المواجهة بالحكمة وصوت العقل

الإفتتاحية

المواجهة بالحكمة وصوت العقل

متى يدرك البعض أن زمن الشعارات الجوفاء قد ولى، وأن الزمن يتقدم ويتطور وله مقومات جديدة وتختلف كلياً عما اعتاد البعض أن يروج له، فالحناجر والأصوات القوية لا يمكن أن يكون لها مكان في مواجهة العقل والنية الصادقة والعمل المثمر، وفي النهاية من لم يتعلم من دروس التاريخ لن يكون قادراً إلا على مواصلة المكابرة، هذا هو مع الأسف حال الكثيرين من الذين يفتقدون إلى الحيلة أو القدرة على تحكيم العقل سواء أكانوا من بعض أصحاب القرار أو المحللين ومن يسيرون في ركبهم، كما أنه لم يعد خافياً على أحد أن تلك المواقف لا تقدم ولا تؤخر، بل على العكس تماماً كان لها مفعول صب الزيت على النار، ولطالما كانت ذريعة لوقوع ما يجب تجنبه أو تقديم المبرر للقيام بردات فعل دفعت ثمنها شعوب بأكملها.
معالي الدكتور أنور بن محمد قرقاش المستشار الدبلوماسي لصاحب السمو رئيس الدولة، حذر بشكل واضح وجلي من تلك الأصوات، وبين أن حروب العرب الأهلية أكثر ضراوة من التحديات الخارجية، متسائلاً عن زمن تحكيم العقل كأولوية، وذلك بقول معاليه: “مع كل أزمة حادّة تعصف بالعالم العربي تعلو أصوات التأجيج والتفرقة على الأصوات الحكيمة البصيرة الداعية إلى التلاحم والتعاضد. حروب العرب الأهلية أشد فتكاً وضراوة من تحدياتهم الخارجية. متى سنضع العقل في صدارة تعاملنا مع بعضنا ومع ما يجري حولنا؟”.
الحروب الداخلية التي عانت منها عدة دول، كانت البوابة الحقيقية ونقطة الضعف القاتلة لتلك الدول حيث إنها شرعت الأبواب أمام التدخل الخارجي وباتت ساحة لتصفية الحسابات بين المتصارعين، مع كل ما تسببت به من نزيف ومعاناة وألم ودمار، كل ذلك وقع عندما لم يتم الاحتكام إلى العقل وغابت الواقعية في التعامل مع التحديات وأسباب الأزمات، واليوم ومنذ عدة عقود بقيت الآلام مع كل أسف تنتقل بين عدة دول، وبقيت ذات العناوين هي البارزة لسنوات طويلة.
صوت الحكمة أكبر نصير للحق، والدليل على الحجة وامتلاك مقومات المواجهة بالعقل وتبني القضايا المحقة وإبعاد شبح النزاعات والأزمات، وها هم من انتهجوا هذا السبيل أثبتوا بعد الرؤية وسداد النظرة وأثبت التاريخ أن دعواتهم هي الحل الأمثل للتعامل مع مختلف التحديات، والطريق لإنهاء الأزمات ووضع حد لكل ما ينتج عنها.


تعليقات الموقع