كيف يهنئ من يقدم نفسه أنه "مقاوم".. المحتل على جريمته؟

إرهابي يهنئ المحتل..

مقالات
سمير اصطفان: كاتب سوري

إرهابي يهنئ المحتل..

ليس غريباً أن يخرج كل هذا القيئ من داخل المنتمين لجماعة “الإخوان المسلمين” الإرهابية بين حين وآخر، فهم جماعة أثبتت منذ تاريخ تأسيسها المشؤوم أنها لا تعترف بمفهوم الأوطان ولا تقيم وزناً لها، بل دائماً الولاءات تكون لمن يجيد المتاجرة أكثر وخداع المغرر بهم واللعب على عواطفهم عبر استغلال ضيق أفقهم وقلة وعيهم وعدم إدراكهم لخطورة هذه التنظيمات والجماعات الإرهابية التي لم تتوقف عن التعبير عن حقيقة “أدبياتها” الكارثية المدمرة إن صح الوصف، وأنها ليست حجر عثرة فقط، بل صخرة تعيق نمو كل مجتمع تتواجد فيه بشكل طبيعي.
منذ سنوات تشكلت “حماس” خنجر غدر في ظهر الأمة وقراراتها وإرادة شعوبها، وأداة طيعة لحساب كل من يتربص بها ويريد لها الشر، وكانت تعبر عن الولاء وتسارع لتقديم الخدمات الإجرامية عندما تجد الفرصة مناسبة، ولاشك أن الغزل والولاء المطلق لكل من يجيد المتاجرة كان القاعدة الثابتة، ومنذ انطلاق ما يعرف باسم “الربيع العربي”، رمت الحركة الظلامية جميع أقنعتها جانباً وكشفت عن وجهها القبيح وأجندتها السامة دون خجل، لأنها اعتقدت أن الوهم والأحداث العاصفة في عدد من الدول العربية هي فرصتها التي طال انتظارها، وبناء عليه أرسلت مرتزقتها الذين تسميهم زوراً “مقاومين” وهم في حقيقة الأمر جلاوزة وسجانين لأكثر من مليوني فلسطيني في غزة وهي السجن المفتوح الأكبر في العالم، وما قامت به في العام 2007 بالقطاع، أعادته بطريقة أكثر وحشية منذ العام 2011 في دول عربية ثانية، وجدت نفسها في غمرة التطورات وقد باتت تستقطب القتلة والمجرمين، ورأينا هجوم “حماس” على السجون في مصر وتهريب المجرمين والقتلة، وحفرها للأنفاق في مناطق ثانية منذ أن كانت شغلها الشاغل بالقطاع للتهريب والإثراء على حساب لقمة عيش المنكوبين.
دون أي وزارع أخلاقي أطل “الإخواني” خالد مشعل المقيم في ضيافة نظام الحمدين أحد كبار مملولي الإرهاب في العالم والذي حول بلده إلى فندق للمطلوبين وبنكاً لتمويل الإرهاب، ليهنئ أردوغان على احتلاله مناطق من شمال سوريا، معتبراً الجريمة “فتحاً عظيماً”، ومكيلاً من المديح الزائف والنفاق والتزلف الكثير لأردوغان وتركيا.
كيف يمكن أن يصدق أو يقتنع أبسط عقل في العالم، أن من يقدم نفسه على أنه مقاوم يعتبر الاحتلال عملاً بطولياً ويقدم التبريكات عليه؟!، وكيف بمن يعتبر نفسه فلسطينياً وعربياً ومسلماً ولا يرى في الأمة إلا تركيا من جهة وإيران من الثانية؟ ومشعل الذي لا يمت لاسمه بصلة على ما يبدو لو زار طهران فسيكرر ذات المصطلحات مع تغيير الأسماء فقط ،عن أي أمة يتكلم هذا الشخص وهو لا يرى قيادتها إلا بين “مرشد” و” ولي فقيه”! ما هو الفعل البطولي الذي دفعه ليتقدم بالتبريكات لأردوغان ، تهجير قرابة نصف مليون مدني؟ سرقة الممتلكات؟ ارتكاب المجازر؟ لماذا يكاد يطلق “الزغاريد” على جرائم ارتكبت من قبل نظام توسعي عدواني يتدخل في شؤون الجوار وجعل بلده جسراً لجميع إرهابيي الأرض ويقاتل بمليشيات ثانية ظهر وجهها الحقيقي.
