إذا ما طاعك الزّمان طيعه

غير مصنف

IMG_4907.jpeg

الأمثال الشعبية الإماراتية وعلاقتها بالذّكاء العاطفيّ.

إذا ما طاعك الزّمان طيعه، ويقصد به إن لم يكن الزمان كما تتمنى والناس حولك كلهم ضدّك، أو الظّرف الذي تمرّ به يحوي تغيّرات عظيمة غير قادر على تغييرها أو التأقلم معها، فالمثل إذا ما طاعك الزّمان طيعه لا يعني أن تمشي عكس التيار بل أن تتكيف معه وفق قدرتك على ذلك، لأنّ الله لا يكلّف نفساً إلا وسعها، فلا يوجد زمان لا تستطيع أن تمشي على هواه لأن الله سبحانه وتعالى لا يعطي الإنسان إلا ما يستطيع القيام به.

يُضرَب هذا المثل فيمن يعاكسه الزّمان أو الظّروف فيتكيّف معها ولا يُعاند واقعه، لأنّ طبيعة الإنسان أن يطمح للوصول لما يريد طارداً اليأس من قاموس حياته، وألا يجعل للتشاؤم طريقاً إلى قلبه، إنما يغرس بذرة التفاؤل في طريقه ويسقيها بالإيجابية راضياً بقضاء الله إذا ما طاعك الزّمان طيعهوقدره مكلّلاً عمله بالسّعادة ومحيطاً تفاصيل حياته بالمرونة التي تعتبر عاملاً مساعداً للتكيف مع مستجدّات الحياة ومتابعة التطورات والتغيرات، فنحن نعلم أنّ الزّمن في تغير مستمرّ، ولا ينبغي الوقوف عند أيّ تغير كأنه عقبة تعيق تقدّمه، بل يتكيف معها بما يتناسب مع تحقيق أهدافه.

البعض يفهم هذا المثل ” إذا ما طاعك الزمان طيعه أنه الاستسلام للظّروف والانحناء أمام العقبات التي تعترض طريقهم، إلا أنّ هذا المعنى ليس المقصود من المثل، بل يُقصد به أن يكون الإنسان فعّالاً في مجتمعه يغيّر نفسه أولاً ومن ثمّ واقعه للأفضل فيتغيّر ويغيّر(لا يغير الله ما بقومٍ حتى يغيّروا ما بأنفسهم) والله تعالى جلّ وعلا عالمٌ بقدرة كلّ فردٍ وطاقته على التّحمّل والتّغيير، فلا يكلّفه ما لا يطيقه، وأيّتغيّر في مجريات حياته يكون قادراً على مواكبته بكلّ إيجابيّةٍ، متّخذاً من عنصر الوقت وسيلة لحلّ المشكلات التي تكون خارجة عن سيطرته وغير مألوفة بالنسبة له.

نحن نعلم أنّ الوقت يجري كالساعة لا ينتظرُ أحداً، ولا يعود للوراء وهنا لا بدّ لكلّ إنسانٍ عاقلٍ أن يطوّع الزمن لصالحه، ويفكّر بإيجابيّة وأمل في التّغيير لتحقيق طموحه، محارباً الاستسلام بشتّى الوسائل، ومتى تسلّم زمام الأمور وَجَب عليه الاتّصاف بالرّحمة والرّأفة والحُكم بالعدل والعفو، ولا ينسى نفسه عندما كان ضعيفاً ثم أصبح إنساناً قويّاً، وهذا فضلٌ من الله وليس ذكاءً منه، لأنّ الله لا يكلّف أحداً فوق طاقته، وهذا من لطف الله بعباده ورحمته بهم بأن أرشدهم لسؤاله عند النسيان أو الضّياع (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها)، فالرجوع لله تعالى وطلب العون منه يُعتبر بمثابة بدايةٍ جديدة لكلّ شيء، في حين أنّ الاستسلام للصعوبات بدايةَ السقوط والانهيار.

لذا على كلّ مسلمٍ مؤمن بقضاء الله وقدره أن يكون مبادراً لكلّ عملٍ إيجابيّ، طارداً الخنوع والاستسلام وفكرة أنّ الحياة تعانده، بل يغيّر تفكيره، فظروف الحياة لا تتغير من تلقاء نفسها، بل هو من يغير مسيرة حياته بما يتواءم مع الزمان وتغيراته، كالسهم لا يعود للوراء إلا لينطلق بقوّة نحو الهدف، فكن سهماً وحدّد هدفك بدقة، وستجد ما تريد أمام عينيك راسخاً.

بقلم.. مايا الهواري.. اول باحثة دكتوراة في الذكاء العاطفي والقيادة في الوطن العربي


تعليقات الموقع