أوروبا تقطع نصف الطريق أمام بنوك ذات أنظمة آمنة

مقالات
خاص بالوطن عن "بلومبرج" الإخبارية فرديناندو جيوجليانو

اعلن الينك المركزي الاوروبي والمفوضية الأوروبية عن حزمة من القواعد الجديدة المزمع أن تتبعها البنوك للتعامل مع ومواجهة القروض المتعثرة لها وتكمن الأخبار الجيدة في هذا الموضوع في أن التغييرات المذكورة من شانها ان تساعد البنوك الأوروبية على تقديم خدمات أكثرمرونة وتكيفاً مع الأوضاع، أما عن الأخبار السيئة فتتلخص في ان النظام المصرفي لمنطقة اليورو سيظل غير كافياً للتعامل ومواجهة الأزمات الجديدة.
ولا تزال البنوك الأوروبية تعاني من آثار الأزمة المالية والركود الذي أعقبها. وعلى عكس من منافسيهم الأمريكيين ، اختار العديد من المقرضين الأوروبيين عدم تسجيل قروضهم المتعثرة بشكل كافٍ كون ذلك يتطلب زيادة في كميات رأس المال الجديد في الوقت الذي اتخذت فيه البنوك الأمريكية طريقاً مختلفاً: حيث قامت هذه البنوك بمعالجة كافة مشاكلهم بشكل مباشر اعتماداً على برنامج تخفيف الأصول المتعثرة حيث أنفقت الحكومة أكثر من 400 مليار دولار من أجل استقرار النظام المالي.
إلا أن عواقب التأجيل الأوروبي لا تزال واضحة: فحتى الآن ، ومنذ ذلك الحين، استمر اقتصاد منطقة اليورو في المرور بمرحلة التعافي حيث بلغت هذه الكومة نحو 760 مليار يورو للبنوك الكبيرة في الاتحاد وقد ظهرت تلك التأثيرات جلياً على كل من قبرص واليونان وإيطاليا والبرتغال.
وأصبحت القروض المتعثرة تعد بمثابة ازمة ضخمة لكل من البنوك والاقتصاد، فلا يزال المديريون يبحثون عن خطوط أعمال جديدة ومربحة للحصول على رأسمال البنك المطلوب، مما يحد من قدرة المقرضين على تقديم ائتمان جديد لشركات أخرى ما قد يكون له تأثير سلبي على الاقتصاد الأوروبي وبحسب عدة أبحاث أجرتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ، اتضح أن سوء تخصيص الائتمان يمثل أحد الأسباب الرئيسية لتباطؤ نمو الإنتاجية في بعض بلدان منطقة اليورو وعلى رأسها إيطاليا.
وتحتم القواعد الجديدة للمفوضية الأوروبية على المقرضين العدول عن الاعتماد على الأموال مع مرور الوقت بغية تغطية ما يصل إلى 100 % من قيمة القروض المعدومة المذكورة. وبمقتضى هذا المبدأ ، الذي يطلق عليه “مخصصات التقويم” ، سيكون امام البنوك ثمانية اعوام فقط لتغطية كامل القرض المضمون ، وعامين فقط للحصول على قروض غير مضمونة. وبالتالي لا تزال الفرصة سانحة أمام هذه البنوك: في معظم الحالات وهذا يكفي لفهم ما إذا كان الدائن قادراً على سداد الدين. ومن المزمع أن تنطبق هذه القواعد على جميع البنوك وفقط على القروض الجديدة ، مما يسمح بالمرور خلال أكثر من مرحلة خلال فترة كافية.
ومن المقرر أن تستغرق خطط اللجنة ، التي لا تزال بحاجة لمناقشتها مع البرلمان الأوروبي والمجلس الأوروبي (الهيئة التي تمثل حكومات الدول الأعضاء), بعض الوقت قبل أن تصبح سارية المفعول. وفي الوقت ذاته ، سيتمكن البنك المركزي الأوروبي من تطبيق كافة توجيهاته الجديدة (التي تم الإعلان عنها أيضًا في الوقت ذاته) باعتبارها حزمة قواعد أكثر صرامة من قواعد اللجنة كونها قابلة للتطبيق على أي قروض مصنفة على أنها غير منفذة اعتبارًا من 1 أبريل وقد تمنح البنوك سبع أعوام لتوفير الائتمان المضمون ، بدلا من ثمانية. أعوام ومع ذلك ، لا تزال كل تلك توقعات بحتة ولا تدخل ضمن القواعد المٌلزمة. فحتى الأن، يحتفظ البنك المركزي الأوروبي بالحق في حرية تقدير واستخدام هذه الأدوات الجديدة بشكل أساسي وخاصة حالة البنوك التي لا تزال تعاني من أزمات.
إن قرار منطقة اليورو بالإبقاء على المخزون الحالي من القروض المعدومة أمر مفهوم إلى حد ما: فطلب البنوك من قروضها المتعثرة الحالية قد يؤدي مباشرة إلى سلسلة من الزيادات في رأس المال ما يتسبب في ايجاد المستثمرين صعوبة في تلبية جميع هذه المطالب على الأسهم الجديدة ، مما يجبر العديد من المقرضين على التصفية غير المبررة.
ومع ذلك ، لا ينبغي على البنك المركزي الأوروبي أن يكتفي بالوضع الراهن حيث ينبغي على المشرفين أن يطلبوا من البنوك أن تكون أكثر مصداقية حول قيمة قروضهم نتيجة التكهن بأن تؤدي هذه المطالب إلى إضعاف البنوك شريطة أن يتم التعامل مع هذه الإخفاقات بطريقة منظمة. من جانبه، أشار سابين لاوتشيلاجر ، وهي عضو في المجلس التنفيذي للبنك المركزي الأوروبي ، في خطاب ألقاه في مدرسة فلورنسا المصرفية والمالية إلى ان مهمة المشرفين لا تتمثل في إبقاء البنوك الفردية عاملة بنظام ثابت دون مواجهة أية أزمات.
فقد باتت منطقة اليورو بحاجة أيضًا إلى ما لا تستطيع أن تحققه تمامًا في الوقت الحالي: ضمان مشترك على الودائع. ويلزم أن يضع المودعون في اعتبارهم أن حساباتهم الجارية (التي تصل إلى 100000 يورو – المبلغ المحمي حاليًا في جميع دول الاتحاد الأوروبي) تتمتع بضمانات أوروبية ، بغض النظر عن حدة الأزمة المصرفية التي تشهدها بلدانهم.
تتصدر ألمانيا حاليًا معارضة تأمين الودائع بسبب المخاوف من أن دافعي الضرائب يمكن أن يكونوا على وشك اتخاذ قرارات إقراض أقل حذراً خاصة لدى الجانب الإيطالي أو الإسباني. غير أن هذه هي الطريقة الخاطئة فقد تأثرت البنوك الألمانية بشدة جراء الأزمة على اثر سلسلة من قرارات الإقراض والاستثمار السيئة.
إن المفوضية والبنك المركزي الأوروبي على حق في مطالبة البنوك بأن تكون أكثر حصافة في إقراضها. لكن وحيال الاستعداد الكامل للأزمات المستقبلية ، لن تكون الإجراءات الجديدة كافية.


تعليقات الموقع