خفض التوتر الهندي – الباكستاني

مقالات
أحمد رشيد: عن "فايننشل تايمز"

انحسر الصراع بين الهند وباكستان، لكن المسائل التي أشعلت نيران النزاع لم تحل بعد. والخوف من انفجار الصراع بين بلدين نوويين كبير. والبلدان في ورطة. وتوجه سهام النقد إلى رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، لعدم معالجة الاضطرابات في كشمير، في وقت يطبق طوق العزلة على باكستان في المنطقة الإقليمية. وهذا برز جلياً إثر إلغاء القمة الخاصة بدول جنوب آسيا التي كان من المفترض أن تستضيفها اسلام آباد في تشرين الثاني. والقمة كانت واعدة في منطقة لها حظ بسيط من التجارة الداخلية أو التعاون الاقتصادي. ولكن الهند رفضت حضور القمة بعد قتل الثوار في كشمير – وهو إقليم مقسم إلى شطرين، واحد في باكستان وآخر في الهند – ثمانية عشر جندياً هندياً في قاعدة عسكرية في كشمير «الهندية». وألقت الهند بلائمة الهجوم هذا على باكستان. وإثر انسحاب الهند، اعتذرت كل من النيبال وأفغانستان وسريلانكا وبنغلاديش عن حضور القمة. وأزعج الباكستانيون أن مقاطعي القمة اتهموا بلادهم بإيواء المسلحين الكشميريين. وتشعر أحزاب المعارضة السياسية الباكستانية ووسائل الإعلام الليبرالية بالقلق من تقويض مكانة بلادهم الدولية. لكن الحكومة والجيش يصران على الانصراف إلى مواجهة الهند والقول إن الصين هي حليف يحول دون عزل باكستان سياسياً. وفي الهند تتعرض حكومة مودي لانتقاد شديد بسبب ترك الاستقطاب الديني والسياسي على غاربه، ورفض مفاوضة الكشميريين الذين يتظاهرون.
ربما يجدر بنا تذكر كيف أمكن تفادي الحرب مع باكستان في 2002 حين تراجعت الهند وسحبت قواتها، إثر تهديد الولايات المتحدة بأنها ستسحب مواطنيها ورجال أعمالها (من الهند) خلال أربع وعشرين ساعة. فلم ترد على باكستان. ونيودلهي تخشى أن يقوض تفاقم التوتر نمو اقتصادها البالغ 7 في المئة على وقع تدفق كبير للاستثمارات الأجنبية.
وباكستان في وضع محفوف بالأخطار على جبهتين: على حدودها الغربية ترابط طالبان أفغانستان. وقياداتها وخطوط إمدادها في باكستان، وهي تتقدم بسرعة كبيرة في السيطرة على أجزاء من الأرض الأفغانية. وفي قبضة طالبان أفغانستان أربع ولايات. ويوجه المجتمع الدولي النقد إلى باكستان لدعمها طالبان وتوفير ملاذات آمنة لها. والجيش الباكستاني يخشى من توغل الهند في أفغانستان ودعم الانفصاليين في بلوشستان، وترك باكستان بين فكّي الكماشة الهندية. وفي 2015، وعدت باكستان بحمل طالبان أفغانستان على المشاركة في مفاوضات السلام مع الحكومة الأفغانية، لكن المحادثات انهارت. والحل السلمي في أفغانستان يصب في مصلحة الجميع، لكن قادة باكستان لم يخلصوا إلى ذلك بَعد. وعلى جبهتها الشرقية في البنجاب، تؤوي باكستان كثيراً من الجماعات المسلحة التي تستهدف الهند. فمنذ 2003، وعدت باكستان بلجم الجماعات المسلحة، فانخفض عدد العمليات المسلحة. لكن عدداً من الجماعات ينتهك الحدود ويتسلل لشن هجمات. وعلى خلاف ما تقول الهند، لا تقف باكستان وراء هذه العمليات.
وتمس الحاجة إلى حل كثير من المسائل بين الدولتين الجارتين، لكن الخلاف الأساسي بينهما هو كشمير. وفي هذه المسألة، يتعذر التفاهم. وترى إسلام آباد إن كشمير هي قضية عقائدية – وتندرج هذه القضية في سياق نظرية الأمتين التي تقضي بتقسيم الهند بين المسلمين والهندوس. وعليه، ترى باكستان أن الخلاف في كشمير ذات الغالبية المسلمة يتحدر من أيام تقسيم شبه القارة الهندية في 1947، وأن الحل يقضي بضم الإقليم إلى باكستان كي تستكمل ما تستحقه من أراض وتكتمل أمتها. وفي الهند قضية كشمير هي كذلك قضية عقائدية، مع أنها أولاً قضية أرض وحدود. ويشعر هنود كثر أن بلادهم تجزأت بسبب التقسيم وهم لا يرغبون في خسارة أجزاء جديدة منها. لذا، ترفض الهند التنازل عن أي جزء من أرضها لعدوها ولن تعطي الحكم الذاتي أو الاستقلال للكشميريين أنفسهم.
والإرهاب هو وراء خطر الحرب بين الهند وباكستان. وعلى إسلام آباد قمع جميع المسلحين، وليس المحليين منهم الذين يقاتلون الجيش وباكستان. وعلى الهند أن ترد إيجابياً على أي خطوة باكستانية والانخراط بالمحادثات مع الكشميريين. وهذه أول حكومة هندية ترفض الحوار مع الكشميريين. ولو رأى الكشميريون بصيص أمل لتوقفت الانتفاضة – على رغم أن التنازلات بعيدة المنال – وتدنى التوتر بين الهند وباكستان. وإهماد التوتر ونزع فتيل الانفجار في كشمير قد يساهمان في حل القضايا الأخرى من طريق انتهاج سياسة التسامح كبديل عن سياسة العنف والتهديد.إعداد “الحياة”


تعليقات الموقع