عودة المنقبين المستقلين إلى مناجم الياقوت في بورما

دولي

 

قبل بضعة أشهر، كانت بورما تمنع التنقيب في مناجم الياقوت الكبيرة… لكن مذاك، عاد آلاف العمال المستقلين إلى وادي موغوك في وسط البلاد حيث يحفرون الأرض أملا في العثور على الحجر الذي سيغير حياتهم.
وتقاتل الملوك على مدى قرون للسيطرة على هذه المنطقة النائية في شمال ماندالاي.
وكتب الروائي جوزف كيسل في كتابه “وادي الياقوت” في الخمسينات “هناك، في عمق الأزمنة، وعلى طول السواقي، في باطن الصخر، على سفح الجبال، تقبع حبات الياقوت النفيسة مغلفة بثوب من المعدن الصلب”.
هذا الوادي الشبيه بسطح القمر بفعل كثرة المناجم المنتشرة في أراضيه، يضم الياقوت المسمى “دم الحمام” وهو من الأحجار الكريمة الأكثر ندرة والأغلى ثمنا في العالم. وفي 2016، بيعت إحدى هذه الجواهر واسمها “سانرايز” مقابل أكثر من 30 مليون دولار.
وعلى مدى سنوات، استغلت المناجم شركات خاصة كبرى بالتعاون مع شركة “ميانمار جيمز إنتربرايز” العامة المسؤولة عن منح تراخيص التنقيب.
وكانت هذه الشركات تحفر قطع أرض كبيرة وصولا إلى عمق مئات الأمتار ما يلحق أضرارا بيئية كبيرة.
وللجم هذا التنقيب المتفلت من أي ضوابط، جمدت الحكومة البورمية منح تراخيص جديدة للتنقيب عن المناجم في 2016. ويتعين على الشركات حاليا التزام تشريعات بيئية أكثر صرامة بغية الحصول على الحق في التنقيب.
وفي يناير الماضي، أرغمت السلطات الشركات على الكف عن التنقيب في مساحات تفوق هكتارين لمدة ثلاث سنوات كحد أقصى.
ونتيجة لذلك، أغلقت كبرى مناجم الياقوت كما أن المواقع لم تعد خاضعة للمراقبة، ما فتح الباب أمام عودة منقبين مستقلين كثر في المنطقة.
ويحفر هؤلاء بلا هوادة على عمق ثلاثين مترا. كما أن الأنفاق الضيقة التي بالكاد تتسع للمنقبين الذين يزحفون في الداخل، ترتكز فقط على بعض الخيزران.
العمل في هذه المناجم محفوف بالأخطار وإجراءات السلامة في الحدود الدنيا فيما حوادث انهيار التربة كثيرة وتزداد خطورتها مع انطلاق موسم الأمطار في البلاد.
غير أن الأرباح ليست مضمونة البتة.
ويقول عامل منجمي طالبا عدم كشف اسمه “لقد أنفقنا حوالى 600 ألف كيات “390 دولارا” لشراء بعض الآلات والوقود”.
ولم يعثر فريقه المؤلف من خمسة أشخاص سوى على حجر واحد خلال شهر بيع مقابل أقل من 70 دولارا. ويقول “لا ننجح في الحفر إلى العمق الكافي”.
وقد شهد قطاع التنقيب عن الياقوت طفرة كبيرة في منتصف التسعينات حين سمح المجلس العسكري الحاكم حينها بإقامة شركات خاصة تملك وسائل تنقيب عصرية أكثر.
وفي خطوة تندرج في سياق تأييد إقامة حكومة مدنية بقيادة أونغ سان سو تشي، رفع الرئيس الأميركي حينها باراك أوباما في تشرين الأول/أكتوبر 2016 آخر العوائق التي وضعت في 2003 والتي كانت تمنع استيراد الأحجار الكريمة في الولايات المتحدة.غير أن القطاع يبقى غامضا للغاية.
ويقول بول دونوفيتز من منظمة “غلوبل ويتنس” البريطانية غير الحكومية إن هذا القطاع يسوده “الفساد” وهو “على صلة وثيقة بشخصيات قريبة من العسكريين والمجموعات المسلحة” المتمردة التي تخوض حربا ضد الدولة المركزية في المناطق الحدودية في البلاد.
وحتى منذ رفع الحظر الأميركي، لا تزال القطع الأثمن تخرج عن مسارات التجارة الرسمية وتهرب خلسة نحو تايلاند أو الصين لبيعها مباشرة إلى جهات خاصة وتحويلها إلى حلي.
أما بقية الإنتاج فيصل إلى سوق موغوك حيث يرقب الوسطاء والباعة أكوام الأحجار الكريمة بالاستعانة بمصابيح صغيرة وعدسات مكبّرة.ا.ف.ب


تعليقات الموقع