في ندوة جمعت خبراء دوليين.. “تريندز” يناقش تحديات الأمن الغذائي والمائي بالعالم العربي

الإمارات

الخبراء يؤكدون:

  • التكاتف العربي ضرورة لمواجهة تحديات الأمن الغذائي والمائي
  • لا أمنَ غذائياً بدون أمن مائي
  • الحد من فقد الطعام وهدره يشكل أولوية
  • 17 دولة عربية تقع تحت خط الفقر المائي
  • 70 % من مناطق الدول العربية تعاني مشكلة التصحر

 

أبوظبي – الوطن:

 

أكد خبراء وأكاديميون دوليون أن الأمن الغذائي والمائي يشكل متطلباً أساسياً وجزءاً من الأمن القومي، مؤكدين أنه لا يمكن تحقيق أمن غذائي بدون أمن مائي، ومطالبين بضرورة التكاتف والتعاون العربي من أجل إيجاد منظومة غذائية قادرة على مواجهة المشكلات والتحديات، وضرورة الحد من فقد الطعام وهدره، كأولوية لدول المنطقة لما يشكله من خطورة مناخية وقومية. وبين الخبراء أن الأمن المائي والغذائي جزء لا يتجزأ من أهداف التنمية المستدامة، منوهين الى أن تقارير الأمم المتحدة تشير إلى أننا لا نسير على الطريق الصحيح.

جاء ذلك خلال الندوة التي نظمها مركز تريندز للبحوث والاستشارات مساء أمس الثلاثاء، عن بُعد، تحت عنوان: “الأمن الغذائي والمائي: التداعيات والتحديات في العالم العربي”، وشارك فيها جمع من الخبراء والمختصين من عدة دول، وأدارتها الباحثة في “تريندز” علياء العوضي، التي أكدت أن الغذاء والماء والمأوى يشكّل المتطلَّبات الأساسية الثلاثة لبقاء الإنسان، غير أن اثنين منها مهدَّدان اليوم، حيث الطبيعة تفرض قوانينها بحدة، كما يؤدي إساءة استخدام الموارد الطبيعية إلى تغيير المناخ، مشيرة إلى أن الظواهر الجوية المتطرفة أصبحت أكثر شيوعاً في جميع أنحاء العالم، ومن ناحية ثانية، أصبحت اليوم الاعتبارات السياسية والاستراتيجية الطويلة المدى في صدارة مناقشاتنا حول الأمن الغذائي والمائي، مبينة أن التداعيات الاستثنائية للحرب الروسية – الأوكرانية على العالم العربي تستلزم فحصاً أكثر دقة؛ لأن الجغرافيا الخاصة بالمنطقة تلعب دوراً رئيسياً في استجابتها ودورها في المضي إلى الأمام.

واستهل الندوة الدكتور حسن طلبة أبو النجا، المدير التنفيذي للشبكة العربية للتنمية المستدامة، الحديث عن أهمية الأمن الغذائي والمائي باعتبارهما جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي وأهداف التنمية المستدامة. وأوضح أن 17 دولة عربية من بين 22 تقع تحت خط الفقر المائي، كما أن 60% من سكان المنطقة يعانون ندرة المياه. وقال “إن ندرة المياه تتسبب في خسائر مالية كبيرة وتستنفد جزءاً كبيراً من الناتج القومي”.

وتطرق إلى تحديات الأمن الغذائي والمائي في المنطقة العربية، وقال إن من أبرزها: التغيرات المناخية، ومعدل النمو السكاني، وازدياد الطلب على المياه. وأوضح أن هذه التحديات تحدُّ من تحقيق أهداف التنمية المستدامة. وأشار إلى أن النمو السكاني سيؤدي إلى زيادة الطلب على المياه والغذاء بينما لا يتماشى معدل الإنتاج الزراعي مع الزيادة السكانية المتزايدة، وطالب باسترداد فاقد المياه والاستفادة منه، مشدداً على أهمية وعي الحكومات والمجتمعات لهذا الأمر.

بدورها، تناولت السيدة سيتا توتونجيان، المؤسس والرئيس التنفيذي لـ  Thriving Solutions، موضوع هدر الماء والطعام، مشيرة إلى أنه عندما نفقد ونهدر 44% من طعامنا في المنطقة العربية، فإن ذلك يعني هدر جميع المصادر الطبيعية “مياه وتربة”، إضافة إلى المصادر الاقتصادية التي استُخدمت لإنتاج هذا الطعام.

وتطرقت الى منهجية “الهدف – القياس – العمل” التي يتم اتباعها بنجاح في عدة دول للحد من الفاقد والمهدر من الغذاء. وأوضحت أن من أهم المبادرات للحد من الفاقد والمهدر من الغذاء نشر الوعي على كافة المستويات، وبناء القدرات والكفاءات، والقياس حسب البروتوكولات العالمية، وتبني سياسات لحفز المؤسسات والأفراد على التصدي لهذا الاستنزاف للموارد.

