مؤتمر “الإسلام والأخوة الإنسانية”: وثيقة الأخوة الإنسانية مرجعية عالمية لتعزيز التسامح

الإمارات

أكد مؤتمر “الإسلام والأخوة الإنسانية” أهمية وثيقة الأخوة الإنسانية كمرجعية عالمية لتعزيز التسامح والتعايش بين الأديان والثقافات، ودعا إلى تفعيلها من خلال برامج ومبادرات عملية على مختلف المستويات.

وشدد المؤتمر في البيان الختامي الذي أصدره في ختام أعماله مساء أمس، على أهمية الحوار العلمي بين مختلف الثقافات والحضارات، لتعزيز الأخوة الإنسانية وتحقيق السلام العالمي، وأهمية وثيقة الأخوة الإنسانية في تعزيز التنمية المستدامة والسلام. واعتبر المشاركون في المؤتمر الذي نظمه مركز تريندز للبحوث والاستشارات بالتعاون والشراكة مع وزارة التسامح والتعايش والمنصة الجامعية لدراسة الإسلام “PLURIEL”، على مدى ثلاثة أيام، بحضور ورعاية معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، أنه أسهم في هدم الجدران بين المؤسسات البحثية في العالمين العربي والغربي، من خلال توفير منصة للحوار وتبادل الأفكار حول قضايا مهمة، مثل الأخوة الإنسانية والسلام.

