دليل جديد على رؤية السياسيين الهنود

مقالات
خاص بالوطن عن "بلومبيرج" الإخباريةميهير شارما

 

رغبة شركة “وول مارت” في شراء شركة “فليبكارت غروب”، أكبر شركة للتجارة الإلكترونية في الهند، بقيمة ?? مليار دولار، تعد خطوة إستراتيجية رائعة تم التخطيط لها في الخفاء منذ فترة طويلة. حيث من شأن ذلك أن يسمح لشركة وول مارت العملاقة لتجارة التجزئة في الولايات المتحدة بإدارة عملياتها بصورة مباشرة ومستقلة، والحقيقة هي أن هذه الصفقة تمثل ثاني أفضل مكسب بالنسبة لوول مارت وكذلك للمستهلكين والمزارعين الهنود. حيث عملت وول مرت في الهند لمدة إحدى عشر عامًا ولكنها فشلت بشكل واضح في بناء شركة مستقلة هناك. لم يكن هذا الأمر في الواقع هو خطأ الشركة بالكامل. فالهند رغمًا عن أي تطور اقتصادي ستظل غير صالحة للأعمال التجارية الأجنبية مثل جمهورية الصين الشعبية. يظهر هذا الأمر في رفض الحكومات الهندية المتعاقبة لأكثر من عقد من الزمان للسماح لشركات البيع بالتجزئة مثل وول مارت وكارفور بفتح متاجرها الخاصة في الهند. يمكن فقط للمستثمرين الأجانب الدخول في شراكة مع تجار التجزئة المحليين، وهو ما حدث مع شركة وول مارت وشركة باهرتي انتربرس المحدودة لكن ذلك لم يكن ليسمح لها بالتحكم في الأعمال المتعلقة بالمستهلكين. كما كانت سلاسل التوريد الخاصة بها تخضع إلى لوائح إضافية مخيفة، وعندما تم السماح أخيرا بالاستثمار الأجنبي في المتاجر الكبرى في عام 2012 كانت الحكومة السابقة تفرض على أي منافذ رئيسية مدعومة من الخارج شراء 30 في المائة من السلع المصنعة من شركات هندية صغيرة تبلغ قيمتها أقل من مليون دولار. كما منعت الحكومة بعض الشركات مثل وول مارت من التوسع بداخل الدولة وتقييدها في المدن التي يزيد عدد سكانها على مليون نسمة.
لم يكن من قبيل المصادفة أن تعلن وول مارت عن صفقتها مع فليبكارت الآن. حيث كانت شراكتها مع شركة بهارتي سيئة خلال السنوات الماضية، وفي شهر يناير الماضي بدا أن إمكانية امتلاكها لشركة خاصة في الهند قد أغلق تمامًا في نهاية المطاف، بعد أن سهلت الحكومة كثيرًا من ضوابط التجارة لبعض تجار التجزئة الفردية مثل مجموعة إيكيا لفتح متاجرها الخاصة في الهند ولكنهم تركوا القيود المفروضة على متاجر التجزئة متعددة العلامات التجارية دون مساس. حتى الإدارة الهندية المؤيدة للاستثمار نسبيا بقيادة رئيس الوزراء نارندرا مودي تبدوا خائفة من وول مارت، ربما لأن أقوى دعم سياسي لحزب مودي كان دائما يأتي من أصحاب المتاجر الصغيرة. من الواضح كذلك أن الشركة كانت بحاجة إلى استراتيجية أخرى. حيث كان من الصعب على وول مارت فتح نشاط تجاري إلكتروني خاص بها أيضًا، نظرًا لأن الهند لا تسمح بالاستثمار الأجنبي في تجارة التجزئة عبر الإنترنت. شركة أمازون إنديا لا يمكنها أيضًا الاحتفاظ بأي من أسهمها الخاصة، ولا يستطيع الهنود الشراء مباشرة من موقع أمازون. بدلاً من ذلك تعمل أمازون في الهند مثل إي باي حيث تعمل كمركز لتبادل البضائع الخاصة بين الأشخاص الآخرين وممنوع عليها الاحتفاظ ببضاعتها الأخرى. للأسف قطاع التجارة الإلكترونية الهندي، بفضل سياسات الحكومة التقييدية السخيفة، مختلف تماما عن أي مكان آخر، والمستهلك الهندي يتوقع خدمات مختلفة كذلك حيث يشك الهنود في خدمات البريد السريع ويطالبون باستلام السلعة التي يشترونها قبل صرف أموالهم التي حصلوا عليها بشق الأنفس. فحتى بعد أن سحب مودي معظم أموال الهند في نوفمبر 2016، ما زال ثلثا الهنود يستخدمون طريقة الدفع بالنقد، ووفقاً لما ذكره نيلسن فإن 83 في المائة من الهنود و90 في المائة في البلدات الصغيرة يفضلون النقد كوسيلة للدفع. لكن هذا الأمر له تأثير مضاعف على المتطلبات اللوجستية والربحية ورأس المال.


تعليقات الموقع