التحرك العربي

الإفتتاحية

التحرك العربي

 

يتزايد الحديث حول دور عربي مرتقب نشط للتعامل مع الكثير من الأزمات التي تعاني منها عدة دول، وجميع الأنباء توحي بأن تحركاً فاعلاً سوف تشهده الساحة قريباً تحت مظلة الجامعة العربية بهدف التعامل مع تلك الأزمات والقضايا المشتعلة ضمن البيت العربي الذي هو أحرص على سلامة جميع مكوناته وبالتالي الأمة جمعاء، وذلك انطلاقاً من قناعة ثابتة بأن ترك أي دولة خاصة بعد أحداث ما سمي بـ”الربيع العربي” دون دور عربي فاعل سيؤدي إلى زيادة التدخلات الخارجية مع كل ما يُبنى عليها، خاصة أن بعض الدول ضاعفت من تدخلاتها لكونها وجدت بالحرائق المشتعلة الفرصة لاقتناص أطماعها التاريخية.
اليوم تحظى دول عربية عدة مثل العراق وسوريا وليبيا ولبنان باهتمام عربي وتوجهات واضحة تهدف إلى معالجة التعقيدات والأحداث الجسيمة ووضع حد لمعاناة الملايين من شعوبها، خاصة أن الأزمات المستفحلة سواء أكانت سياسية أو أمنية أو حياتية قد وصلت إلى درجة شكلت تهديداً تاماً لوحدة أراضي عدد منها، مع ما واكب ذلك من نزيف في الطاقات البشرية التي غادرت بحثاً عن الأمان وأبسط متطلبات الحياة أو عن بقعة أرض لا حروب ولا صراعات فيها.
منذ العام 2010، كان واضحاً نُذر خريطة سياسية جديدة في الشرق الأوسط، سرعان ما تنبهت لها عدد من الدول وتجاوزتها بقوة وتلاحم شعوبها، واستأنفت العمل نحو تحسين الحاضر ومواصلة مشاريع التنمية، في الوقت الذي تسببت التدخلات الخارجية في دول ثانية والانقسامات وعدم القدرة على تقريب وجهات النظر بين أطرافها أو الدفع نحو حلول سياسية تكون كفيلة بإنهاء الأزمات وإخماد النيران التي اشتعلت بسرعة، بأوضاع كارثية استمرت لأكثر من عقد وهذا فيه الكثير من المعاناة والدمار والألم والخوف من خسارة جيل كامل، وبالتالي تبدو اليوم التوجهات العربية لتفعيل التحرك واجبة وضرورية وتعكس الحرص التام على التعامل بجدية لإغلاق ملفات مفتوحة يبدو واضحاً أنها سببت ألماً للأمة جمعاء، وبالتالي فإن العمل المطلوب سيكون انطلاقاً من الحرص الأخوي والعمل على لملمة الجروح ووضع حلول يمكن البناء عليها، ولا شك أن العراق الذي يصوب البوصلة في الاتجاه الصحيح والتفاهمات التي رجحت ولادة ليبيا جديدة تحظى بدعم عربي وإقليمي ودولي كبير، حيث إن سلامة أي دولة فيه سلامة للجميع، ومن هنا تبدو اليوم الدعوات العربية نحو تحرك أكثر فاعلية تجسيداً للقلق الكبير على استمرار الأزمات وتداعياتها وكيف أنها باتت بحاجة إلى حل جذري يضع في الاعتبار مصالح ومستقبل تلك الدول والتعامل معها بشكل مباشر ضمن الواقع العربي الذي يتفاعل بقوة مع المستجدات سواء التي تشهدها المنطقة أو العالم أجمع من منظور أكثر واقعية ومحاكاة لما تستوجبه تلك المتغيرات على الصعد كافة والمحملة بتحديات كبرى تستوجب مواجهتها أقوى درجات التنسيق الواجبة، ووضع حلول تكون واضحة ولا تحتمل التفسيرات المتناقضة وتمهد لبدء استعادة تلك الدول لسيادتها وإنهاء التدخلات الخارجية وخروج القوات الأجنبية والمرتزقة والمليشيات منها، ومن المؤكد أن المبادرات العربية التي يتم الإعلان عنها سوف تحظى بدعم دولي واسع لكل مسعى يهدف إلى إخماد حريق أو تصحيح مسار لطي صفحة عقد استثنائي شهدته عدد من الدول العربية في جسد لا تنقصه الجراح منذ زمن طويل.

 


تعليقات الموقع