وتناول المؤتمر الذي عقد تزامناً مع الذكرى الخامسة لتوقيع وثيقة الأخوة الإنسانية، واليوم الدولي للأخوة الإنسانية، وبمشاركة 86 متخصصاً وباحثاً من 40 جامعة ومؤسسة بحثية من 4 قارات، مواضيع جوهرية تتعلق بالأخوة الإنسانية، من خلال 12 ندوة بحثية و5 محاضرات تركزت على التحديات الجيوسياسية لوثيقة الأخوة الإنسانية، وإشكالية فهمها، وارتباطها بحقوق الأقليات، والأصول والتداعيات اللاهوتية للأخوة الإنسانية وتجارب وتحليلات في سياقات وطنية مختلفة، والتحديات الحوارية في وثيقة الأخوة الإنسانية.
ودعا المؤتمر في بيانه الختامي، إلى تطوير منهج نقدي وتعددي لتقييم وثيقة الأخوة الإنسانية وتأكيد أهمية السرديات العربية في الدراسات المتعلقة بالأخوة الإنسانية، مشددا على ضرورة تحديد التحديات التي تواجه الأخوة الإنسانية، مثل صعود التيارات المتطرفة، وطالب بنشر الأوراق البحثية المقدمة بالفرنسية والعربية، والإنجليزية ومتابعة العمل على تعزيز مبادئ وثيقة الأخوة الإنسانية على أرض الواقع.
وأشاد الدكتور محمد عبدالله العلي، الرئيس التنفيذي لـ”تريندز للبحوث والاستشارات”، بالجهود التي بذلها المشاركون في المؤتمر، مؤكداً أهمية الاستمرار في العمل على تحقيق رسالته، معربا عن الشكر والتقدير لمعالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، ولكل من قداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، ونيافة الكاردينال ميجيل أيوسو، ومجلس حكماء المسلمين، ولكلّ مَن دعّم المؤتمرَ.
وقال الدكتور العلي: “كما أشرت في افتتاح المؤتمر فإن فعالياته لن تنتهي اليوم، ولكنها ستمتد حتى نشر الأوراق البحثية المقدمة فيه في ثلاثة إصدارات، بالفرنسية في معهد الدراسات الشرقية بفرنسا ومصر، وبالعربية في مركز تريندز، وبالإنجليزية في دار نشر روتليدج”.
وكانت المناقشات قد تواصلت لليوم الثالث على التوالي، وتوقفت عند محاور أولها الأصول والتداعيات اللاهوتية للأخوة الإنسانية حيث قدم عبدالله حامد الأفري، من مركز التراث، بجامعة العلوم والتكنولوجيا في مصر تحليلاً للمصطلحات وإعادة النظر في بعض النصوص الملتبسة، مؤكداً أن النصوص الشرعية أكدت الأخُوّة الإنسانية في الإسلام، فيما اعتبر سمير عربش، عضو الجامعة الكاثوليكية، في مدينة ليل بفرنسا أن النصوص الدينية تشدد على الأخوة الإنسانية، وأشارت ماري دومينيك ميناسيان من جامعة فريبورج، بسويسرا إلى تجربة منطقة تيبحيرين بالجزائر التي تقدم طريقة ومقاربة للعيش المشترك أمام أحلك الظروف وأصعب التحديات.
وشدد ستيفانو لوقا، عضو برنامج الدراسة اللاهوتية بين المقاطعات في البندقية، على أهمية إعادة التفكير في اللاهوت المسيحي والإسلامي في ضوء وثيقة الأخُوّة الإنسانية، فيما تناول رومان لوج، الأستاذ بالجامعة الكاثوليكية، في ليون، بفرنسا في مداخلته قراءة “وثيقة الأخُوّة الإنسانية” في ضوء ما حدث في بداية العلاقة بين المسيحيين والمسلمين.
أما عبدالعزيز راجل، عضو كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالدار البيضاء المغربية فتطرق إلى قصة النبيّ يوسف، عليه السلام، في القرآن الكريم، كمدخل للأخُوّة الإنسانية، بينما قدم إيمانويل بيساني، من معهد الدراسات الشرقية الدومنيكان، مصر وفرنسا، تجربة في الأخُوّة، مشيراً إلى أنه من خلال متابعة حياة كريستيان دي شيرجي وتعاليمه، نحصل على مثال نظري وعملي للأخُوّة المنفتحة بين المسيحيين والمسلمين.
وأشار دومينك أفون، من جامعة السوربون، بباريس إلى أن وثيقة الأخُوّة الإنسانية تبعث على الأمل، فيما أوضح جون جاك بيرينه، من معهد الدومينيكان للدراسات الشرقية، بالقاهرة أن وثيقة الأخوة الإنسانية محاولة للعثور على ما يمكن أن تسهم به الأديان في مسار السلم والأخُوّة الإنسانية. وقال إن الوثيقة ترسّخ وتوسع مدار المقاربة الكاثوليكية للحوار الإسلامي المسيحي.
