وفقاً لغالبية المقاييس يجب أن تكون هناك طفرة في الإنفاق الصناعي ويمكن القول إنه من غير المنطقي عدم وجود حدوث الطفرة

على الإنفاق الصناعي أن يزدهر… لكن هل سيحدث ذلك؟

مقالات
بروك سذرلاند:كاتبة في بلومبيرغ

 

على الإنفاق الصناعي أن يزدهر… لكن هل سيحدث ذلك؟

 

 

 

 

 

هل يمكن أن يختلف هذا التباطؤ الاقتصادي بالنسبة للشركات الصناعية؟ هناك أسباب وجيهة للاعتقاد بذلك، ولكن أصبح من الصعب الجدل في هذا الشأن.

ازداد الطلب على السلع الاستهلاكية في الأسابيع الأخيرة وبعد فترة من تفشي الوباء، تزامن مع قيام شركات مثل «Target corp»، و«Walmart Corp» و«Dick›s Sporting Inc»  بإبداء الحذر بشأن المخزونات والمبيعات المستقبلية. هذا أمر لا مفر منه يعكس تطبيع عادات الشراء بدلاً من تراجع طلب المستهلكين، لكن هناك تباطؤاً شديداً قد يكتسب زخماً مع تراجع التضخم في القوة الشرائية. ومع ذلك، جزئياً وبسبب هذه التشوهات في السلوك المصاحب لـ«كوفيد»، افترض بعض المستثمرين والمحللين أن الإنفاق الرأسمالي الصناعي قد يكون أكثر مرونة في مواجهة تراجع المستهلك مما يوحي به التاريخ السابق.

على سبيل المثال، لا يزال يتعين على الشركات الصناعية أن ترى فوائد فاتورة البنية التحتية البالغة 550 مليار دولار. تسهم التحولات الهيكلية، مثل تقصير مدة سلاسل التوريد العالمية والحاجة إلى الاستثمار، في جعل المصانع أكثر حفاظاً على البيئة، وهو ما يمثل جانباً آخر من النمو المحتمل بعيداً عن العوامل الاقتصادية الدورية العادية. من غير المرجح أن ينعكس الانتعاش على إصلاحات الأتمتة، حتى لو تراجع نقص العمالة. بالإضافة إلى ذلك، هناك حقيقة بسيطة وهي أن الطريقة الوحيدة لمواجهة التضخم في أسعار المساكن والنفط بطريقة دائمة تكون من خلال الاستثمار في مزيد من البنية التحتية للطاقة المحلية والبناء السكني.

لقد منعت الاختناقات في سلسلة التوريد كثيراً من الشركات الصناعية من متابعة خطط زيادة الإنفاق، ما يعني أنه لم يكن هناك في الواقع ارتفاع كبير في الاستثمارات الرأسمالية بعد «كوفيد». وعلى الصعيد العالمي، كان عدد مشاريع التصنيع في الحقول الخضراء أقل بنسبة 40 في المائة تقريباً مقارنة بمستويات ما قبل الجائحة في عام 2021، كما يشير سكوت ديفيس، الباحث في مؤسسة «ميليوس ريسيرش»، نقلاً عن بيانات من مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية.

وفقاً لغالبية المقاييس، يجب أن تكون هناك طفرة في الإنفاق الصناعي، ويمكن القول إنه من غير المنطقي اقتصادياً عدم وجود حدوث الطفرة، وإن كان هذا لا يعني حدوث ذلك.

ضع في اعتبارك سوق الإسكان، حيث ارتفعت معدلات الرهن العقاري نحو 6 في المائة الأسبوع الحالي، ما أدى بشكل فعال إلى تسعير شريحة كبيرة من المشترين المحتملين خارج السوق. حتى قبل الزيادة الأخيرة في المعدلات، كانت هناك علامات على التباطؤ، حيث تراجع بناء المنازل الجديدة بالولايات المتحدة في مايو إلى 1.55 مليون بمعدل سنوي، وهو الأدنى منذ أكثر من عام، وفقاً لبيانات الأسبوع الحالي من مكتب الإحصاء ودائرة الإسكان والتنمية العمرانية.

وانخفضت طلبات الحصول على تصاريح البناء، وهي وكيل لعمليات البناء المستقبلية، إلى 1.7 مليون وحدة سنوياً، وهو أدنى مستوى منذ سبتمبر. تخضع مجموعة البيانات هذه لمراجعات كبيرة، وتؤدي تحديات سلسلة التوريد إلى تعقيد الترجمة إلى المخزون الفعلي المتاح، ولا يزال أمام البناؤون تراكم كبير من المنازل غير المكتملة. لكن شركات بناء المنازل في الولايات المتحدة تشهد أضواء صفراء تحذيرية، حيث تراجع «مؤشر الرابطة الوطنية لبناة المنازل» (Wells Fargo)، في يونيو، إلى أدنى مستوى في عامين، وفقاً للبيانات الصادرة الأسبوع الحالي.

هذه مشكلة لأنه حتى مع معدلات البناء الأكبر في الأشهر السابقة، كان عدم التوازن بين العرض والطلب في سوق الإسكان في طريقه للاستمرار لمدة عقد تقريباً، وفقاً لبعض التقديرات.

