مهاجمة ميليشيا "حزب الله" لإسرائيل بالصواريخ مغامرة جديدة ضمن سياسة الهروب للأمام لإنقاذ نفسه

ميليشيا “حزب الله” تخاطر بمصير لبنان مجدداً

الرئيسية مقالات
مركز تريندز للبحوث والاستشارات

اتجاهات مستقبلية
ميليشيا “حزب الله” تخاطر بمصير لبنان مجدداً

 

ما حدث على الحدود اللبنانية الإسرائيلية أواخر الأسبوع الماضي يعيد إلى الواجهة مجدداً مسألة اختطاف الدولة، ومحاولة مكون – بل وحتى فصيل من فصائله الكثيرة – الاستئثار بالقرار السيادي، وفي أمر مصيري مثل الحرب؛ ما قد يؤدي إلى كارثة حقيقية في البلاد التي تعاني أصلاً من مشاكل، بل وكوارث سياسية واقتصادية عويصة، بينما لا تزال تداعيات الانفجار الذي هز بيروت قبل عام تتدحرج، ولكن للأسف دون أن يهتز ضمير من تولوا – بل في الحقيقة ولو أنفسهم – أمر هذا الشعب المغلوب على أمره، رغم تآكل شرعيتهم منذ أمد بعيد.
التوتر الذي شهدته الحدود بين لبنان وإسرائيل ليس جديداً؛ فهناك مناوشات وتبادل لإطلاق النار يجري من فترة لأخرى، ولكنه في العموم يتماشى وقواعد الاشتباك التي تم تحديدها بعد حرب 2006 التي أدت بالطبع لدمار هائل في لبنان بسبب حسابات خاصة لحزب الله دفع ثمنها لبنان لكنه. ولكن ما جرى مؤخراً ينطوي على خطورة بالغة، بالنظر إلى: أولاً، التصعيد الأخير الذي تشهده المنطقة، على خلفية استهداف سفن تجارية في بحر العرب وخليج عمان والتي وُجهت أصابع الاتهام فيها لإيران؛ وثانياً، الظروف غير المسبوقة التي تعيشها البلاد على كل المستويات.
فسياساً، لا تزال محاولات تشكيل حكومة جديدة، خلفاً لحكومة تصريف الأعمال التي أُجبرت على الاستقالة على أثر انفجار بيروت مطلع أغسطس 2020، تراوح مكانها؛ وذلك بسبب تعنت فريق سياسي يريد أن يفرض وجهة نظره على كل اللبنانيين ويشكل الحكومة وفقاً لأهوائه، وعلى رأسه بالطبع “حزب الله”. وعلى المستوى الاقتصادي، تواجه البلاد ظروفاً صعبة، بل مأساوية، لم يسبق لها مثيل حتى أيام الحرب الأهلية؛ فهناك معدلات بطالة وتضخم قياسية، خاصة بعد تدهور الليرة اللبنانية، فضلاً عن الفساد المستشري – بالطبع – في كل أجهزة الدولة. وعلى المستوى الصحي هناك وضع كارثي، حيث تواجه البلاد صعوبات حقيقية، سواء في توفير اللقاحات أو التعامل مع العدد المتزايد من الإصابات بفيروس كورونا والذي وضع القطاع الصحي على حافة الهاوية.
بعد كل هذا تقوم ميليشيا حزب الله بمغامرة جديدة عبر مهاجمة إسرائيل بالصواريخ، ضمن سياسة الهروب للأمام لإنقاذ نفسه خاصة مع تآكل شرعيته وتزايد الرفض الشعبي له، حيث يحمّله اللبنانيون الجزء الأكبر من المسؤولية عما يجري في البلاد، لسيطرته على مفاصل الدولة، أو تنفيذاً لأجندات خارجية، حيث لا تخفى الرسائل المتبادلة بين إسرائيل وإيران في هذا السياق.
ولكن مهما يكن الأمر، فإن ما قام به حزب الله هو في الحقيقة مغامرة خطيرة، وهو ليس مجرد تجاوز لصلاحيات، بل هو اختطاف مع سبق الإصرار والترصد لقرار وإرادة شعب بأكمله؛ فبدل أن يتفاعل الحزب مع الجهود الدولية الحثيثة لمساعدة لبنان في محنته، خاصة وأنه لم يمضِ سوى أيام على انعقاد مؤتمر مانحي لبنان والذي تم فيه جمع 370 مليون دولار كمساعدات عاجلة، يطلق الحزب وابلاً من الصواريخ على إسرائيل، وهو يعلم تماماً أنها لن تسكت أو تتردد في الرد، وربما يكون ردها أقسى من المتوقع؛ فضلاً عن أن ما يقوم به سيعرقل مسار المساعدات التي يعتبر لبنان بأمس الحاجة إليها.
قد يجر “حزب الله” البلاد إلى حرب جديدة لو وقعت فستأكل الأخضر الذي انحسرت مساحته، واليابس الذي يكسو لبنان، وإذا ما احترق فقد يؤدي إلى حريق جديد في لبنان وربما المنطقة بأكملها. فإلى متى سيبقى لبنان رهينة هذه الميليشيات؟! ولماذا لا يُرفع الغطاء الدولي عنها فعلاً بشكل كلي؟! إذ لا يبدو أن البلاد ستخرج من أزمتها مادام هذا “السلاح” مسلطاً على رؤوس شعبه.


تعليقات الموقع