زواج الأقارب بين واقع ومأمول..

مقالات
 د. سارة ذعار العصيمي: كاتبة سعودية

تمثل الأمراض الوراثية معضلة صحية ، كونها تسبب مضاعفات مزمنة ، قد ينتج عن هذه الأمراض أو مضاعفاتها قصور او عجز او إعاقة عن الأداء السوي للأعمال الجسمانية أو العقلية للفرد .
من المؤسف؛ في البلدان العربية يتعاظم حجم وتأثير الأمراض الوراثية لأسباب عدة منها زواج الأقارب وزيادة معدلات الأمراض الوراثية؛ خاصة أمراض الدم الوراثية بنسب عالية ، مما يحتم إيجاد برامج وطنية تعني بالجوانب الوقائية والعلاجية والتأهلية لمكافحة هذه الأمراض والحد منها ومن آثارها الصحية والاجتماعية والاقتصادية، لذلك يعتبر زواج الأقارب من أكثر المواضيع للجدل قديماً وحديثاً من وجهات النظرالدينية ،والطبية، والاجتماعية.
فقد تناولت وسائل الأعلام المختلفة هذه القضية من زواتين متناقضتين ؛ فالبعض يؤيد زواج الاقارب بحماس شديد مستنداً إلى أدلة من القرآن والسنة وعلم الوراثة، والإحصائيات الميدانية.
وعلى الجانب الآخر ؛ نرى البعض يعارض الزواج من الأقارب ويحذر من انقراض الأسر والقبائل المتمسكة بهذا الأسلوب الاجتماعي للزواج ، هذا الرأي كذلك يستند على الأحاديث ومقولات كبار الصحابة ، ثم يستدل بأبحاث في علوم الوراثة تؤيد وجهة نظره وانتشار الأمراض الوراثية في المجتمعات المغلقة .
مما يبدو لي؛ هنالك قاعدة وراثية يطيب لي أن اذكرها في مقولة ” حسنه أحسن وسقيمه أسقم “بمعنى حينما يكون الزوجين ذوو مورثات جيدة ومتطابقة يكون النسل متميزاً ،قوياً، ذكياً والعكس صحيح.
لابد من الاستدراك بأن هذا المقال هنا  لايقف ضد أو مع  زواج الأقارب او الأباعد ، بل هو بمثابة التوعية و(المفتاح الأول ) للوصول إلى جيل خالٍ من الأمراض ، من خلال إزالة العوامل المسببة لها، والكشف المبكر للتقليل من آثارها السلبية على الفرد وأسرته ومجتمعه ايضاً. ووضع فحوصات دقيقة جداً للجينات المسببة لهذه الأمراض.
..فالزواج هو البعد الواقعي لاستمرارية البنية البشرية، والنسل مقصد من مقاصد الحياة البشرية، فالحفاظ عليه ضرورة ولبنة أساسية للمجتمع وأساسه ، حيث عنى المجتمع بتوثيق بنيان هذا الزواج وحمايته من جميع المؤشرات التى توهن هذا البناء وحرص على الأهتمام ببنائه قبل قيامه ،وذلك بوضع أسس طبية، إجرائية، وقائية للزواج الآمن، من رعاها يكون بنائه سالماً قوياً ودائماً بمشيئة الله.
أخيرا ً..ومن وجهة نظر شخصية ؛حتى يتحقق هذا الزواج الآمن الذي جسدته وزارة الصحة السعودية في أدلتها التوعوية في شخصيتين اطلقت عليهما أسم (سلمى وسليم ) ، لابد من تكاثف الجهود في وضع فحوصات دقيقة في مستويات من الدرجة الثانية والثالثة ايضاً في الكشف عن الإعاقات والجين المسؤول عنها و عن توارثها في الأبوين قبل الزواج ..أمل ٌ ورجاء … من الممكن أن يتحقق.


تعليقات الموقع