساهمة في الحدّ من تداعيات تغير المناخ، في سياق توسيع الشراكة الذكية بين دولة الإمارات والولايات المتحدة، والدفع بالابتكار العالمي نحو التقدّم.

إن الشراكة التكنولوجية بين الولايات المتحدة ودولة الإمارات تعزّز الاستثمارات في أشباه الموصلات ومراكز البيانات في البلدين، وتوفر للشرق الأوسط خدمات سحابية وضمانات سيبرانية متقدّمة، وترفع من مكانة دولة الإمارات كمركز رائد للأبحاث والتطوير المستدام؛ إذ إن الريادة الإماراتية فائقةٌ في تبنّي تقنيات الذكاء الاصطناعي في القطاعات الحكومية والتجارية، وكانت أول دولة تُعيِّن وزيرًا للذكاء الاصطناعي عام 2017، وطورت التعليم، وأسّست “جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي” عام 2019، وأعلنت استحداث مادة الذكاء الاصطناعي مقرَّرًا دراسيًّا جديدًا يشمل المراحل التعليمية كافة، وذلك ضمن استراتيجية وطنية للذكاء الاصطناعي تُعبّر عن خريطة طريق طموحة لتكامل الذكاء الاصطناعي في القطاعات الحيوية، والمساهمة في مشهد الذكاء الاصطناعي العالمي.

وتؤمن دولة الإمارات بالشراكة والتعاون الدولي، ولاسيّما في مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، ضمن خطة الدولة لتنويع الاقتصاد، إذ تؤدي الشراكات الاستراتيجية الدولية دورًا محوريًّا في تحقيق أهداف الدولة؛ لذا تعمل مع فرنسا في “إطار العمل الإماراتي-الفرنسي للتعاون في مجال الذكاء الاصطناعي”؛ عبر التخطيط لاستثمار ما بين 30 إلى 50 مليار يورو في إنشاء مجمع للذكاء الاصطناعي بسعة 1 غيغاوات في فرنسا، وتستثمر في مشروعات ضخمة مثل مشروع “ستار غيت” لإنشاء مراكز بيانات في الولايات المتحدة، وقد تنامت الشراكة بين دولة الإمارات والولايات المتحدة في الذكاء الاصطناعي، مع التفوّق الأمريكي العالمي في هذه التقنيات.

وبالفعل، تتشارك حكومة دولة الإمارات مع شركة “يو آي باث”، المتخصّصة في الأتمتة المؤسّسية والذكاء الاصطناعي، لتعزيز حلول “الأتمتة الوكيلة”، كما تستثمر دولة الإمارات في “اتفاقية الشراكة العالمية للاستثمار في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي” بنحو 100 مليار دولار، وتحديدًا بين صندوق “إم جي إكس” وشركات “بلاك روك” و”غلوبال إنفراستركتشر بارتنرز” و”مايكروسوفت”، فضلًا عن اتفاقية شركة “جي 42” مع “مايكروسوفت”؛ لتأسيس مركزين للأبحاث في أبوظبي لدعم قطاع الذكاء الاصطناعي المسؤول، واتفاقية “جي 42″ و”إنفيديا” لتأسيس مختبر للمناخ التقني في أبوظبي، لتطوير التكنولوجيا المناخية، كما تتعدّد الاستثمارات التكنولوجية في أفريقيا.

ويشكّل استثمار “مايكروسوفت” 1.5 مليار دولار في “جي 42” لإدخال أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي، والدفع بمبادرات تطوير المهارات إلى دولة الإمارات ودول العالم، والتعهد الإماراتي بالاستثمار بنحو 1.4 تريليون دولار في الولايات المتحدة بالعقد القادم، معظمها في مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي، درّةَ تاج الاستثمارات الإماراتية في الذكاء الاصطناعي؛ لبناء قدرات تفتقدها معظم دول الجنوب العالمي، وتوفير التكنولوجيا للشرق الأوسط.

إن بناء الشراكات الدولية جزء أساسيّ في الاستراتيجية الخارجية لدولة الإمارات، وفي التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي بشكل خاص؛ سعيًا من الدولة إلى تطوير حلول مبتكرة تعالج التحديات المحلية والعالمية، ورفع كفاءة القطاعات الحيوية، وتطوير إمكانيات اقتصاد المعرفة، والمساهمة في الابتكار العالمي، ولاسيّما في الذكاء الاصطناعي.


Leave a Reply