بالنظر إلى الاختيار بين السيطرة على التضخم على المدى القصير وإصلاح النقص في المساكن على المدى الطويل، يبدو أن الاحتياطي الفيدرالي يميل إلى إعطاء الأولوية للخيار الأول. وقال رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، في مؤتمر صحافي هذا الأسبوع، بعد أن رفع البنك المركزي أسعار الفائدة القياسية بمقدار 75 نقطة أساس: «نحن ندرك جيداً أن معدلات الرهن العقاري قد ارتفعت كثيراً وأنك ترى سوقاً متغيرة للإسكان. نحن نراقبها لنرى ما سيحدث. إلى أي مدى سيؤثر حقاً على الاستثمار السكني؟ لست متأكداً. كم سيؤثر على أسعار المساكن؟ لست متأكداً أيضاً. ولكننا نراقب ذلك بعناية تامة».

هناك مزيد من العلامات المشجعة في سوق الطاقة، فقد قفزت إيرادات الإيجارات لشركات النفط والغاز بنسبة 43 في المائة بالربع المنتهي في 30 أبريل بمؤسسة «Ashtead Group Plc»، حسبما أفاد مؤجر المعدات ومقره المملكة المتحدة في تحديث للأرباح الأسبوع الحالي. وارتفعت أعداد منصات النفط والغاز بنحو 60 في المائة على أساس سنوي، وفقاً لبيانات مؤسسة «بيكر هيوز». وتعمل شركات النفط الكبرى على زيادة نفقاتها الرأسمالية العام الحالي، وقد سعت إدارة الرئيس بايدن في الأسابيع الأخيرة إلى ممارسة مزيد من الضغط على الموردين المحليين لزيادة الطاقة الإنتاجية وسط ارتفاع أسعار البنزين. لكن جوليان ميتشل المحلل في «باركليز بي إل سي» أشار إلى أن الإنتاج الصناعي كان متقلباً خلال السبعينات على الرغم من فترة صدمة أسعار النفط، ما يشير إلى أن هذا وحده قد لا يكون كافياً لدعم أساسيات القطاع. ومن الجدير بالذكر أيضاً أن كثيراً من الشركات متعددة الصناعات قد خرجت أو قللت بشكل كبير من تعرضها للطاقة من خلال عمليات البيع بالتجزئة والتصفية في أعقاب ركود التصنيع في عامي 2015 و2016، الذي كان مدفوعاً بأسعار النفط.

جاء جزء كبير من إعلانات ما بعد الجائحة للمصانع الأميركية الجديدة من صناعة أشباه الموصلات. تظهر أزمة الرقائق التي أفسدت كل شيء من السيارات إلى السجائر الإلكترونية أن العالم يحتاج بوضوح إلى مزيد من قدرة تصنيع أشباه الموصلات. ومع ذلك، يبدو أن الطلب على الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية يتعثر، بما في ذلك أجهزة التلفزيون وأجهزة الكومبيوتر والهواتف الذكية. وذكرت نشرة «نيكي» الأسبوع الحالي، أن شركة «سامسونغ» للإلكترونيات أوقفت مؤقتاً أوامر الشراء الجديدة وتطلب من بعض الموردين تأجيل أو إيقاف شحناتهم بسبب مخاوف بشأن التضخم وارتفاع المخزونات. هل هناك طلب كافٍ من الصناعات الأخرى لدعم مصنعي أشباه الموصلات الحريصين على إلقاء نظرة طويلة على توسيع السعة؟ من الناحية النظرية، نعم، لكن عنصر الوقت ستكون له الكلمة الأخيرة. وقال ديفيد زينسنر، المدير المالي لشركة «إنتل»، في وقت سابق من هذا الشهر في مؤتمر «بنك أوف أميركا كورب»: «سنواجه بعض التقلبات بالتأكيد على المدى القريب كما سيفعل غيرنا أيضاً. ما يتعين علينا القيام به هو إبقاء رؤوسنا منخفضة وقيادة الأعمال، والتنفيذ وفقاً للخطة وستكون للأمور نتيجة جيدة بالنسبة لنا».

أي شخص يأمل في قراءة واضحة للطلب الصناعي من موسم أرباح الربع الثاني المقبل سيصاب بخيبة أمل. من المرجح أن يؤدي إغلاق «كوفيد» في الصين إلى تفاقم الضجيج في الأرقام بشأن تحديات سلسلة التوريد. وسيكون أفضل مؤشر للطلب الأساسي ومرونة قطاع التصنيع تجاه مخاوف الركود هو ما تقوله الشركات عن خطط الإنفاق الخاصة بها. فشركات مثل «Kennametal Inc» و«Emerson Electric Co» قلصت بشكل متواضع أهداف الإنفاق الرأسمالي لعام 2022 في الربع الأخير، مستشهدة بعوامل تضمنت نقص العمالة، والإمداد والتكاليف المرتفعة. وفي حالة زيادة قائمة الشركات التي تقوم بالتخفيضات، فربما لا تختلف هذه المرة كثيراً بالنسبة للعالم الصناعي – لسوء الحظ بالنسبة للجميع.عن “الشرق الأوسط”

 

 


تعليقات الموقع