وفي محور “تجارب وتحليلات في سياقات وطنية مختلفة” بيَّن باترس بوردير، من جامعة مونتريال، بكندا في مداخلة له، المبادرات الرسمية الجديدة للحوار الكاثوليكي الإسلامي في كندا بعد توقيع وثيقة الأخُوّة الإنسانية، والتي تهدف إلى تعزيز الحوار بين المجتمعات الكاثوليكية والمسلمة المحلية في جميع أنحاء كندا، ورصد ونقد وتفكيك التغطية الإعلامية للسلوكيات المتطرفة.
من جانبه شدد إبراهيم جمعة، من جامعة الأزهر على أهمية دور الدين والحوارات بين الأديان في دراسة العلاقات الدولية وصنع السلام.، بينما تطرق خالد المدحاني من النيابة العامة الاتحادية بدولة الإمارات، إلى المنظور الاجتماعي والقانوني لجهود دولة الإمارات في تحقيق مبادئ وثيقة الأخُوّة الإنسانية، مشيراً إلى أنها سعت إلى ترجمة مبادئ وبنود وثيقة الأخُوّة الإنسانية كافة إلى سياسات وقرارات ونصوص تشريعية تعمل على تعزيز التفكير والتغيير في المجالات الاجتماعية والقانونية، وذلك عبر إرساء منظومة قانونية متكاملة وشاملة تكفل حقوق جميع شرائح المجتمع باختلاف معتقداتهم وتزيل الفوارق بينهم.
إلى ذلك استعرضت جانواردي سكورور، من جامعة خيرون الإندونيسية، الحالة الإندونيسية في استقبال وثيقة الأخُوّة الإنسانية من خلال أهم الفاعلين في المشهد التديُّني الإندونيسي، وكذلك تفاعل المجتمع الإندونيسي مع مفهوم الأخُوّة الإنسانية، كما تناول سيدومير نيستوروفيتش، من كلية الإدارة العليا، بفرنسا تجربة سنغافورة مشيراً إلى أنها بلد متعدد الثقافات والأعراق والأديان، وأن أساس الاستقرار السياسي هناك هو الوئام والأخُوّة بين جميع الأديان.
واستعرض أنطونيو كوتشينيلو، من جامعة القلب المقدس، بإيطاليا، وضع الإسلام والمسلمين في المدارس الحكومية الإيطالية في ضوء وثيقة أبوظبي، وذلك من خلال إلقاء الضوء على التنوع الثقافي والديني في المدارس الإيطالية كنموذج التعليم المتعدد الثقافات.
وفي محور “التحديات الحوارية في وثيقة الأخوة الإنسانية”، قال سلفستر أوليفر، من جامعة لوفان، ببلجيكا إن الحوار بين الأديان في إفريقيا، يمثل أساس الاستقرار والتماسك الاجتماعي في العديد من البلدان، خاصة في منطقة الساحل، فيما ذكر ليفيا باسالاكوا، من الجامعة الجريجورية، بروما أن وثيقة الأخوة الإنسانية باتت ضرورة بالنسبة لكل ما يحاول المسيحيون والمسلمون تحقيقه في مجال التعايش المشترك، وشدد أنطوان كوربان، من جامعة القديس يوسف، ببيروت على أن الحوار وتبادل اللقاءات بين الأديان والثقافات في عالمنا المعاصر تعكس التعاطف بين البشر والتنوع، وقال بنيامين لاتوش، من جامعة ليون، بفرنسا إن الحوار بين الأديان هو الوسيلة المثلى نحو الأخُوّة، وركز على دراسة حالة بعثة أو إرسالية “إسمريا “Ismérie، وهي جمعية أسسها الكاثوليك العلمانيون في عام 2020 ومقرها فرنسا، وتتمثل مهمتها في الحوار مع المسلمين، والعمل من أجل معرفة أفضل عن الإسلام.
إلى ذلك أكد وسيم سلمان، من معهد الدراسات العربية والإسلامية، بروما، أن الإمام أحمد الطيب شيخ الأزهر، يتمتع بموقع بارز على الساحة العالمية، وذلك بفضل مواقفه الإنسانية ووثيقة “الأخُوّة الإنسانية”، كما أن البابا فرنسيس يشدد على الروابط العميقة للصداقة التي تجمعه بفضيلة شيخ الأزهر في رسالته عن الأخُوّة والصداقة الاجتماعية”.
وركزت ريتا فرج، من مركز المسبار، على مناقشة حالة يواكيم مبارك، المفكر اللبناني المتخصص في العلوم الإسلامية، الذي شارك في تشكيل لجنة فرعية حول الإسلام بتوجيه من الفاتيكان، وكانت له تعليقات وتعقيبات على وثائق المجمع الفاتيكاني الثاني.
وعلى هامش المؤتمر وقع مركز تريندز للبحوث والاستشارات والمنصة الجامعية لدراسة الإسلام “PLURIEL” اتفاقية تعاون بحثي، تهدف إلى تعزيز التعاون بينهما في مجال الدراسات الاستشرافية والبحوث الوازنة.
وتهدف الاتفاقية إلى تبادل الخبرات والمعلومات والوثائق ذات الصلة، وتنظيم الندوات والمؤتمرات والفعاليات المشتركة، وإصدار البحوث والدراسات المشتركة، وتشجيع تبادل الباحثين والخبراء بين الطرفين، ودعم المشاريع البحثية المشتركة.


تعليقات الموقع