حدث استثنائي لدولة استثنائية

مقالات
مقال تحليلي بقلم : محمد جلال الريسي مدير عام وكالة انباء

عندما اختارت دولة الإمارات الاحتفال بذكرى مرور 50 عاما على تأسيسها، قررت أن يكون الحدث استثنائياً من على سطح الكوكب الأحمر ل”تصل بالعرب لأبعد نقطة في الكون” كما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله” .

اللحظة التاريخية لدخول مسبار الأمل إلى مدار كوكب المريخ، ليست مجرد رحلة علمية متفردة فحسب، بل هي رسالة إلى العالم مفادها أن سقف الطموحات لاحدود له لدى أبناء الإمارات، وأن حلم الأجيال السابقة بات واقعاً ملموساً .

صحيح أن وجود دولة الإمارات في هذا المحفل الصغير للغاية، والذي يضم 5 دول فقط نجحت في الوصول الى المريخ، يمثّل تطلعات وطموحات قيادتها وأبنائها، لكنه يخدم أيضاً البشرية بشكل عام والمجتمع العلمي بشكل خاص من خلال قرار إتاحة البيانات التي سيجمعها المسبار لأغراض البحث العلمي للجميع ودون استثناء، وليسهم في إحداث تحولات جذرية في تطوير قدرات دولة الإمارات والعالم العربي في مجال البنى التحتية الهندسية والصناعية والعلمية والبحثية وتحقيق آمال مئات الملايين من العرب والمسلمين بأن يكون لهم حضور علمي وبحثي مشرّف في مجال استكشاف الفضاء .

إن مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ واحد من أكبر التحديات وأكثر المبادرات جرأةً وإبداعاً في سعي الإنسانية لسبر أغوار الفضاء. هذا المشروع الاستثنائي بدأ كفكرة قبل سبع سنوات، من خلال خلوة وزارية استثنائية دعا لها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في صير بني ياس في أواخر العام 2013، حيث قاد سموه عصفاً ذهنياً مع أعضاء المجلس استعرض فيه جملة أفكار استعداداً للاحتفال باليوبيل الذهبي لقيام الاتحاد في العام 2021، وقد تبنت الخلوة يومها فكرة إرسال مهمة لاستكشاف المريخ، كمشروع جريء وطموح يسجل بصمة استثنائية في تاريخ الحضارة الإنسانية. وعلى الإثر، أصدر صاحب السموّ الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في العام 2014 مرسوماً بتأسيس وكالة الإمارات للفضاء لبدء العمل على المشروع وليشكل هذا الإعلان التاريخي منعطفاً تنموياً وعلميا في مسيرة الإمارات.

اللافت والمفرح أنه ومنذ اليوم الأول للمشروع كان التوجيه بأن يتم تصنيع المسبار وعدم شرائه “جاهزاً” ليتحول التحدي إلى فرصة لإلهام جيل من العلماء وإحداث نقلة نوعية والمساهمة في بناء العقول وإرساء الأسس لاقتصادٍ مبنيٍ على المعرفة عبر دخول الدولة قطاع تكنولوجيا الفضاء، وجعله رافعة أساسية في اقتصادها الوطني، بموازاة العمل على بناء رأسمال إماراتي بشري في مجال علوم الفضاء، وتخصيص الموارد اللازمة للاستثمار في هذا المجال.

القطعة الأخيرة التي تم تركيبها في المسبار والتي تشكل الجزء الخارجي منه، تحمل عبارة “قوة الأمل تختصر المسافة بين الأرض والسماء”، وفي يوم الوصول يتحقق هذا “الأمل” ومعه شعار “الإمارات تقول، وتحقق ماتقول”.


تعليقات الموقع