العالم على موعد مع نسخة استثنائية من مؤتمر الأطراف كوب في نسخته الثامنة والعشرين أواخر العام الحالي في ضوء ما تتمتع به دولة الإمارات من مكانة عالمية رائدة

كوب 28 وتحفيز التعهدات المناخية العالمية

الرئيسية مقالات
مركز تريندز للبحوث والاستشارات

 

اتجاهات مستقبلية

كوب 28 وتحفيز التعهدات المناخية العالمية

 

 

 

 

 

 

 

دائمًا ما يشار إلى اتفاق باريس للمناخ بأنه لحظة تاريخية فارقة في العمل المناخي الدولي. فمع تبني 197 دولة هدف الحد من الانبعاثات الضارة للسيطرة على درجة الحرارة العالمية، خرجت للنور العديد من التعهدات المناخية العالمية، ليس فقط في مجال التعهدات المالية للحكومات والتحويلات الطوعية من الدول المتقدمة إلى الدول الأقل تقدمًا، ولكن أيضًا في تعهد الحكومات والشركات العالمية بصافي الصفر عند خط أساس في العام 2050.

وبعد مرور نحو ثماني سنوات على توقيع هذا الاتفاق، فإن العديد من التعهدات التي قُطعت خلال تلك الفترة واجهت تحديات متنوعة؛ فإما أن بعض هذه التعهدات لم يرتقِ للمستوى المطلوب عمليًا للوصول لهدف الحياد الكربوني في الأجل المحدد لها، أو أن البعض الآخر منها لم يحُزْ الجدية والالتزام الضروريين لدعم المسار المنضبط للعمل المناخي الدولي. وليس أدلُّ على أن التراخي في الالتزامات المناخية يفضي إلى تفاقم الأعباء المناخية، من تكبُّد الولايات المتحدة الأمريكية وحدها خسائر بنحو 165 مليار دولار؛ من جراء الكوارث المناخية خلال العام 2022 وحده.

ولقد حاولت العديد من القمم المناخية التي تلت اتفاق باريس تقديم سبل الدعم وتحفيز التعهدات المناخية الدولية. بيد أن المشكلة التي ظلت رابضة في الطريق، وبما يقلل من المستوى المطلوب عالميًا للتقدم المستمر صوب الأهداف المناخية، أن التعهدات المالية الدولية هي من النوع الطَّوعي غير الملزم، مع وجود ضعف واضح في التزام كبريات الشركات العالمية بأهداف صافي الصفر، وأن بعض هذه الشركات تتعمد المبالغة في التزاماتها الكربونية باعتبار ذلك أداة فعالة ضمن برامجها الدعائية والتسويقية. لكن الخبر الجيد في هذا السياق أن النجاح الملحوظ الذي تحقق من تتابع هذه القمم هو تزايد مستويات الوعي من جانب المستثمرين والمستهلكين بالظروف المناخية غير المواتية؛ ليشكل هذا الوعي ضغطًا إيجابيًا على الحكومات والشركات في مسيرة العمل المناخي.

وبينما العالم على موعد مع نسخة استثنائية من مؤتمر الأطراف كوب في نسخته الثامنة والعشرين أواخر العام الحالي 2023، وفي ضوء ما تتمتع به دولة الإمارات من مكانة عالمية رائدة، وبصفتها المضيف لهذه النسخة البالغة الأهمية، فمن المتوقع أن تتحفز التعهدات المناخية الدولية؛ لعدة اعتبارات دولية وتكنولوجية وتمويلية وزمنية.

إن أول هذه الاعتبارات أن الاقتصاد الإماراتي يقدم أنموذجًا دوليًا رائدًا في العمل المناخي المحلي وفي الالتزام بالتعهدات المناخية الدولية. ومن باب التحفيز ونقل الخبرة والمحاكاة الدولية، من المتوقع أن يكون هذا النموذج الإماراتي داعمًا قويًا لنجاح قمة كوب 28 في مساعيها لتطوير آليات مبتكرة للالتزام بالتعهدات المقطوعة من الحكومات والشركات الدولية، وفي خلق آليات تنفيذية لتحويل هذه التعهدات إلى سياسات وبرامج فعلية على أرض الواقع. كما أن الأمل المعقود على قمة كوب 28 في تطوير التقنيات المناخية سيأتي بالأساس من دورها المحفز للشركات الرائدة في نقل وتبادل الخبرات، سواء في مجال تكنولوجيا الحد من الانبعاثات الكربونية أو في تقنيات إزالة هذه الانبعاثات والتقاطها من الهواء وإعادة تدويرها، مع إعادة النظر في السياسات الحكومية ذات الصلة والتأثير على ربحية هذا النوع من الشركات.

وتبقى الإشارة إلى أن قمة كوب 28 ستخلق فرصًا-قد لا تُعوَّض مستقبلًا- للارتقاء بالتعهدات المالية الدولية وسياسات إنفاذها؛ ذلك لأن الصورة باتت أوضح الآن فيما يخص آليات تمويل وإدارة “صندوق الخسائر والأضرار” لتعويض الدول النامية عن خسائرها من التغيرات المناخية. كما أن التحوُّل من الالتزامات المالية الطويلة الأجل إلى الالتزامات القصيرة الأجل هو الأكثر ملاءمة للقياس والمتابعة والإلزام.


تعليقات الموقع