 

وقالت إن غياب الدراسات الدقيقة حسب البروتوكول العالمي للفاقد والمُهدر يشكل مشكلة كبيرة؛ لأنه بدونها لا نعرف الحجم الحقيقي للمشكلة وأسبابها وأبعادها؛ ما يقيدنا في مساعينا لتطوير أساليب ومبادرات معالجة فعالة. وأكدت أنه في ظل تحدي ندرة المياه المطلقة، مصحوباً بمحدودية الأراضي الصالحة للزراعة في المنطقة العربية واعتمادنا على استيراد غالبية طعامنا وما يترتب على ذلك من أثر على الأمن القومي – فإن الحد من فقد الطعام وهدره يجب أن يكون أولوية لدول المنطقة. كما تطرقت إلى الأضرار البيئية على المناخ نتيجة هدر الماء والغذاء.

إلى ذلك، قال الدكتور حازم الناصر، رئيس مجلس إدارة ومؤسس منتدى الشرق الأوسط للمياه “MEWF” إن الدول التي تستورد معظم احتياجاتها الزراعية والغذائية، مع تباين في سياسات الأمن الغذائي والمائي، والتي تفتقر إلى التكاملية ستكون الأكثر تأثراً من حيث تأمين تزويد السلع الزراعية الاستراتيجية والأساسية بأسعار معقولة.

وأضاف أن توجهات الاكتفاء الذاتي لتحقيق الأمن الغذائي قد تكون من الخطورة بمكان من ناحية استمرارية الموارد المائية الشحيحة، وكذلك الكلف الاقتصادية المترتبة على ذلك، مشيراً إلى مبادرات في هذا المجال لدول تقع تحت خط الفقر المائي، متسائلاً: كيف سيكون هذا التوجه في ظل شح المياه والجفاف الذي يضرب منطقتنا.

وشدد الدكتور الناصر على أهمية التكامل العربي والعمل الجماعي لترشيد استهلاك المياه وتأمين الغذاء إضافة الى استخدام أدوات وتقنيات تحقق الأهداف المرجوة، ولا تشكل عبئاً على الدولة والمجتمع، ويجب التركيز على الكفاءة والإنتاجية وزيادة الزراعات الذكية وتشجيع الاستثمارات البينية العربية.

أما أحمد مختار، اقتصادي أول بمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة “الفاو”، فأشار إلى أنه لا يمكن تحقيق الأمن الغذائي إلا مع الأمن المائي، مشيراً إلى أن منظمة الأغذية والزراعة تتوقع أن يؤثر نقص المياه الشديد أو الندرة حالياً على نحو 3.2 مليار من سكان الريف، حيث يعيش سدس سكان العالم في مناطق زراعية تعاني شحاً شديداً في المياه. بالإضافة إلى ذلك، فإن أكثر من 170 مليون هكتار – أي أكثر من 60% من الأراضي الزراعية المروية – معرضة لضغط مائي مرتفع.

وقال مختار إن إدارة الموارد المائية النادرة بشكل جيد ستكون عاملاً حاسماً لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بشكل كامل، مشيراً إلى أن تحسين استدامة استخدام المياه في الزراعة يعني ضمان متطلبات التدفق البيئي للحفاظ على وظائف النظام البيئي. وأضاف أن اتساق السياسات وآليات الحوكمة عبر النطاقات والقطاعات الإدارية يعتبر ضرورة لإدارة موارد المياه بكفاءة واستدامة، مؤكداً الحاجة إلى استراتيجيات متماسكة وشاملة. وبين أن المنطقة العربية تعتمد بشكل كبير على التجارة لتحقيق أمنها الغذائي؛ ما يؤكد الحاجة إلى سلاسل إمداد غذائية فعالة وسلسة.

وفي مداخلة له بالندوة حذر الدكتور إسماعيل عبدالجليل، مدير الأكاديمية العربية للمياه “AWA”، من خطورة هدر المياه والغذاء، وقال إن المنطقة العربية تفتقد العمل المشترك، موضحاً أن إنتاج المنطقة العربية لا يقوم على مزايا، كما أن الجفاف يؤدي دوراً في هذه المشكلة.

وشدد على موضوع التصحر الذي يشكل مشكلة غير ظاهرة لكنها رئيسية ومؤثرة، حيث إن نحو 70% من إجمالي المناطق الزراعية العربية ترضخ تحت مشكلة التصحر، وتحدث عما سماه السيادة الزراعية وهدر الموارد، مؤكداً أنه لا يمكن تحقيق الاكتفاء الغذائي الذاتي دون تكاتف عربي جماعي؛ لأن النظام الغذائي العربي يتسم بالهشاشة والضعف، محذراً من غياب الرؤية الاستراتيجية العربية؛ ما يعمق الأزمة ويعيق التكامل.

من جانبه، أكد الدكتور وديد عريان، كبير مستشاري التنمية المستدامة والتعاون الدولي بجامعة الدول العربية، أهمية التكنولوجيا في مواجهة الفجوة الغذائية، موضحاً أن المشكلة الأساسية تكمن في البنية التحية، وشدد على أهمية وضع استراتيجيات عربية شاملة لتعزيز الأمن الغذائي وزيادة الإنتاج الزراعي بشكل مستدام لضمان الحصول على الغذاء من خلال نظم حماية. وتحدث عن دور تغير المناخ في الأزمة وقدرات الدولة على مواجهة ذلك. وتطرق إلى جهود جامعة الدول العربية ومبادراتها في هذا الخصوص.


تعليقات الموقع