جميع هذه المواقف ليست غريبة على الفئات التي حاولت تقديم نفسها كقيادات للشعب الفلسطيني، لكن كل ما قامت به هو زيادة معاناته وزجه بين حين وآخر في محارق موت، في حين سارعت للاختباء والفرار، أو العمل على إحداث شرخ كبير في نسيج الشعب الفلسطيني وعرقلة قيام الحكومة الشرعية بمهامها والاستئثار بالقرار في قطاع غزة ورهنه لأنظمة معروفة النوايا والتوجهات، وهذا جميعه يعيدنا إلى نقطة البداية ويؤكدها، وهي أنها لا تعترف بأوطان وولاءاتها العابرة للحدود لمن يتماهى معها ويجد فيها أداة طيعة يتبادل معها المصالح الضيقة.
هذا الابتلاء بجماعات لا تجيد إلا أن تقتات على الشعارات وتحاول أن تجعل منها غطاء لأجندتها السامة بكل ما فيها، وتمكنت من نخر أجساد دول عبر التوغل فيها بعد أن وجدت فيها تربة لأفكارها والعمل على شراء ولاءات المغرر بهم أو الذين يعانون ظروفاً صعبة سواء اقتصادية أو ثقافية وما شابه، في حين أنها اصطدمت بحصون صلبة فشلت معها في الدخول إلى دول ثانية كان الوعي والتقدم المبني على عقول نيرة وواعية ومنفتحة بالمرصاد لجميع محاولاتها.
منذ تأسيس جماعة الإخوان عملت على النشاط والتوغل في صفوف الأوساط الشعبية بأساليب كثيرة منها نشر الجمعيات والأندية والمراكز التي يكون عنوانها ثقافياً أو دينياً ليسهل عليها الاستقطاب واصطياد أكبر عدد ممكن، وخاصة النشء، لتغرس بذورها السامة مبكراً وتحول من يقع في شباكها إلى أداة لينة لمآربها، ومن هنا ليس غريباً أنه منذ عقود كانت الجماعة تحاول زرع المتورطين فيها في المدارس والدوائر التربوية والجامعات وغيرها، وبعد أن أخرجت وجهها القبيح إلى العلن في فترات لاحقة وعبرت بوقاحة عن مآربها، كانت النتائج المأساوية على الصعد كافة، ورأينا الأحداث في مصر منذ الستينيات وسوريا لاحقاً وتلتها السودان والجزائر وغيرها كثير، كيف أنها جماعة إقصائية لا تعترف بحياة الآخر الذي لا يقدم لها الولاء ، ولا تقيم وزناً لقيم ولا للخلاف ولا تقبل بأي تعدد، ومن هنا باتت الجماعة إياها المفرخة الأولى للإرهاب، وباتت جميع التنظيمات اللاحقة لا تختلف عنها إلا بالاسم لكنها تستخدم نفس الأساليب وتقوم على نفس القناعات البالية التي تسارع لتكفير الآخر المختلف معها، وبالتالي تبرر لنفسها استهداف الآخر وقتله واستباحته بحجة “الكفر”! خاصة أن الكثير من قادة التنظيمات الإرهابية اليوم مثل “داعش” و”النصرة” وغيرها، هم في الأصل من جماعة “الإخوان”.
خلال عام واحد لا أسف عليه، يوم سرقت الجماعة الإرهابية في خلسة من الزمن السلطة في مصر، لم تقدم خلال ذلك العام إلا كل ما ينذر بالخراب والموت والدمار والجاهلية التي أكلت عقول المتورطين فيها، وظهرت تباعاً نواياها القميئة من تآمر على مصر ذاتها والأمة والولاءات المشبوهة والانخراط في الأجندات المدمرة.
ما نراه من جماعة “الإخوان” الإرهابية، نتاج فكر ظلامي منغلق يحتاج تضافر جميع الجهود لاجتثاث هذا الوباء الذي يستهدف انفتاح الشعوب وحرصها على أمنها وسلامتها واستقرارها وتعدديتها، ما نراه نموذج لجماعات تحاول السير عكس عجلة التاريخ، سهلة الانقياد.. سريعة الولاءات.. تغير جلودها كالحرباء.. تقتل تذبح تستبيح تغدر تخون.. لا تعرف غالٍ، لأنها لم تعرف يوماً المعنى الحقيقي لـ”الوطن”.


تعليقات الموقع