اتجاهات مستقبلية
إنجازات غير مسبوقة حققها كوب 28
شهد مؤتمر الأطراف كوب 28 على مدار أيامه الماضية تحقيق العديد من الإنجازات غير المسبوقة التي سيكون لها، ولا شك، دور كبير في دعم جهود مكافحة تغير المناخ والحد من تداعياته الخطيرة. ولم تتوقف هذه الإنجازات عند مجال معين، وإنما طالت مجالات عديدة، لطالما شكلت تحديات حقيقية ووقفت حجرة عثرة أمام انطلاق تلك الجهود.
وقد تحققت هذه الإنجازات غير المسبوقة في ظل جهود دؤوبة بذلتها رئاسة المؤتمر على مدار عام كامل من أن أجل تهيئة بيئة مناسبة تساعد المؤتمر على معالجة العديد من القضايا المناخية التي ينتظر العالم اتخاذ خطوات وإجراءات حاسمة بشأنها، حيث حرصت رئاسة المؤتمر على التواصل مع مختلف الدول والمنظمات الدولية المعنية في محاولة لتحقيق نوع من التواصل والتفاهم وتقريب وجهات النظر بشأن مختلف القضايا الخلافية.
هذه الإنجازات، التي تحققت جاءت في ظل رؤية شاملة لقضية تغير المناخ، لم تتوقف عند الأسباب التقليدية لتغير المناخ، وإنما تعدتها نحو أسباب أخرى عديدة لم تكن تحظى بالاهتمام الكافي، من بينها النظم الغذائية، ونظم النقل والتجارة وغيرها من أنظمة تسهم، بدرجة أو بأخرى، في تغير المناخ، ومن ثم كان إدراج هذه القضايا في صلب مناقشات المؤتمر مؤشرًا على رغبة رئاسة المؤتمر في تناول قضية تغير المناخ من مختلف جوانبها بحثًا عن حلول عملية ومستدامة لها.
وقد لا يتسع المجال هنا للحديث عن كافة الإنجازات التي حققها مؤتمر كوب28، لكن تبدو قضية التمويل المناخي دليلًا واضحًا على حجم وطبيعة هذه الإنجازات. فقد تمكن المؤتمر في يوم افتتاحه من تخطي عقبة كبيرة كانت محل مفاوضات شاقة طيلة عام كامل منذ اختتام أعمال مؤتمر كوب27 في مدينة شرم الشيخ المصرية. ففي إنجاز تاريخي وفريد من نوعه قرر المؤتمر بالإجماع ومن دون أي عراقيل تفعيل صندوق الخسائر والأضرار الذي يستهدف دعم الدول الضعيفة والصغيرة في مواجهة تغير المناخ. وقد جمع المؤتمر حتى هذه اللحظة 792 مليون دولار.
وقد توالت التعهدات المالية منذ هذه اللحظة حتى بلغت أكثر من 83 مليار كتمويلات مالية تجاه العمل المناخي، وهو ما يشكل إنجازًا تاريخيًا جديدًا يشكل تحولًا لمرحلة جديدة من التعاون الدولي بشأن تغير المناخ، فعقب إعلان الإمارات إطلاق صندوق بقيمة 30 مليار دولار يستهدف سد فجوة التمويل المناخي وتيسير الحصول عليه بتكلفة مناسبة، وتحفيز جمع واستثمار 250 مليار دولار بحلول عام 2030، تتالت الإعلانات التمويلية التي من أبرزها تمويل بقيمة 3.5 مليارات دولار لتجديد أرصدة صندوق المناخ الأخضر، وإعلان البنك الدولي زيادة قدرها 9 مليارات دولار سنويًا خلال عامي 2024 و2025 في تمويل المشروعات المتعلقة بالمناخ، وإعلان بنوك التنمية المتعددة الأطراف الأخرى عن زيادة تراكمية تزيد على 22.6 مليار دولار لصالح العمل المناخي، وغير ذلك من تمويلات أخرى.
ولا يتوقف الأمر على ذلك، حيث شهد المؤتمر إطلاق نحو 11 إعلانًا وتعهدًا طالت مختلف أوجه قضية تغير المناخ، ومن أبرزها تعهُد كوب28 بمضاعفة القدرة الإنتاجية لمصادر الطاقة المتجددة 3 مرات بحلول عام 2030، وهو ما دعمته أكثر من 130 دولة، و”إعلان كوب28 الإمارات بشأن النظم الغذائية والزراعة المستدامة”، الذي دعمته أكثر من 150 دولة، و”إعلان كوب28 الإمارات بشأن الصحة والمناخ”، الذي دعمته أكثر من 135 دولة، وغيرها من إعلانات تستهدف كلها العمل على خفض الانبعاثات، بما يعزز تحقيق الهدف الأهم، وهو منع ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض أكثر من 1.5 درجة مئوية فوق مستويات عصر ما قبل الصناعة.