الجماعات الإرهابية تحاول زيادة تمركزها في القارة الإفريقية

أفريقيا جنوب الصحراء: هل تكون الملاذ الجديد للإرهاب؟!

الرئيسية مقالات
مركز تريندز للبحوث والاستشارات

اتجاهات مستقبلية

أفريقيا جنوب الصحراء: هل تكون الملاذ الجديد للإرهاب؟!

مع إطلالة العام الجديد، وبينما تسود العالم حالة من التفاؤل بإمكانية الخروج من أزمات صعبة واجهها طيلة عام 2020، أبت جماعات التطرف والإرهاب إلا أن تعكر صفو هذه الحالة، وأن تُذكر العالم أنها ما تزال تشكل تحدياً صعباً رغم ما تعرضت له من ضربات قاسية ومتتالية في مناطق ودول عديدة، حيث تعرضت دولتا مالي والنيجر اللتان تقعان في منطقة الساحل الأفريقي إلى ضربات من جماعات إرهابية بدأت تنشط في هذه المنطقة، ولا سيما جماعة نصرة الإسلام التابعة لتنظيم القاعدة التي أعلنت مسؤوليتها عن قتل جنود فرنسيين يعملون ضمن قوة برخان المتمركزة في مالي لمواجهة الجماعات الإرهابية والمتطرفة، كما قُتل أيضاً نحو 70 مدنياً في هجمات شنتها جماعات متطرفة يُعتقد أنها تنتمي إلى تنظيم “داعش”، على قريتين في النيجر قرب المنطقة الحدودية مع مالي.
وتأتي هذه العمليات في إطار سعي هذه الجماعات لترسيخ وجودها وتوسيع نفوذها في هذه المنطقة، لا سيما في ظل وجود مؤشرات عديدة على اتجاه تنظمي “داعش” و”القاعدة” إلى تحويل مركز ثقلهما من منطقة الشرق الأوسط إلى منطقة أفريقيا جنوب الصحراء بعد الضربات الشديدة التي تعرض لها التنظيمين، والتي تسببت في إنهاكهما بشدة ودفعتهما إلى البحث عن ملاذات آمنة جديدة تتيح لهما بيئات أفضل للعمل.
ومن ضمن هذه المؤشرات تنامي الأعمال الإرهابية في منطقة الساحل التي تشمل خمس دول هي موريتانيا، ومالي، والنيجر، وتشاد، وبوركينا فاسو، خصوصاً، وفي منطقة أفريقيا جنوب الصحراء عموماً. فبحسب مؤشر الإرهاب العالمي (GTI) 2020، شهدت منطقة الساحل الأفريقي خلال عام 2019، زيادة في أعمال القتل الناتجة عن العمليات الإرهابية بنسبة 67% مقارنة بعام 2018. كما أن سبعًا من الدول العشر التي سجلت أكبر زيادة في حوادث الإرهاب في هذا العام تقع في إفريقيا جنوب الصحراء، وهي: بوركينا فاسو، وموزمبيق، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، ومالي، والنيجر، والكاميرون، وإثيوبيا.
وقد تسبب ثلاث جماعات إرهابية في زيادة عدد القتلى في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء وهي “الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى” (ISGS)، وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين (JNIM) التابعة لتنظيم القاعدة، وجماعة أنصار الإسلام – فرع بوركينا فاسو؛ إذ يشير “مؤشر الإرهاب العالمي 2020” إلى أن زيادة نشاط تنظيم “داعش” في أفريقيا جنوب الصحراء يعد العامل الأساسي لزيادة الإرهاب في تلك المنطقة، حيث نفذ التنظيم 41% من إجمالي هجماته خلال عام 2019 في هذه المنطقة الأمر الذي تسبب في وقوع 982 حالة قتل. كما شهدت بوركينا فاسو أكبر زيادة في الوفيات الناتجة عن عمليات الإرهاب، إذ ارتفع عدد هذه الوفيات من 86 وفاة إلى 593 وفاة بزيادة نسبتها 590%.
ولا شك أن نجاح تنظيم “داعش” و”القاعدة” في نقل مراكز ثقلهما إلى القارة الإفريقية عموماً، أو منطقة أفريقيا جنوب الصحراء خصوصاً، سيمثل تحدياً صعباً، خاصة وأن هذين التنظيمين سيجدان هناك بيئة خصبة تساعدهما على نشر أفكارهما وترسيخ وجودهما وتعزيز نفوذهما، لتتشكل من جديد مشاريع إرهابية جديدة سيحاول من خلالها التنظيمان أن يعودا إلى مراكز ثقلهما الأصلية لنشر الفوضى والإرهاب فيها مرة أخرى. ورغم أنه قد لا توجد حلول سهلة لمواجهة هذا التحدي الصعب، فإن الأمر يقتضي تضافر جهود المجتمع الدولي لتقديم الدعم اللازم لدول أفريقيا جنوب الصحراء لمساعدتها في مواجهة هذا التحدي على أن يكون هذا الدعم وفق آليات واضحة قابلة للتنفيذ


تعليقات الموقع