وطنُ اللا مستحيل

الإفتتاحية

وطنُ اللا مستحيل

كلوحة فنية قلما يجود الزمان بمثلها، تابعنا بشغف واهتمام أول صورة يُرسلها “مسبار الأمل” لكوكب المريخ، فهي ليست صورة عادية، ولا فتحاً علمياً نادراً فقط، بل إيذان بتاريخ جديد للعالم أجمع، وللبشرية بأن هناك شعباً قادماً بقوة ليثري مسيرتها ويرضي نهمها لسبر أعماق الكون، وللأمة العربية التي آن لها أن تنهض وتستعيد دورها بين الأمم، وللملايين من الشباب الحالم والطامح في كل مكان، ولجميع العقول النيرة والمبدعة حول العالم، بأن الإنجاز العلمي العظيم الذي حققه أبناء دولة الإمارات بدعم ورعاية قيادتهم الرشيدة هو صناعة متقدمة لمستقبل الإنسان، وتدشين لحقبة جديدة باتت فيها الإمارات من الممسكين بدفة الحضارة ومتمكنة من صناعة الكثير من محطاتها التي يتحول فيها الحلم إلى واقع، والأمل إلى حقيقة.. وحيث يمكن أن يبدع الإنسان لتنتصر به الأمم وتقوى به المسيرات التي تحاول معرفة غد الإنسان والاستعداد له كما يجب.
محطات كثيرة أكدت خلالها دولة الإمارات أن تجربتها التنموية الملهمة ترتكز على بناء الإنسان وتسليحه بأعقد العلوم ليكون قادراً على خوض غمار التنافس الشريف.. فنجح الرهان وحققت الإمارات الكثير مما يؤكد عزيمة أهل هذه الأرض، فحيث يتهيب الآخرون هناك من يقدم على مواجهة التحديات، وحيث يترقب البعض هناك شباب باتوا يحملون مفاتيح المستقبل، وحيث تشعر بعض الأمم الكبيرة بثقل المهمات تؤكد دولة الإمارات أنها تشق طريقها بثقة وقوة نحو أعلى القمم ودائماً في مقدمة الركب العالمي.. إنها محطات تختزل حياة وطن باتت الصحراء فيه جنة والمريخ واحد من محطاته، وما بين الأمس واليوم صناعة للمجد.. للحياة.. للتقدم.. للازدهار، حيث لا مستحيل ولا أحلام عصية على التحقق.
صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله”، قال بهذه المناسبة العلمية التي سوف تكون إيذاناً بتقديم الكثير من أسرار الكون إلى العالم خلال نشر أول صورة يلتقطها المسبار: “من ارتفاع 25 ألف كم عن سطح الكوكب الأحمر.. أول صورة للمريخ بأول مسبار عربي في التاريخ”.
إنها كذلك بشرى بما تعنيه من فتح آفاق جديدة تثري البشرية كما وصفها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بالقول: “إرسال أول صورة للمريخ بعدسة “مسبار الأمل”.. بشرى خير، وفرحة جديدة.. ولحظة فارقة في تاريخنا، تدشن انضمام الإمارات إلى نخبة دول العالم المتقدمة في استكشاف الفضاء.. إن شاء الله تُسهم هذه المهمة في فتح آفاق جديدة في عملية اكتشاف الكوكب الأحمر تعود بالخير على البشرية والعلم والمستقبل”.
لقد اختطت دولة الإمارات لنفسها نهجاً شديد الواقعية، يتسم بالقدرة على إحداث كل تغيير إيجابي، وفي الوقت نفسه إضافة كل ما يُرسخ التميز والتفرد، نؤمن أن جهودنا في الاستعداد للمستقبل تستوجب أن نكون دائماً على قدر المسؤولية التي نحملها بشجاعة انطلاقاً من طموحات لم تعرف الحدود، وإنجاز وصول المريخ من النجاحات العظيمة للوطن الأكثر نشاطاً وعزيمة سيكون محطة لما سيليه وبداية لمسيرة جديدة.


تعليقات الموقع